حرائق وأكثر ..!

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية- عمران محفوض:

تُعيد مشاهد الحرائق الأخيرة إلى أذهان جميع السوريين صورة العقم الإدراكي بأهمية المساحات الخضراء في تكوين ونمو الاقتصاد الأخضر، وتُجذّر في تفكيرهم صيغة بالية من نمطية العمل اللامسؤول في إدارة هذا الملف على مدى سنوات مضت، مفرداتها الإهمال في المعالجة، والاستهتار في الوقاية، والتغافل عن التوعية بمخاطره ما أدى إلى ما نحن عليه اليوم من جبال جرداء وأشجار متفحمة وغابات كانت تسرّ الناظرين إليها والطالبين للراحة والاستجمام تحت ظلالها وأصبح معظمها أثراً بعد عين.
ربما هذا التأخير في معالجة أزمة الحرائق حتى اليوم لها ما يبررها على طاولات المعنيين؛ لكن على المستوى الشعبي؛ فلا شيء مبرر خاصة إذا ما استذكرنا هنا مقولة أجدادنا “الشجرة كالولد” في تعبير مجازي عن أهمية الشجرة في حياتنا الريفية والمدنية، ودور المساحات الخضراء في تحسين جودة الحياة، وزيادة الإنتاجية، وتوفير فرص العمل، وتحفيز النمو الاقتصادي، وتعزيز التنمية المستدامة.
إن تكرار هذه الحرائق المدمرة للبيئة والاقتصاد في آن معاً أمر يدعو إلى الوقوف عنده، وترتيب الفرضيات والاحتمالات للوصول إلى الأسباب الحقيقية لانتشارها سنوياً، وتحديداً في الموسم السياحي، وفي المناطق الأكثر جذباً للسياح، من خلال الدفع بكل الإمكانات المتاحة لمعرفة الجناة وتقديمهم للعدالة كتدبير احترازي قد يمحو هذه المشاهد المؤلمة من ذاكرتنا في المواسم القادمة.
ما حدث في الأعوام الماضية من حرائق امتد لهيبها وأذاها إلى معظم المحافظات ودخلت منازل وقرى لم تترك وراءها سوى الرماد والدمار والقصص المأساوية عن عائلات أصبحت بلا مصدر رزق ولا مأوى يكفيها شر العوز والإيجار، يجعلنا نكرر اليوم ما تمنيناه مراراً وتكراراً بألّا تعود مشاهد الحرائق ذاتها إلى أراضي بلادنا الخضراء كمسلسل يعرض على  شاشاتنا الفضائية ويشبه بعدد حلقاته أي مسلسل حزين آخر.
إلا أنه ومع عودة الحرائق نستنتج أننا لم نستفد من الدروس المأساوية، ولم نستعد بما يكفي لعدم تكرارها، وما تم اتخاذه من إجراءات تتعلق بشق طرق نارية في بعض الأحراج والجبال، وما تلاها من تشديد في مراقبة المحميات والثروة الحراجية ورافقها من تعيينات لحراس جدد للحراج ورفدهم بسيارات إطفاء وغيرها لا يعدو أن يكون إجراءات بسيطة جداً لا ترقى إلى حجم المشكلة، ولا يمكن أن توقف مسلسل الحرائق مادامت الأسباب قائمة والمستفيدون من الحرائق لم تطلهم يد العدالة، والسوق مفتوحة أمام منتجات الحرائق من فحم وحطب.

الوسوم:
Leave a Comment
آخر الأخبار