تراكمات عاطفية دفينة وعميقة أحد أسباب «الطلاق الرمادي»

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية – دينا عبد:

تشهد المجتمعات اليوم تحولاً في نمط العلاقات الأسرية، حيث أصبح الطلاق بعد الخمسين أو ما يطلق عليه “الطلاق الرمادي” ظاهرة متزايدة وهي نهاية لعلاقة طويلة استمرت لعقود، هذا ما يجعل تأثيره مختلفاً عن الطلاق في مراحل الحياة الأخرى.

حالات

من وجهة نظر السيدة أمينة التي تعرضت مؤخراً لما يسمى الطلاق الرمادي بعد زواج استمر أكثر من ٣٠ عاماً، فإن الانفصال بعد فترة طويلة من الارتباط يسبب مشاكل نفسية للزوجة، وخاصة إذا كان القرار نابعاً من الرجل ومن دون سبب واضح، وتشير إلى أن زوجها فضّل الانفصال بعد زواج أبنائه جميعاً، مبينة أنه يرغب بالارتباط بفتاة صغيرة، فبحسب تبريره لما قام به أنها أصبحت غير قادرة على تقديم الرعاية له، وخاصة أن التغييرات الصحية لكليهما أدت إلى توتر العلاقة.

أما رانيا (معلمة) فترى أن تثقيف الأبناء بمراحل الانفصال المتأخر لآبائهم ضروري لحمايتهم من التبعات النفسية لطلاق والديهم في سن متأخرة، وخاصة في حال كان الأبناء طلاباً في الجامعة أو متزوجين لأن هذا يستدعي أن يكونوا شركاء في قرار انفصال آبائهم وربما قد يكونون سبباً في العدول عن قرار كهذا.

تبعات نفسية

اختصاصية الصحة النفسية د. غنى نجاتي بيّنت أن أسباب الطلاق الرمادي وجود تراكمات عاطفية دفينة وعميقة في تاريخ الزوجين، حيث تكثر في هذه المرحلة الذكريات المؤلمة والخيبات الماضية ما يسبب نوعاً من الهشاشة في العلاقة.

وذكرت نجاتي أن أحد أسباب الطلاق الرمادي هو كبت الزوجة وعدم قدرتها التعبير عن رفضها لبعض تصرفات الزوج وهنا يقع الطلاق دون أي مقدمات حيث يفهم كلاهما الآخر.

لكن الانتكاسة النفسية تصبح أكثر تأثيراً على المراهقين والشباب (في حال كانوا في العائلة) عكس التي يتعرض لها الأبناء عندما يكونون صغاراً في السن، فالأبناء الكبار يشعرون بالضياع والتشتت والميل للعزلة ورفض المحيط العائلي وكراهية تكوين أسرة مستقبلاً.

وهنا أكدت نجاتي أن الانفصال بين الزوجين المتقدمين في السن يتوقف على وعيهما الكامل بالطريقة المثلى لإنهاء العلاقة باحترام مع تمهيد الأبناء لتقبل الوضع الجديد للأسرة.

وتنوه اختصاصية الصحة النفسية بأن العبرة يجب أن تكون في عدم تأثير الطلاق على الأبناء كباراً أم صغاراً، فالمهم بعد الانفصال مشاركة الأبوين لأولادهما وعدم غيابهم لفترة طويلة بعد الانفصال.

وتبين نجاتي أن الطلاق الرمادي يكون محبطاً وخاصة للشباب والفتيات من العائلة نفسها ممن يريدون الارتباط وبدء حياتهم الزوجية بتفاؤل من خلال البناء على قصة نجاح العلاقة بين أبويهم لكنهم يُصدمون بأن سنوات العِشْرة لم تكن لها قيمة وأصبح مستحيلاً البناء عليها للوصول إلى حياة دون منغصات، وذلك لأن هناك شريحة من الشباب والفتيات يتخذون من الزيجات طويلة المدى (ضمن العائلة) قدوة لهم في كيفية التمسك بالاستقرار واحترام وصون العلاقة الزوجية أمام تشعب المشكلات الحياتية، وعندما يحدث الانفصال بين زوجين متقدمين في السن تكون صادمة للمحيطين كما الأبناء أنفسهم، لأن المجتمع يتعامل مع تلك العلاقات طويلة المدى باعتبارها من الثوابت التي يصعب انهيارها.

Leave a Comment
آخر الأخبار