الحرية- يسرى المصري:
برسم القمة العربية.. سوريا أمانة في أعناقكم.. يبدو المشهد واضحاً ولا يحتاج إلى الشرح والتفسير.. فإسرائيل وبعض الدول التي تكره الاستقرار والأمان لهذا البلد الطيب تقوم بغرس أنيابها في الجسد السوري لتمزيقه وتقطيعه وتضغط باتجاه عدم رفع العقوبات ومنع المساعدات عن الشعب السوري وزرع الفتن وتتعامل بجنون وخوف هستيري من فكرة قيام دولة سورية مستقرة وقوية بالقرب من كيانها .
ومؤخراً باتت إسرائيل تلعب على الوتر الطائفي وتحاول استخدامه لمصلحتها وهي إذا بدأت بهذا المشروع في سوريا فلن تنتهي إلّا بتفتيت المنطقة العربية كلها ولا يوجد استثناء، فخريطة إسرائيل الكبرى لم تعد خافية على أحد ..
ولعلّ ظاهرة الوقاحة السياسية التي تميز قادة الكيان الإسرائيلي باتت الطابع الغالب لتصريحات نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس لكنها بلغت مبلغاً غير متوقع مع صدور تعليمات للجيش الإسرائيلي المرتكب للإبادة الجماعية في غزة بحماية ” سكان جرمانا “، جنوب دمشق..هذا الإعلان الذي يحمل خطراً حقيقياً عبر بث مشروع لتخريب المنطقة والأمن القومي العربي في غزة ولبنان وسوريا ، وتتسق التهديدات الإسرائيلية بالإمعان في انتهاك السيادة السورية، مع الخطط التوسعية التي تباشرها إسرائيل على طول حدودها مع سوريا، خصوصاً بعد الكشف عن تشييد سبع قواعد عسكرية من جبل الشيخ شمالاً إلى غاية الحدود الجنوبية.
والمكائد الإسرائيلية تاريخ طويل من الكذب والافتراءات والفتن ولا نبالغ أن الفوضى والأزمات غالباً ما تتم بتوقيع إسرائيلي..
والدليل المخطط الإسرائيلي المعلن والقائم على تفتيت الدول المحيطة بالاحتلال إلى كيانات طائفية مذهبية تشبه دولة إسرائيل، لكن وعي الشعب السوري بكل أطيافه كان ولا يزال يشكل ردعاً قوياً لاتجرؤ إسرائيل على تجاوزه وإلّا انقلب السحر على الساحر، ففي غياب الدولة تكون الكيانات والمجموعات المسلحة والعصابات الخارجة عن القانون والسيطرة مسرحاً للصراعات والمهاترات والمكائد.. ولن يتحقق السلام والأمن لأي جهة أو طائفة أو مكون اجتماعي.
والطائفة الدرزية في سوريا كانت ومازالت وستبقى بعيدة عن تحقيق هذه الأوهام الإسرائيلية، ولا يمكن قياس الدروز كأقلية في سوريا، بل هم في نظر السوريين أكثرية في تاريخهم ودورهم في بناء دولتهم .
والمسؤولية كبيرة وليست سهلة على القادة العرب في القمة العربية التي تنعقد اليوم في القاهرة الطارئة التي تناقش إعادة إعمار قطاع غزة ولاشك في أن سوريا بوضعها الراهن ليست ببعيدة عن مشروع عربي لأعمار وإنقاذ سوريا، والحفاظ على وحدة أراضيها واستقرارها، وتفويت الفرصة على الاحتلال والمخططات المعلنة والمخفية في تحقيق الفوضى في هذه الدولة المحورية التي يشكل استقرارها فرصة لازدهار المنطقة العربية والإقليمية، وعكس ذلك يشكل زلزالاً مدمراً ليس له ميزان ..
والسوريون اليوم يخوضون المعترك السياسي والاقتصادي ولديهم كامل الوعي بما يحاك لهم، ولديهم العزيمة بالنهوض والعمل العربي المشترك والتعاون مع دول المنطقة لنهضة كبيرة بعيداً عن الإرهاب والحروب والصراعات.. ، وهو ما رأيناه في الحوار الوطني، والمزاج الشعبي العام والرؤى السياسية .. فالكل يرفض المنطق الطائفي على أي صعيد .
ويمثل الإعلان مؤخراً عن تشكيل اللجنة الدستورية قاعدة نحو الاستقرار السياسي والاقتصادي والمجتمعي انطلاقاً من تطلعات الشعب السوري في بناء دولته على أسس سيادة القانون وبناء على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
وكانت مسألة صياغة دستور جديد لسوريا من أبرز الملفات التي تمت مناقشتها في مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي عقد الأسبوع الماضي في دمشق.
وبحسب خلاصة النقاشات ينتظر أن يشمل الدستور المقترح تكريس سيادة القانون والحريات العامة والمواطنة كأساس لعقد اجتماعي جديد، وكذلك البرلمان ودوره فضلاً عن شكل نظام الحكم والعلاقة بين السلطات.
وبالعودة الى القمة العربية التي نتمنى لها النجاح والتوفيق في دعم أهل غزة وفلسطين وحمايتهم من التهجير والفتن والمؤامرات نتطلع إلى تشاركية عربية فاعلة تضع حدّاً للمتربصين والطامعين والمتآمرين على الأمة العربية والإسلامية ودول الجوار والإقليم بما يحقق الرفاهية والازدهار لشعوب المنطقة.