الحرية- حسام قره باش:
من البديهي أن تثير اليوم ظاهرة بيع اللحوم المجمدة المنتشرة في الأسواق القلق والتساؤل عن ماهيتها ومصدرها وهل هي مهربة أم مستوردة بشكل نظامي؟ بعد أن صارت تباع على البسطات ومرأى من مديريات حماية المستهلك وعلى عينك يا تاجر.
رئيس الجمعية الحرفية للحامين في دمشق معتز العيسى، أوضح في تصريحه لـ”الحرية” أنه منذ عدة أسابيع جرى مخاطبة المعنيين بخطورة دخول هذه اللحوم وأثرها السلبي على المنتَج الوطني، ووُعدوا من الوزارة بمنع اللحوم المجمدة من الفروج وحتى المعلبات (كالمرتديلا والطون)، وإيقاف التجار عن استيرادها بعد انتهاء العقود الآجلة المبرمة إلا أنها لا تزال للآن تضخ في الأسواق بكثرة، مؤكداً عدم وجود أي تجاوب لحل المشكلة مع أنها تؤثر سلباً في المنتَج المحلي.
بضاعة رديئة
وعدها بضاعة رديئة من يشتريها أول مرة لن يكررها ثانية، كونها إما فاسدة أو منتهية الصلاحية أو مهربة، وقد تكون مجهولة المصدر والمنشأ أو غير صالحة للاستهلاك البشري أم مخصصة طعاماً للحيوانات والأسماك، ومن مسؤولية المعنيين في وزارة التجارة الداخلية والزراعة التأكد منها وتبيان حقيقتها.
وقال: بعض من جربها تأذى منها والمواطن يضطر إلى شرائها لرخصها، ونحن لا نعرف مصدر هذه اللحوم المجمدة التي لا تزال غامضة بالنسبة لنا وهل هي من مصدر تركي أم أوكراني أو منتج جديد أم منتهي الصلاحية، حيث من الواضح أن سوء تخزينها وعرضها للبيع مكشوفة ومعرضة للتلوث يزيد من سوئها خاصة مع وضعها على البسطات والعربات.
وتابع: نحن بالأصل عند تقطيع الفروج ووضعه بالثلاجة لساعتين فقط، يفقد بعضاً من طعمه الطازج، فكيف الحال مع اللحوم المجمدة التي لا نعرف فترة تجميدها.
وأضاف: الشركات في الخارج تخزن الفائض لديها في البرادات حتى لا يخسر المنتج وتحافظ على السعر، وقبيل انتهاء مدته تطرحه للبيع عند نقص الإنتاج وإذا استمر الإنتاج جيداً تعطيه لمزارع الأسماك وربما يكون هذا ما يتم جلبه إلينا إما بالتهريب أو الاستيراد.
ومن زاوية أخرى، بيَّن العيسى الفوارق بين الفروج المجمد والمحلي، فمن خلال النظر يبدو المجمد لونه أصفر باهت وعظامه ذات لون أسود ويصبح لحمه عند الطهو أسود أيضاً في حين الفروج المنتج محلياً يبقى أبيض اللون لحمه وعظامه، وكذلك الأمر (للكبدة والفخاذ) المجمدة ذات لون غير طبيعي ما يؤكد تجميدها لفترة طويلة.
وينصح المواطنين باستهلاك اللحوم المحلية لأن طعمها أطيب من المجمدة وفائدتها أكبر وأسعارها متقاربة، وعلى المواطن المقارنة ين اللحوم المجمدة والمحلية من ناحية المأكل ليكتشف الفارق بينها لا السعر فقط.
تقديم الموثوق
وكرئيس للجمعية طلب الابتعاد عن المجمدة والمعلبة المهربة أو المستوردة، مبيناً أن الواردات إذا كانت أكثر من الصادرات ليس أفضل لاقتصادنا الوطني، ولو استوردت الحكومة الذرة والصويا، فسيعطي المنتجين لحوماً بيضاء وحمراء أفضل بكثير من استيراد اللحوم الجاهزة غير الجيدة التي يجب إتلافها.
وأكمل العيسى تصريحه لـ”الحرية” بأنه ينبغي اليوم حماية المستهلك والمربي معاً ودعم المنتج المحلي ليكون بديل المجمد المهرب وبالتالي نشجع المربين على الاستمرار والإنتاج وبالوقت نفسه نقدم شيئاً موثوقاً للمستهلك أفضل من بضاعة سيئة مكانها المهملات، مؤكداً أن المربين ما زالوا يكافحون وينتجون ويوزعون إنتاجهم بشكل بطيء ما جعل المحلي بسعر المجمد.
وحول مدى تأثير هذه اللحوم الغريبة على أسواقنا، أكد أنها تركت أثراً سلبياً على اللحوم المنتجة محلياً وخسارة المربين بالفترة الماضية، آملين بمنع دخول اللحوم المجمدة المستوردة أو المهربة ومكافحتها بفرض ضرائب مرتفعة عليها وعلى أمل أن تعوض الأفواج القادمة من الفروج خسائرهم، مشيراً إلى التوقع بأن تكون الأسعار في رمضان أفضل لكن ذلك لم يحصل حيث ما زال اليوم تكلفة الفروج في المدجنة 22 ألف ليرة.
اللحوم الحمراء
وبالنسبة للحوم الحمراء التي انخفضت أسعارها عقب التحرير ولا تزال محافظة على سعرها، حيث يتراوح سعر الكيلو من لحم الغنم من 120-130 ألف ليرة ولحم العجل من 90-100 ألف ليرة وهذه أسعارها مقبولة نوعاً ما للمستهلك والمنتِج.
وأضاف: لا نستطيع تقدير الكميات الداخلة إلى بلدنا من اللحوم المجمدة كونها تدخل بشكل عشوائي وبكميات كبيرة، وليس صحيحاً من يقول أنه لولا الفروج المجمد لوصل سعر كيلو الفروج المحلي إلى 40 ألف ليرة رغم أن المجمد جعل المربي يخرج من العمل ويقل إنتاجه.
ونوه إلى أن الموضوع يجب أن يكون محط اهتمام الحكومة بحيث تضع نسبة وتناسب بين الإنتاج المحلي والمستورد لأن إنتاجنا المحلي من الفروج جيد ودمشق وحدها قبل دخول المجمد كانت تنتج حوالي 300 طن من لحم الفروج فقلَّ هذا الإنتاج كثيراً بسبب المجمد.
مضاربة
وأشار إلى أنه لم يحصل إغلاق محلات لكن بالمجمل يتمنى المربون منع دخول المجمد للبلد لأن بعضهم يبيع بخسارة بسبب مضاربة البسطات والبعض الآخر اتجه لبيع الفروج المجمد بمحله بدل البلدي كون سوقه أفضل وعليه إقبال جيد.
وأبدى العيسى تفاؤله بتشكيل الحكومة الجديدة قريباً على أمل أن تنضبط الأمور، داعياً الحكومة كمطلب للحرفيين بالاهتمام بالإنتاج المحلي وتحديد سعر التكلفة مع هامش ربح بسيط يناسب المستهلك والمنتِج دون الحاجة إلى الاستيراد ومحاربة التهريب من الخارج بحيث لا يخسر المربي.