«تاء مبسوطة» يسلّط الضوء على تحديات وفرص الاقتصاد السوري في ظل العقوبات

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية- حسيبة صالح:

في أمسية فكرية احتضنتها مبادرة “تاء مبسوطة”، استضاف الصالون الثقافي الاقتصادي الباحثة والخبيرة الاقتصادية الدكتورة رشا سيروب، وهي مستشارة تنفيذية لشؤون السياسات وضبط الأداء في وزارة الاقتصاد، وأستاذة بكلية الأقتصاد الثالثة في جامعة دمشق وعضو في جمعية العلوم الاقتصادية السورية، لها العديد من الدراسات المتعلقة بالسياسات الاقتصادية وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، في لقاء غنيّ بالنقاش والتحليل تحت عنوان: “الاقتصاد السوري… التحديات والفرص في ظل العقوبات”.

وأدارت الجلسة الباحثة علا منصور- ماجستير في العلاقات الاقتصادية الدولية وباحثة في شركة المشرق لأعداد المحتوى.

في حديثها، تناولت الدكتورة سيروب أهمية رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، مشيرة إلى أن هذه العقوبات، وإن لم تكن السبب الوحيد للأزمة، إلا أنها تسببت في تعقيد المشهد الاقتصادي وتعطيل عجلة الإنتاج والاستثمار، وفاقمت من معاناة المواطن السوري في تأمين احتياجاته الأساسية.

العقوبات ليست قدَرًا

سيروب أوضحت أن “العقوبات الاقتصادية فُرضت تحت ذرائع سياسية، لكنها في الواقع أصابت البنية الاقتصادية في عمقها، وأثّرت بشكل مباشر على معيشة السوريين”، مؤكدة أن رفع العقوبات أو التخفيف منها هو ضرورة إنسانية واقتصادية على حد سواء. وتحدثت عن الحاجة إلى استراتيجية وطنية ذكية للتعامل مع الآثار المترتبة عليها، مشيرة إلى نماذج لدول استطاعت تخفيف آثار العقوبات عبر سياسات إنتاجية فعّالة.

الأمن والاستقرار أولًا

شدّدت الدكتورة سيروب على أن أي خطة اقتصادية ستكون مهددة ما لم يتوفر مناخ من الأمن والاستقرار، مشيرة إلى أن المستثمر، سواء كان سوريًا أم أجنبيًا، لن يغامر ما لم يشعر بالثقة في بيئة الأعمال. “لا اقتصاد بلا أمان، ولا تنمية من دون مؤسسات قوية تضمن الشفافية وحماية الحقوق”، أضافت سيروب.

كنز منسي

ومن المحاور البارزة التي سلطت عليها الضوء، أهمية دعم قطاع السياحة وتنشيطه باعتباره أحد المفاتيح الحيوية للتعافي الاقتصادي.

سيروب: السياحة ليست ترفًا بل اقتصاد بديل  وتوليد لفرص العمل ومصدر دخل سريع إذا ما أُحسن استثماره

ودعت سيروب إلى اعتماد خطط ذكية لتنشيط السياحة الريفية والداخلية، نظراً لما تمتلكه سوريا من تنوع جغرافي وتراثي فريد، قائلة: “السياحة ليست ترفًا، بل اقتصاد بديل، وتوليد لفرص العمل، ومصدر دخل سريع إذا ما أُحسن استثماره”، مشيرة إلى أن المناطق الريفية يمكن أن تكون بوابة لتوزيع التنمية وإعادة التوازن إلى مراكز النمو الاقتصادي.

تحديات… ولكن

استعرضت سيروب أبرز التحديات التي يواجهها الاقتصاد السوري حاليًا، مشيرة إلى الانكماش الحاد في القطاعات الإنتاجية، وتراجع مستوى الخدمات، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وغياب العدالة في توزيع الموارد. كما لفتت إلى ضعف الحوكمة الاقتصادية والفساد الإداري، وهما عاملان يعيقان أي محاولة للإصلاح الجذري.

ضعف الحوكمة الاقتصادية والفساد الإداري عاملان يعيقان أي محاولة للإصلاح الجذري

رغم ذلك، عبّرت عن تفاؤل حذر، مشددة على أن “الإصلاح ليس مستحيلًا، لكنه يحتاج لإرادة حقيقية، وقرارات شجاعة، ومشاركة شعبية واعية”.

أولوية للقطاعات الحيوية

وحول سُبل النهوض الاقتصادي، أكدت أن هناك قطاعات محددة يجب إعطاؤها أولوية فورية، أبرزها:
• الزراعة: باعتبارها حجر الأساس في الأمن الغذائي، وداعمًا للاستقرار الاجتماعي.
• الصناعة التحويلية: وخاصة الصناعات الصغيرة والمتوسطة التي تخلق فرص عمل وتقلل من الاعتماد على الاستيراد.
• الطاقة البديلة: للتخفيف من أزمة الكهرباء والاعتماد على الوقود الأحفوري.
• السياحة الريفية والثقافية: كأداة لإنعاش الاقتصاد المحلي وتنويع مصادر الدخل.
• التعليم والتدريب المهني: كمدخل لاستثمار فعّال في رأس المال البشري وتأهيل الكوادر اللازمة لعملية إعادة البناء.

خاتمة اللقاء

في ختام الجلسة، تفاعلت الحاضرات والحاضرون مع الطروحات الجريئة للدكتورة سيروب، وطرحت العديد من الأسئلة التي عكست اهتمامًا شعبيًا بتفاصيل ما يجري في الاقتصاد السوري وما يمكن فعله للخروج من النفق الحالي.

لقاء “تاء مبسوطة” هذا، لم يكن مجرد جلسة حوارية، بل منصة تنويرية سلّطت الضوء على المسكوت عنه، وفتحت الأفق أمام نقاش وطني حول مستقبل سوريا الاقتصادي.

Leave a Comment
آخر الأخبار