على ذمة خبيرة.. التسول من المهن المتوارثة.. وعلاجه يتطلب استراتيجيات فعالة

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – إلهام عثمان:

مع تنامي ضغوط الحياة، تبرز ظاهرة التسول كواحدة من أبرز التحديات التي تواجه المجتمعات المعاصرة، فخلف كل يد ممدودة للعون، توجد قصص متنوعة لأبطال مختلفين، من أطفال سُلبت طفولتهم إلى أشخاص تعيقهم ظروفهم الصحية عن كسب لقمة العيش بكرامة،
في المقابل، يختار البعض التسول كأسهل الخيارات للكسب السريع، فهو من وجهة نظرهم “شطارة”، في حين يعتبره آخرون “سوسة” لا يمكنهم التخلي عنها، ما يجعلهم يعتبرونه نمطاً في الحياة.
ما يثير تساؤلات ملحة: كيف يمكن للمجتمعات معالجة هذه الظاهرة بطرق فعالة، وتعزيز فرص العمل؟ وإذا أتيحت فرص حقيقية للتوظيف، هل سيتخلى المتسولون عن ما يعتبرونه “سوسة”؟

أبو حسن رجل ستيني يقف أمام محل البوظة ينتظر المساعدة وقد طبعت السنين على ملاحه التعب والحزن.

آلوسي: تكاليف العلاج المرتفعة تدفع الغالبية للتسول

أما رامي فهو طفل بعمر الورد، يحمل صندوقه الصغير وفيه قطعتان من البسكويت، يركض بكل براءة خلف كل من تقع عليه عيناه ليستوقفهم، وما إن تقف أمامه خجلاً من طفولته الضائعة، حتى تقوم بإعطائه النقود من دون أن النظر إلى ما في جعبته.
في حين تقف س.ق وهي فتاة عشرينية منذ أشهر أمام الميكروباصات، وهي بكامل صحتها لتستعطف المارة.

واقع مؤلم
تتزايد ظاهرة التسول في مجتمعاتنا، مُثيرةً تساؤلات حول أسبابها ومسبباتها. في حوار مع صحيفة “الحرية”، تطرقت المستشارة والخبيرة النفسية والتربوية مجد آلوسي إلى تلك الأسباب التي تجعل التسول واقعاً مؤلماً يعيشه البعض.
تشير آلوسي إلى أن دخول الكثيرين في عالم التسول يعود إلى ارتفاع نسبة الفقر والبطالة، وغلاء المعيشة، حيث يعتبر التسول بالنسبة للبعض تجارة مربحة بدلاً من البحث عن عمل شريف. ومع ذلك، تختلف الأسباب من شخص لآخر؛ فتكاليف العلاج المرتفعة تدفع العديد من الأفراد إلى التسول، بينما يعتبر الإدمان على المخدرات من العوامل التي تسهم في انتشار الظاهرة، كما تعود هذه المشكلة إلى الأمراض النفسية واضطراباتها، أو حتى التقاليد العائلية التي قد تجعل التسول مهنة متوارثة.
وفي صميم هذا الموضوع، تلقي آلوسي الضوء على تأثير الحروب والمجاعات، التي زادت من حالات اللجوء والفقر، ما يجعل التسول خياراً للكثيرين، وفي الوقت نفسه، قد يعتبر البعض هذه الظاهرة سلوكاً عادياً وفرصة للحصول على المال بسهولة.

آليات للحد من الظاهرة
للحد من هذه الظاهرة، تقترح آلوسي عدة آليات ووسائل فعالة، منها: توفير فرص عمل مناسبة للمحتاجين والفقراء، بحيث لا يضطرون إلى التسول، وافتتاح مراكز وجمعيات خيرية تقدم الدعم لهذه الفئات، فرض عقوبات قانونية على المتسولين للحث على الالتزام بالقوانين، توفير الضمان الاجتماعي لكل فرد غير قادر على العمل.

توفير الضمان الاجتماعي لكل فرد غير قادر على العمل

دور الأسرة والمجتمع
للتخلص من ظاهرة التسول، تشدد آلوسي على أهمية دور الأسرة والمجتمع عبر التوعية المستمرة وتنشئة الأطفال بطريقة صحيحة، ما يساعدهم على فهم قيمة العمل وكسب لقمة العيش بكرامة.
إضافة إلى ذلك، تعتبر آثار التسول النفسية على الأفراد تهديداً للمجتمع، إذ تنتهك كرامة الإنسان وتؤثر سلباً على حياته المستقبلية.. لذا، يجب مراعاة هذه الظاهرة بجدية من خلال إطلاق حملات دعم نفسي مستمرة، لتعزيز الثقة في النفس وتوفير الأمان للمتعافين، بعد العلاج السلوكي إذا تطلب الأمر، كما ينبغي نشر ثقافة توعوية حول الآثار السلبية للتسول، ما يجعل الأفراد أكثر وعياً لإيجاد حلول بديلة.

الدين وكرامة الإنسان
وتؤكد آلوسي أن الإسلام يحرص على كرامة الإنسان، ومن هذا المنطلق، يعتبر التسول محرماً في الإسلام بسبب آثاره السلبية على الأفراد والمجتمعات.
ختاماً، تشير آلوسي إلى إمكانية التغلب على هذه الظاهرة من خلال العلاج السلوكي، ووضع خطط علاجية تتضمن تأمين فرص العمل والدعم النفسي، مع ضرورة التوعية المستمرة، إذ يمكن التواصل مع الأشخاص القدوة، ودمج القيم الدينية الصحيحة لتذكير الأفراد بمسؤولياتهم تجاه أنفسهم والمجتمع.

Leave a Comment
آخر الأخبار