الحرية – مها سلطان:
مع إعلان الرئاسة السورية عن زيارة قريبة للرئيس أحمد الشرع إلى البحرين، بدا بديهياً أن يتم الربط بينها وبين جولة خليجية مرتقبة للرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى كل من السعودية وقطر والإمارات، في 13 أيار الجاري حسب المُعلن.
وغير خاف أن هذا الربط مَردّه زخم الأخبار والتقارير المتداولة حول احتمال عقد لقاء بين الرئيس الشرع والرئيس ترامب، وأن مكان اللقاء قد يكون السعودية، أو ربما تمتد جولة ترامب لتشمل البحرين أيضاً، أو أن يكون اللقاء ضمن قمة تجمع ترامب مع رؤساء ومسؤولين عرب، أو غير ذلك.
الربط يبن زيارة الرئيس الشرع للبحرين وجولة ترامب مرده زخم الأخبار المتداولة حول لقاء مرتقب بينهما انطلاقاً من سلسلة تحركات وتصريحات أميركية تم وصفها بالإيجابية تجاه القيادة السورية
وكانت هذه الأخبار والتقارير المتداولة اتسعت بصورة واضحة مع زيارة الرئيس الشرع لفرنسا، وهي الزيارة التي تم تصنيفها بالناجحة والمحورية على مستوى العلاقات الخارجية/ الأوروبية بداية، وبما يفتح باباً واسعاً باتجاه رفع العقوبات المفروضة على سوريا، ثم على مستوى توسيع الإدارة الأميركية لمسار الانفتاح على سوريا وقيادتها، فيما يتحدث المراقبون والمحللون عن أن المرحلة المقبلة ستشهد تطورات مهمة جداً بخصوص هذا المسار الذي يكتسب زخماً كبيراً عبر وسطاء ومسؤولين ووفود تنتقل بين دمشق وعواصم أوروبية، إلى جانب المباحثات المهمة التي سبق أن أجراها وزير الخارجية أسعد الشيباني خلال زيارته نيويورك وواشنطن منتصف نيسان الماضي.
ورغم أن الرئاسة السورية لم تحدد يوماً بعينه لزيارة الرئيس الشرع إلى البحرين، واكتفت بالإعلان أنها قريبة، إلا أن هذه الـ«القريبة» تم وضعها في نطاق الأيام الأربعة المقبلة، قبيل أو مع بدء جولة ترامب الثلاثاء المقبل، والمتوقع أن تكون من السعودية، فإذا ما تمت فهذا يعني أن الرئاسة السورية تلقت تأكيداً بإمكانية عقد اللقاء، وعليه تم الإعلان عن زيارة الرئيس الشرع للبحرين.. وإذا ما تم اللقاء وكانت نتائجه إيجابية فهذا سيكون بمنزلة التحول المفصلي الأهم والأكبر في تاريخ سوريا الجديدة.. مع ذلك، فإن ما سبق ليس تحليلاً قطعياً ولا بد من انتظار ما تكشفه الأيام المقبلة.
أغلب المحللين يبنون توقعاتهم حول اللقاء انطلاقاً مما نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، في عددها الخميس الماضي، حيث نقلت عن مسؤولين سوريين قولهم إن الشرع يسعى للقاء ترامب لمشاركة رؤيته حول إعمار سوريا على غرار خطة مارشال (نسبة لوزير الخارجية الأميركية الأسبق جورج مارشال صاحب برنامج إعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية).
وحسب وول ستريت جورنال فإن رؤية الشرع لإعادة الإعمار تتفوق فيها شركات أميركا والغرب على شركات الصين، حيث تسعى سوريا الجديدة لعلاقة استراتيجية قوية مع الولايات المتحدة.
بكل الأحوال، فإن ترقب جولة ترامب ينسحب على جميع المنطقة بملفاتها المشتعلة، خصوصاً أن ترامب يعمل بصورة مستمرة على تثقيل جولته بتصريحات فارقة حول ما يمكن أن تتضمنه، وبعضه سيكون مفاجئاً، ومُتضمناً ما سماه «إعلان كبير» متعلق بإحدى الدول العربية، ولا يزال المراقبون والمحللون يضعون هذا الإعلان الكبير على طاولة التوقعات دون أن يتمكنوا من تحديده رغم أن المسؤولين الأميركيين يكثرون هذه الأيام من التصريحات المتعلقة بالمنطقة، وبشكل العلاقات المستقبلية التي تريدها إدارة ترامب.
قبيل 4 أيام من انعقاد القمة العربية يبدأ ترامب جولة خليجية لبحث «الإمكانيات الهائلة للمنطقة» ربطاً بالاقتصاد الأميركي فهل يعني هذا أنها جولة اقتصادية بحتة بعيداً عن الملفات المشتعلة في المنطقة؟
ترامب نفسه يُكثر من التصريح حول «الإعلان الكبير» الذي يمكن أن يكون بين يوم وآخر، حيث قال قبل يومين إن الإعلان لن يكون متعلقاً بالتجارة «بل يتعلق بشيء آخر ولكنه سيكون تطوراً إيجابياً مذهلاً حقاً لهذا البلد وشعبه وسيحدث ذلك خلال الأيام القليلة المقبلة». وطبعاً لم يسمِ ترامب هذا البلد العربي، لكن المراقبين يرجحون أن يكون السعودية.
أحدث التصريحات الأميركية جاءت من سيباستيان جوركا، نائب مساعد الرئيس الأميركي ومدير مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض، حيث قال إن جولة ترامب الخليجية «ستبحث الإمكانيات الهائلة للمنطقة» وتعزيز العلاقات في مجالات عدة منها الطاقة والذكاء الاصطناعي، مشيراً في الوقت نفسه لـ «اتفاقيات مهمة جداً» قد يتم توقيعها خلال الزيارة.
وتابع: نريد الحديث عن الروابط بين الإمكانات الهائلة للمنطقة والاقتصاد الأمريكي، خاصة في مجالات مثيرة جداً، ليس فقط في مجال الطاقة، ولكن أيضاً في مجال الذكاء الاصطناعي.
وأضاف جوركا إن «الرئيس ترامب عاد للبيت الأبيض وهو صانع الصفقات الأعظم بين جميع صانعي الصفقات، ومازلنا نهتم بالأمن، فسوريا قضية، وغزة قضية، لكننا الآن نريد التحدث عن النمو الاقتصادي».
لا بد من الإشارة هنا إلى أن جولة ترامب تأتي قبيل جولة رابعة مرتقبة من المفاوضات الأميركية الإيرانية والمقررة في سلطنة عمان، والأهم أنها تأتي قبيل القمة العربية المقررة 17 أيار المقبل، أي بعد يومين من اختتام ترامب لجولته الخليجية إلا إذا جرى تمديدها لتشمل دولاً أخرى في المنطقة، علماً أن «إسرائيل» ليست مُدرجة على جدول الجولة، لأن هناك مباحثات شبه يومية بينها وبين الإدارة الأميركية ويتم بحث كل شيء، هذا عدا عن أن المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين يتبادلون الزيارات باستمرار، ولا حاجة لزيارة ترامب لإسرائيل وفق توضيح صدر عن البيت الأبيض أمس الجمعة.