الحرية – وليد الزعبي:
شكّل موقع “سحر” المكتشف ضمن منطقة اللجاة بمحافظة درعا عام ١٩٨٩ مفتاحاً لمعرفة مجموعة من المنحوتات الأثرية المهمة في جنوب سورية.
وأوضح مدير متحف درعا الآثاري وائل كيوان في تصريح لصحيفة “الحرية” أن “سحر” تقع في الجهة الشمالية الشرقية من منطقة اللجاة، جنوب شرق بلدة المسمية بحوالي ٦ كم، لافتاً إلى أن المنطقة الواقعة بين “سحر” و”المسمية” هي مساحات واسعة من الحمم البركانية حيث يبرز البازلت في كل مكان.
وأشار إلى أنّ فكرة مشروع دراسة منحوتات “سحر” بدأت في عام ١٩٨٩ عندما تمّ العثور على عدد من أجزاء منحوتات من الموقع بعد أن تمّ نقلها إلى مستودعات دائرة الآثار في درعا، وتركز التنقيب من البعثة المحلية المشكلة حينها على أعمال الكشف عن المعبد، حيث تم العثور على العديد من أجزاء المنحوتات في المعبد وفي محيطه، علماً أنّ العمل كان مجهداً أثناء محاولة الجمع بين القطع الملتقطة.
وبيّن مدير المتحف أن عدد القطع المكتشفة وصل إلى أكثر من ٣ آلاف قطعة أثرية منحوتة، تمثل أجزاء من المنحوتات الحجرية البازلتية التي تعود للمنصة أو أجزاء من ديكورات معمارية تعود للمعبد، وتتفاوت القطع في حجومها ما بين عدة سنتيمترات والمتر أو أكثر، وبالنسبة لمنصة “سحر” وضع على الجهة الشرقية لها ٧ من الخيالة على الأحصنة بأحجام وأشكال مختلفة (قريبة جداً من الحجم الطبيعي)، وخلف الخيالة يوجد فارس يمتطي حصاناً أكبر من الفرسان في الأمام ومن الحجم الطبيعي أيضاً، وعلى الزوايا نُصب تمثالان لربة النصر فيكتوريا (Victory) مرفوعان عالياً على أعمدة، أما الجهة الغربية فتضمنت أسدين يجران عربة ذات دولابين تحمل على متنها تمثالين بالحجم الطبيعي تقريباً، يمثل أحدهما الربة أثينا (اللات بالعربية) والثاني غير معروف ربما زيوس (ذو الشرى)، وإلى اليسار توجد عربة أخرى غير معروفة الحيوانات التي تجرها والتماثيل التي تحملها، وفي الزوايا أيضاً توجد تماثيل لفيكتوريا مرفوعة على أعمدة كما في الجهة الشرقية يتقدمها تمثالان لآلهة وثنية غير معروفة.
وذكر أمين المتحف أن مكتشفات موقع سحر اللجاة أعطت مفتاحاً لمعرفة المجموعة النحتية في جنوب سوريا، وكان لها عدد من الدلائل التاريخية المميزة، كوجود كتل حجرية ممثلة بدواليب العربات في مجموعة، وأيضا وجود منحوتات حيوانية مختلفة (أسود- أحصنة – نسور) وكذلك الخيالة الذين يرتدون الجلابية الطويلة ويضعون إزاراً مربوطة تحت الصدر وعباءة ترتد للخلف، وبشكل عام فإن المنحوتات البازلتية في حوران هي ذات طابع محلي وذات خصائص فنية تثبت تطور فن النحت في حوران، وبالرغم من تأثره بالفن الكلاسيكي الهلينستي- الروماني من حيث الشكل العام، لكنه اتسم بصفات وميزات جعلته يتميز عنها وأدى لظهور مفهوم الفن الحوراني البحت.
تجدر الإشارة إلى أنه كان تمّ عرض المنحوتات المكتشفة ضمن منصة في حديقة متحف درعا الوطني حسب التصور لما كانت عليه في معبد سحر اللجاة.