معاً لبناء سوريا

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية- عمران محفوض:

وأخيراً .. حصلت المعجزة، وقرّر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية رفع العقوبات عن الشعب السوري، قرار متأخر لسنوات؛ وربما لعقود مضت؛ لكنه صدر، وهذا هو المهم، فيما الأهم لو استطعنا تحويل ما تضمنه من إعفاءات إلى “فرص نجاح” بكل ما تعنيه هذه الأمنية من معنى.
اليوم لم يعد الكلام مجدياً.. طلبنا فاستجابوا، وشكرنا فامتنوا.. فماذا بعد؟
علينا جميعاً كسوريين في الداخل، وفي بلدان المهجر أن نكون على قلب رجل واحد في حشد جميع الإمكانيات لخدمة سوريا، ودعم خطط تنميتها على الصعد كلها، فالوقت ليس في مصلحتنا، بل لم يعد متاحاً للانتظار أكثر من ذلك، أو بالأحرى لم يعد هناك ما يبرر طول الانتظار، فالكثير من دول العالم أبدت رغباتها في مساعدتنا؛ وبعضها بادرت؛ في دعم الشعب السوري سياسياً وإنسانياً ومالياً، وأكدت الاستمرار في دعمها لنا، وتوسيع مجالاته على أمل أن تكون مؤسساتنا الوطنية العامة والخاصة جاهزة للاستفادة من هذا الدعم الخارجي بعد إنجاز بيئة أعمال متكاملة تكون عوناً له لا عبئاً عليه؛ أو معطلة لمسيرته في تطوير الاقتصاد وتحسين الخدمات ورفع مستوى دخل جميع المواطنين.
هنا لابد من طرح السؤال المباشر الذي يدور في أذهان معظم السوريين؛ خاصة المقيمين خارج البلاد: ماذا أعدت مؤسساتنا المعنية لهذه اللحظة الفارقة في تاريخ سوريا؟
قد يبدو هذا السؤال محرجاً للوهلة الأولى، لكن في الحقيقة ليس كذلك، إنما هو محفز، بل مذكّر بما أنجزته الحكومة السورية الجديدة من خطوات مهمة؛ البعض وصفها بالسريعة؛ وآخرون اعتقدوا أنها متسرعة؛ وفي كلا القولين تكمن الحقيقة ألا وهي أن العمل كان استثنائياً والإنجاز يستحق سمة المعجزة؛ وغير ذلك هو تفصيل لا يستأهل التفكير به.
لقد قامت الحكومة السورية بالكثير من الأعمال خلال الأشهر القليلة الماضية؛ بالتوازي مع الجهد الدبلوماسي المميز الذي تكلل نجاحاً مبهراً في إقناع الغرب برفع العقوبات عن الشعب السوري؛ فعملت على إعادة هيكلة معظم المؤسسات المعنية بالاقتصاد بدءاً بالتجارة والصناعة وتالياً بالاستثمار؛ وليس أخيراً؛ بالتخطيط والإحصاء ولم تنسَ قطاع الإسكان والتعمير، وما رافقه من قرارات تتعلق بالتنظيم العمراني، وتسريع العمل بمشروع السكن التعاوني في خطوات مدروسة ومتلاحقة تمهيداً لإطلاق مشروعات إعادة الإعمار في جميع المحافظات.
علينا أن لا نجلد ذاتنا، فما مرّ على سوريا كان مأساة قصمت ظهرها، وامتدت آثارها السلبية إلى جميع بلدان الشرق الأوسط بنسب متفاوتة، ومثلما كانت الأضرار بالجملة لا بد أن تكون الإصلاحات والمنافع للعموم، من هنا جاءت دعوة سوريا إلى الدول العربية الشقيقة والأخرى الصديقة ليكونوا عوناً لها في تحقيق التعافي الاقتصادي والاجتماعي والثقافي المبكر، عبر صياغة شراكة حقيقية قائمة على المصالح والمنافع المتبادلة، وقادرة على اختصار المدة التي حددها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة بنصف قرن لتحقيق هذا التعافي، وإعادة بناء بلادنا لتصبح بمصاف الدول المتقدمة، فلماذا لا نمد يدنا إلى تلك الدول إذا كان الخير سيعم على الجميع..؟

Leave a Comment
آخر الأخبار