الحرية – وليد الزعبي:
تميزت قلعة المزيريب بطراز معماري ذي جمالية أخاذة وكانت محطة لاستراحة الحجيج. تقع القلعة في بلدة المزيريب على مسافة 12كم إلى الشمال الغربي من مدينة درعا، وإلى شمال شرق بحيرة المزيريب الشهيرة (قبل أن تجف) بمسافة 400م.
وعن القلعة وتاريخها أشار الدكتور محمد خير نصر الله رئيس دائرة آثار درعا لصحيفة الحرية أن القلعة مسجلة على لائحة التراث الوطني بموجب القرار رقم 142/آ لعام 1968، بناؤها مربع الشكل طول ضلعه ٨٠م، وهو عبارة عن أجنحة مزودة بسبعة أبراج كبيرة الحجم تتوسطها باحة سماوية كانت مزودة بمسجد وبعض الأبنية الخدمية للقلعة، ولها بوابة مقنطرة عرضها 270 سم، يعلو قوسها صف من الحجارة الكلسية البيضاء يبدو أنها كانت تشكل طراز الأبلق المعروف، أي تناوب الحجرين الأبيض والأسود، واعتمد في بنائها على الحجر البازلتي الأسود المنحوت بعناية، وهناك نسبة كبيرة من عناصرها قد أحضرت من أبنية رومانية قديمة بدليل وجود كتابات ونقوش يونانية عليها.
ولفت إلى أنه وبالرغم من تأثر القلعة بعوامل الطبيعة واستخدامات الإنسان وتسببها في تهدم أجزاء منها ونقل بعض حجارتها إلى أماكن أخرى، فإن أجزاء هامةً منها لا تزال شامخة حتى يومنا هذا، ولا سيما البرجين الجنوبي الغربي والجنوبي الشرقي والجناح الشمالي، حيث السقف المشكل من قبوات متصالبة.
وبيّن أن القلعة التي تعود للفترة العثمانية (زمن السلطان سليم الأول ١٥١٧م)، تمت الاستفادة من بنائها كمحطة استراحة للحجيج أثناء توجههم إلى الحجاز، وأورد بعض الرحالة والمستشرقين الأوربين أمثال غوتليب شوماخر في القرن التاسع عشر أن القلعة ومن خلال بعض الرسومات والمعلومات كانت مكونة من طابقين، ويوجد في الطابق الأرضي قناطر ذات أقواس عريضة بعيدة عن بعضها بعضاً، وكأنه أريد لها أن تكون مخازن للحبوب مخصصة لحاجات الحجاج، فيما يتم الوصول إلى الطابق العلوي والذي يحوي شققاً لنوم الحجاج عن طريق درجين الأول في الجهة الشرقية والآخر في الجهة الغربية من القاعة، وهما يقودان إلى ديوان بين الأبراج الوسطية. وحالياً الطابق العلوي متهدم بالكامل ولا تزال أجزاء من الجدار المحيط قائمة حتى ارتفاع النوافذ، كما أن مخازن الطابق السفلي متهدمة أيضاً بمعظم أجزائها غير أن اثنين منهما لا يزالان بحالة جيدة، وقد بني سرداب كبير بفترة لاحقة في الجدار الشمالي قرب البوابة، وكان يستخدم في أواخر الفترة العثمانية كمخزن حكومي.
وذكر نصر الله، أن دائرة آثار درعا تنبهت للقلعة وما تشكله من أهمية تاريخية وأثرية وسياحية ليس للمزيريب فحسب وإنما للمحافظة بشكلٍ عام، حيث قامت باستملاك بعض العقارات الخاصة المحيطة بها عام 2012، كما قامت خلال عامي 2019-2020 بتنفيذ مشروع ترميم إسعافي وطارئ لمعالجة التخلخلات والانتفاخات والتصدعات التي كانت تعاني منها الكثير من الجدران والأبراج، وشملت الأعمال بصورة عامة تقديم وتركيب حجر بازلتي منحوت للجدران، وفك وإعادة تركيب حجارة وركة تقليدية وكحلة تقليدية، وذلك بهدف حمايتها ومعالجة التصدعات الإنشائية التي أصابت الكثير من أجزائها، علماً أن تلك الأعمال غير كافية وما زالت القلعة بحاجة إلى تدخل وصيانة دورية لإعادتها إلى سابق عهدها.