والرماحُ نواهلٌ

مدة القراءة 2 دقيقة/دقائق

الحرية – علي الرّاعي:
“ولقد ذكرتكِ والرماحُ نواهلٌ
مني وبيضُ الهندِ تُقطرُ من دمي‌‏
فوددتُ تقبيلَ السيوفِ لأنها‌‏
لمعتْ كبارقِ ثغركِ المُتبسم‌‏”
كثيراً ما يقف المرء طويلاً متأملاً، أمام وصف عنترة العبسي، الشاعر العربي الذي ظهر من أبٍ زعيمٍ لقبيلةٍ عربية، ومن أمّ “أمة حبشية” ورثتّه لونها،‌‏ فكان حظهُ في البداية النبذ، إلى أن أعادَ حقوقه بأمرين اثنين: قوةٌ بدنية، وبلاغةٌ شعرية فكان الشاعر الفارس، فمن خلال قوةٍ إبداعية تميزت بشعرٍ غاية في الجمال يُشبه صاحبه في جمعه الرقة والقوة معاً، شعرٌ؛ تحميه فروسيةٌ بدنية، ومن ثمّ كان؛ على مدى الأيام كان هذان الدافعان “الحب والحرب” من أشدِّ بواعث الكتابة، وأن تنوّع حضورهما بأشكالٍ كثيرة.. تبدأ من الفرح بالحب، أو الحزن من الحرب اللذين كانا المحرضين لكتابة النص عند المبدع.‌‏
الحب والحرب، ثمة الكثير من الحروف تجمع بين المفردتين، وثمة الكثير أيضاً، ما يجعل المفردتين على طرفي نقيض، ومع ذلك، فإنّ التصريحات، أو ما تقوله السير الشخصية وترويه؛ أنّ الكثير من المبدعين لولا الحب، أو الحرب، ربما لما يكتب شيئاً له قيمة.‌‏
لكن لنقف قليلاً عند الأبيات الشعرية السابقة لعنترة، التي لاتزال خالدةً منذ ما يُقارب من ألفي سنة، هل كان لدى هذا الفارس الوقت ليُفكّر بلمع السيوف، حتى كاد يُقبلها لأنها ذكرته بثغر حبيبته المُتبسم، وهو يستوحي الشعرَ من قلبِ ساحات الوغى؟! كيف استطاع أن يجمع المتناقضين في تركيبٍ بصريٍّ مدهش، ولا يهمُّ هنا مدى صدق الرجل في تلك الحالة، حيث في وطيس المعركة ثمة ما يذكره بثغر الحبيبة، وبصورةٍ حميميةٍ، أقرب لأن تكون “إيروتيكية”، والسؤال: كيف للشاعر العاشق الرقيق المرهف، أن يصولَ بالسيف ويحزَّ الرؤوسَ، ويجمعُ كلَّ ذلك في مشهدٍ بصريٍّ واحد؟!.. فما يهم؛ هو النتاج الإبداعي الذي بقي ظاهراً كوشمٍ في الذاكرة، أو كوشم ظاهرٍ على خد بدوية، أو في ظاهر كفها.‌‏

Leave a Comment
آخر الأخبار