كان مساحات مفقودة واليوم خيرات موعودة.. قطاعنا الزراعي يلقى الاهتمام فهل يتعافى؟

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – محمد فرحة:

في العقدين المنصرمين تم تهميش القطاع الزراعي بشكل لم يسبق له مثيل، وأشغلوا المزارعين بورشات العمل وبالملتقيات في فنادق خمس نجوم، بذريعة أنهم يبحثون عن أفضل السبل لازدهار هذا القطاع، ودائماً ما كانت النتائج عكسية، بدءاً من العام الذي أسموه عام القمح، فكان الأسوأ.

ولم يتوقف الأمر هنا، بل من جراء ذلك، بدأ المزارعون يهجرون الأرض ويتركونها “بوراً”، فكل مستلزماتها كانت تمنح بالقطارة، بدءاً من الأسمدة مروراً بالمشتقات النفطية، وليس آخرها تسعير الشراء.

فجلَّ ما كان يمكن تسميته في تلك الحقبة تدمير أفضل قطاع اقتصادي. ففي الزراعة حضارة وغذاء وازدهار، فدولة الإمارات التي كنا نرسل لها شحنات من القمح يوماً ما، وصلت لاكتفائها الذاتي، وعمدت إلى زراعة واحات ومزارع من القمح، وحفزت مزارعيها ووفرت لهم كل مقومات النجاح، ولم تترك صنفاً من القمح إلا وأجرت عليه المزيد من التجارب البحثية العلمية حتى وصلت إلى المبتغى.

في هذه الأثناء، كنا نحن نجري تجارب بحثية على إنتاج أصناف من الفليفلة والكوسا، ولم يشكُ يوماً مواطن من سوء الكوسا أو الفليفلة المطروحة في الأسواق، في الوقت الذي كان كل الشعب السوري يشكو من قلة مردود وحدة المساحة من القمح.

كان يجب أن تكون العوائق دائماً حافزاً إضافياً، وليست مانعاً وعقبة، ودائماً ما كانت التبريرات جاهزة ومسبقة الصنع عند تراجع الإنتاج ،”المناخ والظروف الجوية”، وهي حقيقة لم تكن بأحسن وضع، وإنما هي سبب من الأسباب،  فلو كان المعنيون البائدون يوفرون للمزارعين احتياجاتهم من أسمدة ومحروقات في الوقت كانت تباع هذه الأخيرة على الطرقات، لما أصيب المزارعون بانتكاسات طيلة العقدين الماضيين.

وبمقارنة اليوم مع الماضي المقيت، نرى أول توجه لحكومة تسيير الأعمال المؤقتة هو النهوض بالقطاع الزراعي، حيث وفّرت له الأسمدة بالدَّين الآجل، وكذلك البذار، ونتحدث هنا عن زراعة القمح مصدر قوة أمننا الغذائي، وبتوفيره يعني لا لاستيراده بالقطع الأجنبي.

هذا ما يجري بكل دقة

رئيس رابطة مصياف الفلاحية فراس حسن في حديثٍ معه بحضور أحد المشرفين الزراعيين “عماد حسن”، أوضح أن التوجه اليوم ينصب لتقويم العمل الزراعي بكل تفاصيله وهيكليته، فقد كانت الأرقام التي يتداولها المعنيون في الحكومات السابقة غير دقيقة، بدءاً من عمل الوحدات الإرشادية والجمعيات الفلاحية، وهذا إشكال كبير أن تكون الأرقام غير دقيقة، وبالتالي غالباً ما كانت النتائج غير دقيقة وغير صائبة.

وعن الحل، يجيب رئيس رابطة مصياف الفلاحية: نقوم اليوم بعملية المسح والكشف الميداني للتأكد من صحة هذه الأرقام، وما إن كانت المعايير السمادية قد نفذت، لأن في ذلك الوصول إلى نتائج مرضية ودقيقة.

وتطرق إلى أنهم سيقومون بمطابقة حسابات الجمعيات الفلاحية في المصارف الزراعية مع سجلاتهم، زد على ذلك  سيقومون بإحصاء الثروة الحيوانية ميدانياً للتأكد من صحة أرقامها والوصول إلى أرقام حقيقية. “انتهى كلام رئيس رابطة مصياف الفلاحية”.

النهوض بالقطاع الزراعي اليوم رغم التحديات لاشك يستحق التقدير، في هذه الأثناء تؤكد كل التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية، أن الأثر الأبرز لتغيّر المناخ سيكون في ازدياد الجفاف، وبالتالي الانخفاض في إمدادات المياه العذبة وغير العذبة، ولاسيما أننا من الدول الواقعة في نطاق المناطق الأشد تأثراً.

ولتجنب الفقر المائي والذي حدّد الخبراء  المختصون أنه سيبلغ ذروته هذا العام ٢٠٢٥ وفقاً لتقرير حذرت فيه اليابان من ذلك الواقع. من هنا نرى ضرورة التركيز على مشروع الري الحديث، وهو الذي كان مجرد سيمفونية ترددها الحكومات السابقة من جهة، وتضع العراقيل أمامها من جهة ثانية بطرق وأشكال مختلفة  كغياب التمويل مثال.

ومع كل هذا وذاك، نرى ونسمع اليوم كيف تجري الأمور للنهوض بقطاعنا الزراعي، والعمل على جعل العوائق حافزاً وليست عائقاً، فنأمل أن تكلل كافة الجهود بالنجاح وأن تؤتي ثمارها بإنتاج وفير من القمح ومن كل الزراعات.

Leave a Comment
آخر الأخبار