الحرية- باديا الونوس:
يفضل سامر أحمد أب لثلاثة أولاد، الذهاب إلى الصيدلي بدلاً عن استشارة الطبيب – في حال تعرضه لعارض صحي- وفق قوله: إن الذهاب إلى الطبيب سيفتح عليه باباً لرحلة طويلة من التحاليل والاستشارات إلى ما هنالك من تفاصيل ناهيك بالتكلفة العالية، وأضاف أنه أحياناً كثيرة يعتمد على تشخيص الصيدلي لأن لديه خبرة واسعة.. “وإذا كان الأمر يستدعي مراجعة طبيب اختصاصي بالتأكيد سيخبرني بذلك”.
تشكل حالة سامر حال أغلبية المجتمع وخاصة في هذه الظروف الضاغطة والسؤال: هل أصبح الصيدلي بديلاً عن الطبيب؟ وإلى أي حدّ يمكن أن يحل محله أو شريكاً في العلاج من أي مرض، هذا ما ستجيبنا عنه عميدة كلية الصيدلة الدكتورة لمى يوسف.
رعاية صحية أولية سريعة
تؤكد عميدة كلية الصيدلة أنّ الصيدلي يمثل ركيزة أساسية في نظام الرعاية الصحية وفق (منظمة الصحة العالمية واتحاد الصيادلة العالمي)، تتجاوز مسؤولياته التقليدية صرف الأدوية لتشمل تقديم الرعاية الدوائية وتحسين نتائج العلاج وضمان سلامة وفعالية الأدوية في هذا السياق، يتوسع دور الصيدلي ليشمل التقييم السريري الأولى للحالات الصحية البسيطة وتقديم توصيات علاجية دقيقة ضمن ما يعرف بالتشخيص الظرفي أو الأولي، لافتة إلى أنّ هذه الممارسة تعكس تجارب راسخة من نظم صحية متقدمة في كندا، أستراليا، والمملكة المتحدة، حيث يسهم الصيادلة المجتمعيون في تخفيف العبء عن النظام الصحي وتوفير رعاية صحية أولية ميسرة وسريعة. ومع ذلك يؤكد الإطار المهني الحديث على ضرورة وضوح الحدود الوظيفية بين الصيدلي والطبيب، إذ يظل التشخيص الطبي الكامل ووصف العلاجات المعقدة ووضع خطط العلاج من اختصاص الطبيب حصراً.
د. يوسف: هو ركيزة أساسية في نظام الرعاية الصحية وتتوسع مهامه ليكون شريكاً في علاج المريض
ولفتت إلى أنّ دور الصيدلاني يتمثل في التكامل مع الأطباء من خلال تقديم رعاية دوائية متخصصة تضمن سلامة وفعالية استخدام الأدوية وتعزز التزام المرضى بالخطة العلاجية، ومراقبة النتائج السريرية للأدوية.
ويأتي في مقدمة المهام للصيدلي تشخيص المشكلات المتعلقة بالعلاج الدوائي والتي تشمل الأخطاء الدوائية التفاعلات الدوائية الضارة، عدم تناسب الجرعات، التحديات المتعلقة بالالتزام العلاجي كما أنه يتوجب على الصيدلي مراجعة وتحليل الخطة الدوائية للمريض بشكل دوري بالتعاون مع الفريق الطبي بهدف تحسين سلامة المرضى وتقليل مضاعفات العلاج.
رعاية دوائية
تتوسع مهام الصيدلي أكثر في إطار تخصص (الصيدلة السريرية) حيث يتولى مسؤولية متابعة العلاج الدوائي فردياً، وإدارة التفاعلات الدوائية، وضبط الجرعات، ومراقبة الأعراض الجانبية، ضمن فرق رعاية صحية متعددة التخصصات. وتمثل هذه الممارسة نقلة نوعية في تقديم رعاية دوائية شخصية تعتمد على الأدلة العلمية الحديثة، وتتناسب مع احتياجات المرضى، ولاسيما الذين يعانون أمراضاً مزمنة ويتلقون علاجات مركبة.
لتقليل المخاطر الدوائية
تأتي أهمية دور الصيدلاني في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه أنظمة الرعاية الصحية عالمياً، حيث يُعد الصيدلاني نقطة اتصال أولية متاحة، توفر وصولاً سريعاً ومتواصلاً للرعاية الصحية عبر الصيدليات المجتمعية المنتشرة جغرافياً وتقديم رعاية صحية أولية فعالة خاصة للحالات البسيطة، بموازاة دعم متكامل لخطة العلاج من خلال تعزيز الالتزام وتقليل المخاطر الدوائية وتوعية وتثقيف المرضى لتعزيز استخدام الدواء بصورة سليمة والوقاية الصحية.
تقديم رعاية آمنة
ولأن للصيدلاني دوراً مهماً في الصيدلية اليوم يعكس تطوراً مهنياً متكاملاً يتماشى مع التوجهات العالمية نحو رعاية دوائية شاملة. يتميز هذا الدور بمسؤولية تقديم رعاية دوائية آمنة وفعالة، والقيام بالتشخيص الأولي للحالات البسيطة، وتشخيص وإدارة المشاكل الدوائية، مع الالتزام الصارم بحدود اختصاص الطبيب. يضمن هذا التوازن التعاون المثمر بين الصيدلي والطبيب، ما يعزز جودة الرعاية الصحية ويسهم في تخفيف الضغط على أنظمة الرعاية الصحية، من دون تجاوز الإطار المهني للصيدلة.
وختمت يوسف بأن التشخيص بالنسبة للصيدلاني في صيدليته يعني تدريبه لامتلاك القدرة والمهارات لإدراك وفهم العلامات المنبهة “متل جرس الإنذار” لضرورة الإحالة للطبيب للحالات الخطيرة، وتدبير وعلاج الحالات البسيطة التي يمكنه تقديم العلاجات المسماة “الأدوية التي تصرف من دون وصفة أو والأهم تشخيص الأخطاء الدوائية في أي خطة علاج دوائي لتحقيق الأهداف وتجنب الأخطاء والتأثيرات الضارة والتداخلات الدوائية.