الحريّة – ميليا اسبر:
بعد قرار الرئيس الأمريكي الأخير المتعلق بتحويل التجميد المؤقت للعقوبات المفروضة على القطاع المالي والمصرفي في سوريا، والذي بدأ عبر إصدار الرخصة العامة رقم 25 في أيار الماضي إلى رفع دائم لتلك العقوبات، بالإضافة إلى إلغاء الأساس القانوني الذي استندت إليه من الإجراءات العقابية الصادرة عن الإدارات الأمريكية السابقة والحالية.
يعد هذا الإجراء خطوة جوهرية وفرصة ذهبية لاستعادة الاقتصاد السوري مكانته ونشاطه، لكن كيف يرى الاقتصاديون هذا القرار؟ وما الهوية المناسبة للاقتصاد السوري في المرحلة الحالية؟
أبعاد قانونية واقتصادية
المستشار الاقتصادي الدكتور زياد عربش، بيّن أن هذا القرار يكتسب عدّة أبعاد قانونية وإجرائية، اقتصادية ومالية، وسياسية، فقد ألغى المرسوم الرئاسي ستة أوامر تنفيذية كانت تشكّل الإطار القانوني لعقوبات مؤثرة على النظام المالي السوري، كما ألغى أيضاً “حالة الطوارئ الوطنية” المرتبطة بسوريا، والتي كانت قد فُرضت للمرة الأولى عام 2004 وتم تجديدها سنوياً منذ ذلك الحين.
د. عربش : قرار إزالة العقوبات يعني عودة التجارة الدولية استيراداً وتصديراً من وإلى سوريا
وأضاف في تصريح لصحيفتنا ” الحريّة “: إن ذلك يعتبر خطوة حاسمة نحو تخفيف القيود الأمريكية على تصدير الخدمات والسلع والتكنولوجيات والتقنيات إلى سوريا، كون المرسوم يوجه وزارة التجارة الأمريكية إلى مراجعة ورفع القيود التي طالما أعاقت التجارة المالية والمصرفية مع سوريا، وهذا ما سيكون له مزيد من التأثير الإيجابي على قدرة الحكومة السورية وكافة فعاليات القطاع الخاص والأهلي على الاستفادة من التكنولوجيا في مجال الخدمات المصرفية بما فيها “السويفت”.
لم يعد هناك تلكؤ بالتحويلات المالية
وأضاف د. عربش: إن المرسوم يوجه كذلك وزير الخارجية إلى مراجعة تصنيف سوريا كدولة راعية للإرهاب، وهو تصنيف كان له تأثير كبير على حركة الأموال والتحويلات الدولية، فلم تعد الآن هناك أي عقبة يمكن التستر وراءها من قبل أي إدارة أو مصرف أو كيان في الولايات المتحدة أو غيرها من الدول للتلكؤ بالتحويلات المالية أو حركة رؤوس الأموال واستيراد وتصدير السلع والخدمات من وإلى سوريا، لافتاً إلى أهمية إعلان الرئيس الأمريكي الأمر التنفيذي، يعني إشارة مهمة للداخل الأمريكي وفي أوروبا أو أي بقعة من العالم .
الإسراع بالاندماج
وبين عربش أن ذلك يعني اقتصادياً الإسراع باندماج الاقتصاد السوري بالاقتصاد العالمي وعودة حركة التجارة الدولية استيراداً وتصديراً من وإلى سوريا، بما فيها السلع الرأسمالية والتكنولوجيا المهمة جداً لعملية إعادة الإعمار، أما سياسياً فيعتبر قرار الرئيس الأمريكي إشارة سياسية لدول العالم وخاصة في الإقليم.
عودة الملتقيات الاستثمارية
لدى السؤال: كيف ترون مسار الأمور اقتصادياً؟ وكيف سيكون المشهد في المدى المنظور؟
أجاب د. عربش: عملياً يأتي رفع العقوبات اليوم بعدما تباطأت الديناميكية الدولية والإقليمية تجاه سوريا خلال فترة المواجهة والحرب بين “إسرائيل” وإيران، حيث تعطلت الكثير من البرامج ومشاريع الاتفاقيات أو حتى تنفيذ الاستثمارات، لكن الحراك سيعود وستشهد سوريا عدة ملتقيات استثمارية يغلب عليها الطابع التنفيذي، حيث ستكون هناك عدة ملتقيات مهمة، منها كان مبرمجاً قبل أسابيع ومنها الجديد.
فمثلاً سيأتي وفد استثماري من الولايات المتحدة كان قد عقد مؤتمراً علمياً حول التكنولوجيا قبل أشهر. ومثال آخر قدوم وفد استثماري سعودي، مؤكداً أنه طالما نتحدث عن الشروط، فإن الأمر يتطلب وضع برنامج جدي لتطوير عمل كل المصارف العامة والخاصة فنياً وإعادة هيكلتها. فمن غير المقبول توسيع الفجوة بين القطاع المصرفي والمالي السوري ومثيله العالمي، فبنية القطاعي المالي والمصرفي السوري متهالكة، ولا بد من تطبيق معايير الامتثال والنزاهة والامتثال الدولية “بازل ١ وبازل ٢”. وذلك لضمان أقصى درجات الشفافية.
مرحلة النهوض من الركام
وأوضح د. عربش أننا دخلنا المرحلة الثالثة من عملية النهوض من الركام، فبعد الفترة الأولى بُعيد السقوط والدهشة من فراغ خزينة الدولة والفترة التالية بمجيء الوفود الدولية والعربية، دخلت سوريا المرحلة الجدية من استغلال الفرص الاستثمارية العديدة، وخاصة توقيع اتفاقيات عديدة في مجال البنية التحتية، والآن في هذه المرحلة الثالثة من عملية النهوض من الركام، لا بد من استعجال التنفيذ وترجمة كل ما تم الاتفاق عليه بمشاريع فعلية إذا كانت تخص المرافق العامة أو قطاع الأعمال السوري.