دستورٌ يكفلُ التنوعَ الثقافي واللغوي.. قوةٌ للدولة والمجتمع!

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – جواد ديوب:

تتوافق معظم دول العالم على أنه “ينبغي النظر إلى الثقافة عموماً بوصفها مجمل السمات المميزة الروحية والمادية والفكرية والعاطفية، التي يتصف بها مجتمع أو مجموعة اجتماعية وتشمل الفنونَ والآداب، طرائقَ الحياة، وأساليب العيش معاً، ونظم القيم، والتقاليد، والمعتقدات”.
أحد أسباب ذلك هو أن الثقافة بمفهومها العام ترتبط بمفاهيم أو قضايا مثل الهوية والتماسك الاجتماعي وتنمية الاقتصاد القائم على المعرفة.

سياقٌ عالمي!
ولذلك تُذكِّرنا، دائماً، منظماتُ حقوق الإنسان واليونيسكو بأن “احترام تنوع الثقافات، والتسامح، والحوار، والتعاون، في جوّ من الثقة والتفاهم، هي خير ضمان لتحقيق السلام”، وتدعو المجتمعاتِ في أنحاء العالم إلى التقيد بمواد “الإعلان العالمي لحقوق التنوع الثقافي” ومنها المادة الرابعة بعنوان (حقوق الإنسان بوصفها ضماناً للتنوع الثقافي) حيث تقولُ هذه المادة: إن “الدفاع عن التنوع الثقافي واجبٌ أخلاقي لا ينفصل عن احترام كرامة الأشخاص، فهو يفترض الالتزام باحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وخاصة حقوق الأشخاص المنتمين إلى ما سمي (أقليات) أي المكونات المنتمين إلى جماعات السكان الأصليين، ولا يجوز لأحد أن يستند إلى التنوع الثقافي لكي ينتهك حقوق الإنسان التي يضمنها القانون الدولي أو لكي يحدّ من نطاقها”.

في السياق المحلي!
ولعل إدراكَ المشرّعين السوريين لأهمية ذلك في بناء دولة سورية قوية بتنوعها وبعدالة تشريعاتها، واستمراراً للسياق الدولي وحقوق الإنسان المنصوص عليها في تلك المواثيق العالمية؛ جعلهم يعملون على تحديد البند الثالث من المادة السابعة في الدستور السوري الجديد بما يلي:
” تكفلُ الدولة التنوع الثقافي للمجتمع السوري بجميع مكوناته، والحقوق الثقافية واللغوية لجميع السوريين”.
صحيفة (الحرية) سألت الباحث في قضايا التراث السوري محمد فيّاض الفياض عن أهمية أن يتضمن الدستور الجديد مثل هذا البند؛ وكيف يمكن أن يضمن ذلك التنوعَ الثقافي السوري، فقال لنا:
“من الجميلِ أنْ يتضمن الدستور الجديد للجمهورية العربية السورية مادة تتعلق بالتنوع الثَّقافي للمجتمع السوري بجميعِ مكوناتهِ وكذلك الحقوق الثقافية واللغوية. إذ لا بد أنَّ يتناسب الدستور الجديد بموادهِ ومفرداتهِ مع تطلعات الجماهير وحاجة الوطن والحقوق المدنية لكلِ أطيافهِ، وعندما نتحدثُ عن التنوع الثَّقافي أو التوزع الديمغرافي للسكان لابد أن نحرص من خلال هذا الدستور على الرواسب الثقافية لهذا المجتمع أو ذاك من حيث العادات والتقاليد، بإلإضافة إلى الطقوس المرتبطة بفنون الأداء لكل مُكونٍ من مكوناتِ الشعب السوري”.

اللغة الأم وأخواتها!
الأستاذ الفياض ينوّه إلى أهمية قضية اللغة المرتبطة بثقافةِ الشعب والذي يعتبرها الجميع الهوية الأم ومصدر الثراء للعادات والتقاليد والطقوس الملتصقة بهذا المجتمع أو ذاك، ويشير إلى أنه  “لا بد لنا من تحديد لغة الدولة “الأم” والمتعلقة بسياسة التعليم والتعلم والمراسلات الرسمية ألا وهي “اللغة العربية” لكن مع ضمانة حقوق الفئات الأخرى في ممارسة مفردات لغتهم في الطريقة المُثلى الذي حددها الدستور، وهنا لا بد من الإشارة إلى نقطة مهمة تتعلق بالمخزون الثقافي لكل فئة من فئاتِ المجتمع السوري والتي ذكرت تحت بند “التنوع الثقافي” إذ نرى بأنَّ الحقوق المرتبطة بالأقليات يجب أن تحترم وفق استراتيجيات ورغبات هذه الفئات والناس، ويضمن تطبيقها الدستور والقانون وفق آليات يتم تحقيقها بما يتناسب مع طقوسهم وحقوقهم.”

قابلية التعديل!
ويختم الفياض تصريحه لنا بتأكيده على أن “الدستور ليس وثيقة منزلة، بل يجب أن يكون قابلاً للنقاش والتعديل وفق حالات تطور المجتمع لمواكبة روح العصر، وهذا الدستور  يرتقي بما يقدمه للمجتمع من خدمات وحقوق، والأجمل من هذا وذاك هو كفالة تحقيق مفردات الدستور بعدالة اجتماعية متساوية يضمنها القانون؛ ويأتي في مقدمة هذه الحقوق: الأمن – حرية التعبير- اللغة – ممارسة الطقوس- الحفاظ على المعارف والمهارات، كل هذه الأشياء كفيلة باستدامة هذه المجتمعات البشرية.. والدستور وثيقة تضمن الحياة الكريمة للجميع في إطار القانون، واحترام الدستور جزء من قوته.”

Leave a Comment
آخر الأخبار