الحرية- حسام قره باش:
اتجهت أكثر من 60 دولة حول العالم إلى تطبيق تجرية تدعيم الخبز كالولايات الأمريكية وأوروبا والسعودية ومصر والإمارات والأردن وغيرهم، بناءّ على توصيات منظمة الصحة العالمية واليونيسيف وبرنامج الغذاء العالمي بضرورة تعزيز الأغذية بالحديد والعناصر الغذائية، ووفقاً لتصنيف منظمة الصحة العالمية فإن ارتفاع نسبة أنيميا نقص الحديد عن 40%، تعتبر مشكلة صحية عامة تستدعي التدخل كون التأثير السيء لانخفاض معدلات الحديد في الجسم ينسحب على كافة المستويات الصحية والتعليمية والتنموية والإنتاجية، ما جعل علماء الصحة والتغذية وحتى الاقتصاد يرفعون الصوت باعتبارها مشكلة ذات أولوية تحتاج لحل سريع.
وخلال العام الفائت شاركت المؤسسة السورية للمخابز في اجتماع عَمان بالأردن حول تدعيم الخبز بالحديد وإضافته للدقيق بنسب معينة بهدف تحسين الصفات الغذائية والصحية في رغيف الخبز الذي يتناوله المواطن السوري، ولا ندري بعدها لما صار الموضوع طي النسيان رغم أهميته البالغة.
غير مكتمل
الخبير في دراسات الجدوى والاقتصاد الزراعي المهندس حسام قصار، أكد في حديثه لصحيفة “الحرية” أن الخبز المصنوع لدينا ليس مكتمل القيمة الغذائية، لكنه مقبول صحياً وغذائياً وبإضافة بعض العناصر له كالبروتينات أو المعادن كالحديد يصبح أفضل بكثير أسوة بإضافة اليود إلى ملح الطعام.
وأضاف بان الكثير من دول العالم تدعم الخبز بإضافة البروتين إليه من خلال طحن حبوب القمح وبذور بعض البقوليات أو بذور النجيليات كالشعير أو الذرة أو الدخن، وبعض البلدان تضيف للقمح بعض أنواع الطحالب مثل (السبيرولينا) لزيادة محتواه من البروتينات أو العناصر المعدنية بما فيها الحديد واليود وغيرها.
الدخن والخبز
في هذا السياق، يشير قصار إلى وجود دراسة في 2022 لزراعة الدخن كمحصول علفي للدواجن بديلاً عن الذرة الصفراء من خلال إعلان وزارة الزراعة عن نيتها توفير بدائل غذائية للدواجن لخفض تكاليف الإنتاج والاستغناء عن استيراد الأعلاف لارتفاع أسعارها وصعوبة تأمينها وانعكاس ذلك على أسعار منتجات الدجاج والبيض.
ومن المعلوم أن نبات الدخن يتميز بغناه بالفيتامينات (مجموعة الفيتامين ب) أكثر من القمح وكذلك الألياف والمعادن (كالحديد والفوسفور والمغنزيوم) وخلوه من الغلوتين الموجود في القمح الذي لا يناسب بعض الأشخاص في غذائهم واعتماده في بلدان عديدة كالدول الإفريقية غذاءً رئيسياً كالخبز وإدخاله من قبل البعض في تصنيع بعض المخبوزات والصناعات الغذائية.
لماذا لا نزرع الدخن؟
وكخبير زراعي بيَّن قصار أن الدخن يزرع عادة في المناطق ذات التربة الفقيرة والظروف المناخية غير المثالية لزراعة القمح والشعير، كالمناطق الجافة وشبه الجافة كونه يتحمل الجفاف أكثر من بقية المحاصيل، مشيراً إلى زراعته في المناطق الشرقية والشمالية الشرقية كالحسكة والرقة ودير الزور بكميات صغيرة كمحصول ثانوي، مبيناً أن زراعة الدخن تستغرق حسب نوعه حوالي 60 يوماً من أول حزيران إلى آخر تموز، وتتراوح كمية البذار لزراعة الدونم الواحد من الدخن ما بين 2-4 كغ، وتختلف إنتاجيته حسب الظروف المناخية وطريقة زراعته بحيث يتراوح المردود ما بين 200-500 كغ في الدونم.
جدواه الاقتصادية
يرى قصار بأن تكاليف زراعة الدونم الواحد من الدخن، تختلف من منطقة لأخرى ومن صنف لآخر وحسب نوع الزراعة (تقليدية أو حديثة) وتباينها في سورية بسبب اختلاف أسعار الأراضي والمستلزمات الزراعية وتبعاً لتكاليف الري والمحروقات والأسمدة والمبيدات وأجور العمالة الزراعية، وبالتالي يقدر إجمالي تكاليف زراعة الدونم من الدخن في سورية من 1,5- 3 مليون ليرة، وهي بذلك أقل تكلفة من زراعة دونم القمح كونه أقل احتياجاً للأسمدة وقلة الري وتكاليف المياه ومقاومته للأمراض مما يقلل الحاجة لاستخدام المبيدات.
وبالنسبة للجدوى الاقتصادية للدخن فالأمر يتعلق بأسعار بيعه في الأسواق والأرباح المترتبة عليه مقارنة بالتكاليف، ونظراً لكونه لم يزرع إلا على نطاق محدود في بلدنا فلا يمكن تقييم زراعته اقتصادياً بشكل دقيق.
تجربة جيدة ولكن ..!
وفي سياق متصل، يجد قصار أنه بالإمكان إضافة الدخن إلى القمح بعدة طرق كطحن حبوبه واستخدام الدقيق الناتج بنسبة محددة مع دقيق القمح لصنع الخبز وبالتالي تدعيمه بعناصر غذائية إضافية جيدة وإن كانت النسبة تعتمد على النوع المطلوب من الخبز والتفضيلات الشخصية أو إضافة حبوب الدخن كاملة إلى عجين الخبز، والمستحسن تجربته بنسب مختلفة من الدخن والقمح للوصول إلى مزيج أفضل من الطعم والقيمة الغذائية.
ويلخص قصار القول: أنه بشكل عام، إضافة الدخن إلى القمح وسيلة جيدة لتعزيز القيمة الغذائية للخبز وتحسين الصحة العامة، إنما سيترتب على ذلك ارتفاع في تكاليف إنتاج الخبز وزيادة السعر على المستهلك.