الحرية- علاء الدين اسماعيل:
تقع قرية الغدفة في محافظة إدلب شمال سورية شرق معرة النعمان بحوالي 10 كلم، حيث يكثر فيها الزيتون والتين والعنب، وتعتمد على الزراعة البعلية في زراعة الحبوب.
وتتمتع الغدفة بموقع متميز حيث تتوسط مجموعة من القرى، فمن الغرب تحدها معرشورين ومن الجنوب جرجناز ومن الشمال معصران ومن الشرق قرية أبو دفنة.
وكلمة الغدفة هي كلمة عربية تعني الستار أو حجاب الرأس عند المرأة.
تضمُّ القرية الكثير من الآثار التاريخية العائدة إلى العصر الروماني والبيزنطي، وقد أُسِّست القرية في طورها الحديث قبل 160 عام تقريباً.
وتصنف في جغرافيا الأرض شبه الجافة وذلك لقلة المصادر المائية فيها.
تحتوي القرية على العديد من الآثار التي تعود للفترة الرومانية والبيزنطية، اندثر الكثير منها نتيجة أعمال البناء العشوائي فوقها من قبل السكان، وبالرغم من ذلك مازالت القرية تحوي معالم أثرية مهمة سوف نقوم بالتعرف عليها وهي:
- قصر النبي أو ما يعرف بـ «مدفن إرميا»، وهو من أنبياء بني إسرائيل وبعضهم قال إنه من عباد بني إسرائيل من دون وجود دليل دامغ على ذلك، المدفن نحت في الصخر ويستند سقفه على أقواس حجرية وقناطر
- القصر العريض الذي يعود إلى الفترات الرومانية والبيزنطية وتبلغ مساحته 30×20 م، وبعض جدرانه مازالت قائمة إلى اليوم.
- قصر الشيخ رضوان حيث يشاع أنه كان من الأولياء, وتحت القصر يوجد مدفن على عمق 3 أمتار وبمساحة تقدر بـ /12/ متراً مربعاً/.
- وإلى الشرق من القرية بحوالي 1 كم توجد مدينة أثرية كاملة تسمى حيزر، وتحتوي على آثار قلعة مهدمة وآثار كنيسة.
يعمل أغلب سكان القرية بالزراعة ويعتمدون على الزراعة البعلية لقلة المصادر المائية فيها وتعد الزراعة مصدر الدخل الأول لسكانها, ومن أهم الزراعات زراعة الحبوب كالقمح والشعير والعدس والكمون وحبة البركة, كما تشتهر بزراعة الزيتون بكثرة حيث يعد الزيتون من مصادر الدخل الهامة لسكان القرية, إضافة إلى زراعة العنب والتين والفستق الحلبي.
التطور الحضاري والصناعي الذي شهدته القرية أثر كثيراً على تربية المواشي في القرية، حيث تكاد تخلو القرية الآن من المواشي باستثناء بعض السكان الذين ما زالوا يقومون بتربية الأبقار والأغنام والماعز، كما يهتم قسم من سكان القرية بتربية الدواجن إضافةً إلى اهتمام قسم آخر منهم بتربية النحل.
تعدّ قرية الغدفة من أهم المناطق الصناعية في محافظة إدلب نظراً للتطور الاجتماعي والحضاري الذي شهدته في السنوات الأخيرة حيث تعد من الريف المتمدن, تشتهر القرية بصناعة الحصر البلاستيكية والبرادات والغسالات المنزلية وصناعة الخراطيم وسيف الجلي ومعامل الإسفنج إضافةً إلى مقصات الإسفنج المنتشرة بكثرة في القرية.
عدد سكان القرية أكثر من 15 ألف نسمة يعمل أغلبهم في الزراعة والتجارة والصناعة.
انخرطت قرية الغدفة في الثورة السورية منذ البدايات وقدمت الكثير من أبنائها شهداء خلال التظاهرات السلمية، حيث كان يخرج أبناؤها للتظاهر في مدينة معرة النعمان.
احتلتها قوات نظام الأسد البائد بتاريخ 26/1/2020، ليبدأ سكان القرية رحلة نزوح جديدة إلى المخيمات المنتشرة قرب الحدود السورية – التركية تاركين خلفهم بيوتهم وأرضهم ومصادر رزقهم.
وحولت قوات نظام الأسد البائد قرية الغدفة إلى تجمع كبير لهم، وأنشأت فيها معسكراً كبيراً لتدريب عناصر الفرقة 25، بقيادة المجرم سهيل الحسن، الذي بدأ بتدريب عناصره على استهداف منازلها واعتبارها حقلَ رمي وتجاربَ لأسلحته، وأكثر من ذلك أيضاً قاموا بتدمير القرية كاملةً وهدم أسقف بيوتها ومدارسها ومساجدها وحتى خزان المياه الوحيد، وسرقة الحديد منها بعد تعفيش أثاث المنازل.
تحررت قرية الغدفة بتاريخ 29/11/2024 ضمن عملية ردع العدوان التي أطلقتها إدارة العمليات العسكرية.
تعاني بلدة الغدفة في ريف معرة النعمان من دمار شبه كامل نتيجة قصف النظام البائد، حتى أصبحت المنازل فيها غير صالحة للسكن بعد أن دُمرت أسطحها بالكامل، في حين تلاشت مقومات الحياة الأساسية بسبب انهيار البنية التحتية بشكل كامل.
ولا توجد في البلدة أيُّ مصادر للمياه بعد تدمير الخزانات، كما أن شبكات الكهرباء والصرف الصحي خرجت عن الخدمة تماماً.
هذا الدمار الواسع حال دون عودة النازحين إلى منازلهم، حيث أصبحت البلدة غير قابلة للحياة.
ويطالب الأهالي المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي بالتدخل لوقف معاناة السكان وتأمين الظروف الملائمة لعودتهم إلى ديارهم.