الهند وباكستان.. صراع متجدد منذ نحو 8 عقود

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية – سامر اللمع:

تجددت نذر الحرب بين الهند وباكستان بفعل الهجوم الذي يعدّ الأكثر حصداً لأرواح المدنيين منذ أكثر من ‌‏20 عاماً في الشطر الهندي من إقليم كشمير المتنازع عليه بين البلدين النوويين منذ ما يقارب الثمانية عقود.‏

فبعد الهجوم الذي وقع في مدينة باهالغام السياحية في الشطر الهندي من كشمير في 22 نيسان الفائت والذي ‏أودى بحياة 26 شخصاً, وجهت الهند أصابع الاتهام إلى باكستان التي نفت الأمر نفياً قاطعاً، إلّا أن هذا النفي ‏لم يقنع المسؤولين الهنود وعلى رأسهم رئيس الوزراء ناريندرا مودي الذي هدد أول أمس بقطع مياه الأنهر ‏التي تنبع من الأراضي الهندية وتروي الأراضي الباكستانية.‏

إلّا أن الأمر لم يقتصر على قطع المياه أو على تبادل الاتهامات بين مسؤولي البلدين بل تعداه إلى اندلاع ‏اشباكات عسكرية بدءاً من ليل أول أمس, الثلاثاء, أسفرت عن 31 قتيلاً في الجانب الباكستاني و12 قتيلاً ‏في الجانب الهندي، في أخطر مواجهة عسكرية بين القوتين النوويتين منذ عقدين.‏

في ظل ذلك, سارعت أطراف دولية الى عرض التوسط بين الطرفين أو أقله الدعوة الى ضبط النفس, دعوة ‏لم تجد لها أي آذان مصغية ما دفع البلدين ليلة أمس وصباح اليوم إلى تجديد الاشتباكات بالمدفعية والأسلحة ‏الرشاشة على طول خط الحدود الفاصل بينهما في منطقة كشمير بحسب ما أعلنت نيودلهي.‏

وصباح اليوم, الخميس، قال الجيش الهندي في بيان إنه «ليل السابع إلى الثامن من أيار 2025، نفّذ الجيش ‏الباكستاني قصفاً غير مبرر بالأسلحة الخفيفة والمدفعية على طول خط السيطرة الذي يقوم عملياً مقام خط ‏الحدود بين البلدين في قطاعات كوبوارا وبارامولا وأوري وأخنور».‏
وأضاف البيان أنّ «الجيش الهندي ردّ بشكل مناسب»، موضحاً أنه «لم تسجّل أيّ خسائر».‏
وفي المقابل، أعلنت هيئة المطارات الباكستانية تعليقاً مؤقتاً لعمليات الطيران في مطارات كراتشي ولاهور ‏وسيالكوت.‏
وجاء الإعلان الباكستاني بعدما أفادت شبكة جيو التلفزيونية وشاهد من «رويترز» بأن دوي انفجار سمع في ‏مدينة لاهور بشرق باكستان، صباح اليوم.‏

خلفيات وتسلسل الصراع

خاضت الجارتان النوويتان عدة حروب ومواجهات على المنطقة المتنازع عليها، والتي يطالب كل منهما ‏بالسيادة عليها بالكامل بينما يحكم جزءاً منها فقط، كما أدت المناوشات بين القوات المتمركزة على طول ‏الحدود الفعلية إلى جعل كشمير خطاً للمواجهة في نزاعهما.‏

فقد بدأ الخلاف حول كشمير تقريباً مع انسحاب بريطانيا من جنوب آسيا عام 1947، وما تبعه من اتفاق ‏لتقسيم شبه القارة الهندية إلى باكستان ذات الأغلبية المسلمة، والهند ذات الأغلبية الهندوسية, ومنح حكام ‏الولايات الأميرية الحق في الانضمام إلى إحدى الدولتين أو البقاء مستقلين.‏

