مجاوزة الحد.. لا تبالغ بردة فعلك

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية- يسرى المصري:

لا يريد الشعب السوري “إغاثة مؤقتة”، بل فرص لكسب لقمة العيش وإعادة بناء دولته وحياته بكرامة. ومن الغريب أن نسمع أو نشاهد على مواقع التواصل والمنصات مبالغات كبيرة على مجريات الأحداث.. ونقرأ الأحداث من القسم الفارغ وليس الممتلئ.

وعلى الضفة الأخرى نقول لا نريد إنكاراً للتحديات والصعوبات لكن من دون مجاوزة الحد والعودة إلى حالة “البداوة” وليس المقصود هنا الإقامة في البادية أو الريف (خارج المدن) وإنما “البداوة” ما قبل الإسلام القائمة على العصبية (بكل أنواعها وليس العصبية القبلية فحسب)، وقد يتخلى ابن الريف أو البادية عن عصبياته، وقد يتسم الكثير من سكان المدن بعصبية انتماءاتهم، وهذا ما تعيشه المنطقة العربية في الحضر، فبعض شعوب المنطقة (سواء أكانوا يعيشون في الريف أو المدينة) يتميزون ببداوة الانتماء التي تضيق عن الانتماء للوطن، ولأبنائه بكل أطيافهم، ولكن تغلب الانتماءات الضيقة، ويُختزَل مفهوم الانتماء عند هؤلاء للوطن إلى عصبية الانتماء العرقي أو الديني أو الطائفي أو الإثني أو حتى التحزبي، لتتحول مصلحة “الانتماء” الضيق بأذهان هذه العقليات إلى مصلحة الوطن. هذه الانتماءات العصبية كانت تتميز ببداوتها وتجاوزها الحد، ولا تتعلق بمكان الإقامة أياً كان، وهي لا تقوم على أساس من الوعي والحس الجمعي بالمسؤولية، بل تقوم على أساس مطابق تماماً لركيزة الحمية القبلية، باعتبار الانتماء القبلي هو الأساس في التعامل مع الآخر، وهذا ما تحاول الدول المعادية الخبيثة تكريسه من جديد عبر المنصات الإلكترونية والذباب الإلكتروني الذي يروج للطائفية والتحزب الأعمى.

سوريا كانت على صفيح نار ونالت منها الأزمات وثمة من يحاول نشر الخوف والإيحاء بأن ثمة فتناً أهلية أو طائفية تحت الركام بفعل مؤامرات خبيئة وللأسف تجد أحياناً من ينساق إليها بحالة البداوة بانقياد أعمى وتعصب جاهل.. ولا يستطع أن يرى حقائق الأمور بأن مصلحة الشعب السوري في وحدته وتماسكه ومحبته لبعضه البعض ومازال الوقت متاحاً ليضع الجميع جهدهم.. ويأكلوا من خيرات البلاد وثمارها ولا يسمحون لأعدائهم بحرق القلوب وحصد الحسرات والخيبات..

سوريا رغم الظروف الصعبة والأزمات والتي لا تكاد دولة تخلو من تأثرها تحتاج أن نضع أيدينا على ضمائرنا ونلملم همومنا ومتاعبنا ونضمد جراحنا.. ونخفف الشحن وإثارة الفتن ونقول كلمات الصدق ونتعامل بمحبة ومودة وحنان ..وعندها تتوسع الآفاق والرؤية وتشهد مساراً إيجابياً يتيح استمراره فرصة العيش في سلام.

ورغم إن 16 مليون شخص، أي ما يعادل سبعة من كل عشرة سوريين، غالبيتهم من النساء والأطفال يحتاجون للمساعدة، فإن هنالك من يبذلون قصارى جهدهم بالموارد المتاحة، إلا أن هناك نقصاً فادحاً في التمويل، وقد شرعت الحكومة السورية الجديدة في جهود دولية لإعادة دمج البلاد في النظام المالي العالمي، بما يضمن دعم اقتصاد البلاد، وتهيئة المناخ المناسب لملف إعادة الإعمار.

ويدرس صندوق النقد والبنك الدولي للإنشاء والتعمير حالياً تقديم منح بمئات الملايين من الدولارات لتحسين شبكة الكهرباء في سوريا ودعم القطاع العام، ودفع رواتب الموظفين، ما يمثل خطوة مهمة نحو إعادة بناء البنية التحتية الحيوية للبلاد.

ويترقب المستثمرون خطوات لإعادة دعم سوريا.
وتقول مصادر موثوقة؛ لدى سوريا حقوق سحب خاصة بقيمة 563 مليون دولار في صندوق النقد باعتبارها دولة عضواً ومساهمة، لكن استخدام هذه الحقوق لعمليات البيع يتطلب موافقة أعضاء الصندوق الذين يمتلكون 85% من إجمالي الأصوات، ولإتمام عملية التحويل، لا بد من قرار استثنائي بتعليق العقوبات من برامج الصندوق، لمكافحة الفقر والجوع وللتعمير في البلاد.
وفي الواقع سورية بلد مبارك ولن ننتظر رفع العقوبات.. وقريباً سيتم استكمال دوران العجلة الاقتصادية ولو بحدود معينة.

الوسوم:
Leave a Comment
آخر الأخبار