الحرية – لوريس عمران:
تحدّيات كبيرة تواجهها الزراعة في اللاذقية، وفي ظل هذه التحديات يتصدّر الحديث مجدداً حول دور الكهرباء في إنعاش هذا القطاع الحيوي الذي يعد مصدر دخل رئيسياً لشريحة واسعة من المواطنين، وخاصة أن انقطاع الكهرباء يعد أحد أبرز التحديات التي تعوق الإنتاج الزراعي المستقر والمستدام. لكن ماذا لو تحسّن واقع الكهرباء؟ وكيف سينعكس ذلك على الزراعة في اللاذقية وريفها، وعلى تنوع محاصيلها، وإنتاجيتها، وعلى دخل المزارع والمستهلك في آن واحد؟
م.علي: تحسين الكهرباء يمثل الخطوة الأولى والأكثر تأثيراً في طريق إنقاذ هذا القطاع وتحديثه.. وتحقيق الاكتفاء الذاتي في الكثير من المحاصيل
الري بالضخ
لرصد التأثيرات المباشرة وغير المباشرة لتحسين واقع الكهرباء على القطاع الزراعي في سوريا، أوضح معاون مدير الزراعة للشؤون النباتية في اللاذقية المهندس ماهر علي، أن الري بالضخ يشكل أحد أهم تقنيات الري الحديث التي لا يمكن تطبيقها إلا بوجود مصدر كهربائي مستقر، لافتاً إلى أنه مع تحسن الكهرباء، تزداد إمكانية استخدام شبكات الري الحديثة، ما يسمح بري مساحات أوسع بدقة أكبر، و بكفاءة عالية.
التحكم بعدد الريّات
وأشار علي في حديث لصحيفتنا “الحرية” إلى أن تحسن الكهرباء يعني قدرة أكبر على التحكم بعدد الريات وكميتها بما يتناسب مع نوع المحصول ومراحل نموه، ما ينعكس مباشرة على زيادة الإنتاج وتحسين النوعية.
الزراعة المحمية بين الصقيع والتقنيات الذكية
وأكد علي أن الزراعة المحمية ( من البيوت البلاستيكية إلى الأنفاق الزراعية)، تعتمد بشكل كبير على الكهرباء لتشغيل وسائل الحماية من الصقيع، وضبط التهوية والرطوبة، مبيناً أن انقطاع الكهرباء يعرّض المحاصيل المحمية لمخاطر كبيرة، ولاسيما في فصل الشتاء، ما يؤدي أحياناً إلى خسارة مواسم كاملة.
وأشار علي إلى أن توفر الكهرباء يسهم في توفير بيئة نمو مثالية داخل البيوت المحمية، ويقلل من الأمراض الفطرية و البكتيرية بفضل التحكم بالتهوية والرطوبة.
جودة أعلى وتكاليف أقل
وبحسب تصريحات مديرية زراعة اللاذقية، ابتداء من الوحدات الصغيرة لتوضيب المنتجات وصولاً إلى مخازن التبريد الضخمة، يحتاج هذا القطاع إلى كهرباء مستقرة لتأمين غسيل وفرز وتعبئة وتخزين المحاصيل بالشكل المثالي، وخاصة الفواكه والخضار الحساسة.
وبينت أنه بوجود الكهرباء يمكن الحفاظ على جودة المنتجات لفترات أطول، ما يتيح تسويقها على مدار العام ويحد من الخسائر بعد الحصاد.
الثروة الحيوانية.. تحسين الإنتاج وخفض التكاليف
ويضيف علي: إن المباقر و المداجن ليست بمنأى عن تأثيرات الكهرباء، حيث إن توفرها يتيح استخدام “الحلّابة” الآلية، بالإضافة إلى ضبط الإضاءة والتهوية، ما يرفع من إنتاجية الحليب والبيض ويحسن صحة الحيوانات، حيث إن الكهرباء توفر بيئة أكثر أماناً مقارنة بوسائل التدفئة التقليدية، وتقلل من مخاطر الحرائق و الانبعاثات.
تقليل التكاليف وزيادة الدخل الزراعي
الأثر الأهم من تحسين الكهرباء –حسب علي- ربما هو في خفض التكاليف الإجمالية للإنتاج الزراعي، فبدلاً من الاعتماد على المحروقات والمولدات، يمكن للمزارعين استخدام الكهرباء لتشغيل مضخات الري (للتهوية، ووحدات التوضيب، ومعاصر الزيتون) ولاسيما أن الاعتماد على الكهرباء يخفّض تكلفة الري والتخزين والمعالجة، ما يعني دخلًا أعلى للمزارع، وسعراً أفضل للمستهلك.
تحفيز الاستثمار وتنويع المحاصيل
وبيّن علي أنه مع توفر الكهرباء تصبح البيئة الزراعية أكثر استقراراً وجذباً للاستثمار، وخاصة في المحاصيل ذات العائد الاقتصادي المرتفع مثل الخضار المطعّمة والمحاصيل المهجنة، مشيراً إلى أن استقرار الكهرباء يتيح التوسع في الزراعة المائية والتكثيفية، التي تعتمد على تقنيات دقيقة والتي تتطلب استقراراً كهربائياً لتشغيل أنظمتها.
وأكد معاون مدير الزراعة أن غياب الكهرباء في مناطق عديدة، يشكل عائقاً أمام ضخ مياه الري، وخاصة في الأراضي ذات المنسوب المرتفع، فتحسين الكهرباء يسهم في تنظيم كميات المياه المسلّمة، بالإضافة إلى تقليل الهدر، واستخدام تقنيات الري التسميدي التي تدمج الري مع التغذية النباتية.
الفوائد البيئية والاجتماعية
ورأى علي أن تحسن الكهرباء لا يخدم فقط الزراعة من الناحية التقنية، بل يساهم في استقرار السكان بالريف، ويعزز الحياة اليومية، ويقلل من هجرة الريف إلى المدينة، منوهاً بأن تحسن الكهرباء في اللاذقية ليس ترفاً، بل ضرورة اقتصادية واجتماعية وبيئية، فالكهرباء تمثل شرياناً أساسياً لإنعاش الزراعة، وتحسين الأمن الغذائي، وزيادة دخل المزارعين، واستقرار الأسواق.
وأوضح أن الزراعة عانت طويلاً من غياب الدعم والخدمات، حيث إن تحسن الكهرباء يمثل الخطوة الأولى والأكثر تأثيراً في طريق إنقاذ هذا القطاع، وتحديثه، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في الكثير من المحاصيل.