وخلال أشهر قليلة من التقسيم، ادعت كلٌّ من الدولتين حقّها في الإقليم، فاندلعت المواجهة العسكرية, واضطر ‏الأمير الهندوسي الذي كان يحكم كشمير، والذي رفض في البداية التنازل عن سيادته، إلى التوقيع على اتفاق ‏الانضمام إلى الهند مقابل ضمانات أمنية، بعد دخول ميليشيات باكستانية أجزاءً من إقليمه.‏

وقد شكل هذا الاتفاق نقطة انطلاق تدخل باكستان، التي عدّت الإقليم امتداداً طبيعياً لأراضيها، في حين ‏سعت الهند إلى ترسيخ انضمام كشمير إليها، وتبع ذلك اندلاع سلسلة من الحروب والأحداث، نستعرض ‏أبرزها:‏

ـ عام (1965) نشبت الحرب الهندية-الباكستانية الثانية بفعل مجموعة من الأحداث، منها إرسال باكستان ‏قواتها إلى منطقة خاضعة للسيطرة الهندية، أعقبتها هجمات من الجانبين في الصيف بعد مناوشات على ‏الحدود جنوب كشمير في وقتٍ سابق من العام.‏
وعندما شنت باكستان هجوماً عبر خط وقف النار في كشمير في شهر آب، تصاعد القتال سريعاً إلى حرب ‏شاملة، استمرت نحو 3 أسابيع وخلّفت دماراً واسعاً.‏
وفي مطلع عام 1966وقعت الهند وباكستان على «إعلان طشقند»، وهو معاهدة سلام تعهد فيها الطرفان ‏بإعادة الأراضي التي تم الاستيلاء عليها وسحب القوات والعودة إلى حدود عام 1949.‏

ـ أدت الحرب الإقليمية بين البلدين في عام 1971 إلى قيام بنغلاديش «انفصلت عن باكستان»، ما دفع ‏باكستان والهند إلى إعادة النظر في مسألة كشمير العالقة.‏
وفي كانون الأول 1972، أعلنت الدولتان حلّ الجمود حول خط وقف النار، لكنه لم يتغير شيء سوى اسم ‏الخط، فأصبح «خط المراقبة» الرسمي، مع احتفاظ كل من البلدين بالجزء الذي كان يسيطر عليه لأكثر من ‌‏20 عاماً.‏

ـ عام 1974 أجرت الهند أول اختبار نووي لها، بينما أجرت باكستان اختبارها النووي في وقت لاحق، ‏وأصبحتا ضمن قائمة أقوى 10 دول نووية في العالم، ما أثار قلقاً دولياً من استخدام السلاح النووي في ‏الصراع بينهما.‏

ـ حمل عام 1999 بوادر اتفاق بين البلدين, ففي شباط، استضاف رئيس وزراء باكستان نظيره الهندي في ‏زيارة رسمية بعد غياب زيارة رئيس وزراء هندي لباكستان لمدة عقد كامل، وتمّ توقيع وثائق تؤكد التزامهما ‏بتطبيع العلاقات بين البلدين، لكن بعد 3 أشهر، اندلعت الحرب مجدداً، وكانت كشمير نقطة النزاع.‏

وقد بدأ القتال بعد تسلل مسلحين من باكستان إلى الجزء الخاضع للهند، وأكدت نيودلهي أنّ هؤلاء المسلحين ‏جنود باكستانيون، بينما نفت باكستان ضلوع قواتها في هذا الأمر.‏

وانتهت الحرب بعد أن طلب رئيس الوزراء الباكستاني حينها, نواز شريف انسحاب المسلحين، ثم أُطيح به ‏بعدها بانقلاب عسكري قاده جنرال باكستاني تبين لاحقاً أنه أمر بالعملية التي أشعلت الحرب في كشمير.‏
ظلّت كشمير واحدة من أكثر المناطق عسكرة في العالم بعد حرب 1999، وبلغ التوتر ذروته عدة مرات منذ ‏ذلك الحين.‏

وكان آخر تصعيد كبير في 2019، حين قتل تفجير 40 جندياً هندياً على الأقل. وردّاً على ذلك، شنت الهند ‏غارات جوية داخل باكستان، لكن التصعيد توقف قبل تحوّل المواجهة إلى حرب شاملة.‏

Leave a Comment
آخر الأخبار