لا للعودة إلى الوراء

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية- وليد الزعبي:
أقبل مبتهجاً وكلامه يسبق وصوله، وهو يصف كيف حصل على جواز سفر لابنه المُهجر، مبيناً أنه تقدم لطلبه بالرسم البالغ ثلاثمئة دولار بكل يسر وسهولة ومن دون منغصات سوء التعامل وتقديم الرشاوى كما كان في السنوات السابقة، وبعد شهر استلم الجواز بالأجواء نفسها وبلا “الحلوان”.
وأردف: الذي يَسرُّ الخاطر أكثر أن مدة جواز السفر لابنه ست سنوات لا سنتين بعد إلغاء الإدارة الجديدة للخدمة العسكرية الإلزامية. وبالطبع ذلك وفرّ عليه مثلي المبلغ المدفوع أي ستمئة دولار، وجَنَبه عناء إجراءات المعاملة لمرتين لاحقتين فيما لو بقيت مدة الجواز سنتين اثنتين كما كانت، وما تستدعيانه من مراجعات مقيتة لشعبة التجنيد سابقاً التي كان يتعامل القائمون عليها بشكل سيئ جداً مع الكبير قبل الصغير، ولا تمر أي وثيقة منها إلا بشق النفس وبعد دفع “المعلوم”.
سرد رواية ذلك الأب الذي دار بينما كنا أمام محمصة لبيع البن، استجلب في السياق رواية أخرى من صاحب المحمصة، فحواها أنه وشريكه يُدخلان من معبر نصيب كل فترة سيارة بن مستورد، تزن حمولتها نحو خمسة أطنان، والرسوم التي يتكلفانها تبلغ ١٢٠٠ دولار، فيما لا يؤخذ أي كمية منها بمسوغات واهية في المعبر أو خارجه، إضافةً إلى أن الشاحنة تخرج بوقت قصير جداً من الحدود، ولا تتحمل أي إتاوات لجمارك وحواجز حتى تصل وجهتها في العاصمة.
أما المغزى فيبدو من المقارنة مع ما كان يحدث على دور النظام البائد، إذ إن الشحنة نفسها كانت تكلفهم ما بين رسوم وإتاوات أكثر من ضعفي المبلغ السابق، وتنتزع منها كمية قد تصل أحياناً لكيس بن زنة ٦٠ كيلوغراماً في المعبر وعلى الحواجز وغيرها، هذا عدا عن التأخير الطويل في تخليص الشحنة الذي قد يمتد لأكثر من عشر ساعات.
إن ما تقدم يأتي من بين حالات أخرى كثيرة إيجابية أخذ يتلمس المواطن محاسنها في العهد الجديد، فمثلاً لم تعد وسائل النقل تدفع إتاوات شهرية في مراكز الانطلاق ويومية على الطرقات للشرطة والحواجز. كما أن المحال التجارية وغيرها من الفعاليات لم تعد تدفع لعناصر الرقابة التموينية وشرطة البلدية، والمهم أن المعاملة اختلفت كثيراً مع المراجعين لدى مختلف الجهات العامة، حيث غابت المماطلة وحُيّد التعطيل وسوء التعامل بغرض الابتزاز.
ولا ننسى أن السماح بإدخال السيارات وانخفاض أسعارها إلى الثلث قرّب حلم الكثيرين من عامة الناس باقتنائها من التحقق بعد أن كانت حكراً على “الهوامير” والأغنياء، وهناك الكثير من الخير قادم والذي لا شك سيعم على الجميع، وخاصة مع رفع العقوبات عن البلاد الذي أصبح على الأبواب.
وأمام هذا الواقع الجديد من تخفيف وطأة الأعباء عن المواطنين في مختلف شؤون حياتهم، وبدء النهوض بمستوى الخدمات المقدمة إليهم وبما يحفظ كرامتهم، ومع انفتاح البلاد على مختلف الاتجاهات وجميع المستويات، يطفو هنا تساؤل مهم: هل من أحد يرغب في أن نعود للوراء؟.

Leave a Comment
آخر الأخبار