خبر سار .. ولكن!

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية- عمران محفوض:

إعادة تفعيل خدمات التأمين الصحي للعاملين في الدولة خبر سار، ولكن العبرة بالتنفيذ ..! خاصة أن تجربة السنوات الماضية من عمل هذه المنظومة لم تكن صحية، أي كانت في بعض جوانبها تعكس المنفعة المادية لمعظم الشركات العاملة في هذا القطاع، وتقدم الفائدة الشخصية للأطباء والصيادلة المتعاقدين مع التأمين الصحي، على حساب صحة العامل في الحصول على العلاج الشامل لمرضه سواء كان “كريب” عابراً أو عملية قلب مفتوح، بمعنى أن الأولوية كانت للطرف القوي “صاحب المال” ضد الطرف الضعيف ألا وهم المرضى.
بمفهوم التعاقد – وعقد التأمين الصحي مثال – يجب أن يكون طرفا العقد متساويين في المكاسب والخسائر، وهذا مايجب أخذه بالاعتبار قبل عودة خدمات التأمين الصحي إلى حيز التفعيل.
فالتأمين الصحي الشامل ليس خياراً بل مكسب وحق للعاملين بالدولة يجب عدم التخلي عنه مهما كانت المبررات المالية أو الفنية التي تدفع بها الشركات لتقييد العقد التأميني وفق شرط  “القسط مقابل الخدمة”، وهي عبارة تجارية بحتة لا ترقى لأن تكون محوراً للنقاش أو بنداً للتفاوض عندما يتعلق الأمر بصحة عامل أفنى معظم سنوات عمره وراء آلة تنتج مواد غذائية لتحقيق الأمن الغذائي لسوريا، أو أخرى تصنع سلعاً لتوفير ملايين الدولارات على الخزينة العامة للدولة نتيجة عدم استيراد مثيلاتها الأجنبية.
إن تكريس مقولة “الصحة مقابل المال” في النشاط التأميني، مقارنة غير منطقية، ولذلك سادت سمة عدم الرضى عن خدمات التأمين الصحي المقدمة خلال المرحلة الماضية، ولتصحيح هذه المقارنة يجب اعتماد مبدأ “الخدمة مقابل الشفاء” ، فليس مقبولاً أن يذهب مريض إلى عيادة طبيب ويقدم لك العلاج منقوصاً أو بالتقسيط، وعندما يذهب إلى الصيدلية حاملاً الوصفة الطبية يعطيه الصيدلي نصف قائمة الأدوية المكتوبة قائلاً له: الباقي رفضته شركة التأمين كون تلك الأدوية غير مشمولة بالتغطية بموجب العقد المبرم مع مؤسسته ..!
بالعموم نجد أن جميع الأطراف المشاركة في تقديم الخدمة التأمينية الصحية غير مقتنعين بمستوى جودتها، وإذا سألتهم عن السبب الخفي لحالة عدم الرضى هذه لوجدت أن كل طرف يرمي بالمسؤولية على الأطراف الأخرى، فإلى متى الدوران في هذه الحلقة المفرغة..؟

باختصار توجد مشكلة قديمة بخصوص التأمين الصحي، ويجب معالجتها اليوم قبل أن تصبح معضلة عصية على الحل غداً ، ولهذا نقترح عدم السير قدماً على طريق المنظومة القديمة سواء تشريعياً أو هيكلياً أو تقنياً وفنياً، ونزيد في الاقتراحات:
– تضمين التأمين الصحي خدمات صحية استباقية شاملة ومبتكرة، ودعمه بمنظومة الرصد المبكر للأمراض، وتنشيط القطاع الصحي من خلال توسيع نطاق الخدمات، وإنجاح منظومة الحماية الحقوقية والاجتماعية المتكاملة، بما يعكس التوجهات الإنسانية والحضارية لسوريا.

–  حماية العامل من الأعباء المالية الناتجة عن الفواتير الطبيّة الباهظة، عن طريق نقل العبء المالي المترتب على حدوث المرض من الدخل الفردي للعامل أو صاحب العمل إلى نظام مالي قوي لديه القدرة المالية لتحمل هذا العبء، والعمل على توفير الحماية الطبية الكاملة للعاملين مقابل اشتراك سنوي بسيط.

– استدامة الخدمات التأمينية للعاملين بالدولة لما بعد التقاعد، وتعزيز جودة الرعاية الصحية، عبر تطوير نظام تأميني صحي مستدام وشامل، ما يعزز الجاهزية للتعامل مع التحديات الصحية الطارئة، ويدعم جهود الوقاية من الأمراض المزمنة.

الوسوم:
Leave a Comment
آخر الأخبار