المال “الدولي”..!

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

بعد التعهد باحترام السيادة الوطنية، وربط التعافي الاقتصادي بتحسين الظروف المعيشية للمواطنين، اتجهت الحكومة السورية الجديدة مؤخراً نحو إدارة البنك الدولي للحصول على تمويل ملائم لسياساتها الاقتصادية والاجتماعية؛ في خطوة تهدف لـ“إعادة إحياء التعاون مع المؤسسات المالية الدولية، وفتح قنوات ‏للدعم الفني، وبناء القدرات”.
وتتبلور هذه الخطوة اليوم بتطور سياسي – اقتصادي أكثر جدية وأهمية على المستويين المحلي والدولي بعد الإعلان عن زيارة مرتقبة لوفد حكومي رفيع المستوى إلى الولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة في اجتماعات البنك والصندوق الدوليين، في أول زيارة رسمية بهذا المستوى منذ أكثر من 14 عاماً، حيث من المأمول أن تؤسس هذه المشاركة لمرحلة مقبلة يتم خلالها استعادة التعاون الفني مع هاتين المؤسستين الماليتين العالميتين، وإطلاق برامج دعم اقتصادي واجتماعي مخصصة لسوريا.
رُبّ مراقب يقول: إن للبنك الدولي حساباته وشروطه؛ وتدخلاته المباشرة؛ وغير المباشرة بالاقتصاد الوطني عبر فرض وصفات شبه جاهزة تقيّد بعض الخطط والبرامج التنموية للدولة السورية في كثير من المجالات، سواء أثناء صرف دفعات القروض أو عندما تعجز الدولة عن سداد الأقساط المترتبة عليها في وقتها المحدد، وعندها تتحول العلاقة مع البنك إلى ما يشبه الاستعمار الاقتصادي، وقد سبق أن عانت بعض الدول المقترضة من هذه الشروط القاسية؛ فندمت على الساعة التي مدّت يديها إلى هذا البنك، بل وسعت جاهدة للتخلص من شبكة التبعية له.
فيما يرى متفائلون أن عودة سوريا إلى التعاون مع البنك الدولي سيحقق لها مكاسب كبيرة على المستويين التنموي والاقتصادي، لأن البنك بمختلف مؤسساته، مخصص لدعم الدول ذات الدخل المتوسط، ويمكن لسوريا الاستفادة منه في الحصول على منح وقروض طويلة الأجل لتمويل المشروعات التنموية، عبر إدارة مفاوضات ندية بما تمتلكه من خبرات بشرية وإمكانيات فنية وموارد طبيعية.
لا شك أن البنك الدولي ليس “جمعية خيرية”، وهذا ما يدركه المسؤولون الاقتصاديون والسياسيون في سوريا قبل توجههم إلى واشنطن لحضور الاجتماعات المقررة في الأيام القادمة، إلا أن التعاون مع البنك يعد فرصة “ثمينة” في ظل الظروف الحالية للبلاد يجب عدم ادخارها للحصول على التمويل المناسب، إلى جانب سعي الحكومة نحو مصادر تمويل اخرى متعددة؛ من أجل الحصول على منح وقروض بتسهيلات ميسرة في عمليتي الإقراض والسداد، إضافة إلى التركيز على بناء علاقات قوية مع الدول العربية والأجنبية بالشكل الذي يساعد على تدفق المساعدات الاقتصادية من جهة، ويساهم في جذب الاستثمارات التي يمكن أن تتوجه نحو مشاريع تنموية في البنى التحتية والصناعية إلى جانب تطوير التعاون الاقتصادي من جهة أخرى، وهذا سيؤثر إيجاباً في الوضع الاقتصادي الحالي لسوريا، ويدفع به نحو التعافي المبكر؛ في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى نحو 800 مليار دولار في الحد الأدنى للتعافي الاقتصادي، وإعادة الإعمار وفقاً لتقديرات أممية.

الوسوم:
Leave a Comment
آخر الأخبار