ملف «الحرية».. التعرفة الجمركية هل تبدد الشكوك وترضي الأوساط الحكومية والتجارية وتخفف اضطراب الأسواق؟!

مدة القراءة 8 دقيقة/دقائق

الحرية _ رشا عيسى:
بين مقترحات بتخفيضها لتصل عتبة الصفر، وبين رأي اقتصادي يراها ضرورية مع التوصية بجعلها مرنة ومتغيرة، تبقى الرسوم الجمركية قيد الدراسة بانتظار تعرفة جديدة تقرها الحكومة ربما في المستقبل القريب.
ويحاول الفريق الاقتصادي استعادة التوازن تمهيداً لإيجاد أرضية تتيح التعامل مع هذه المسألة التي لم يغادرها النقاش، وتحتاج حسماً حكومياّ، وسيطرة على التعرفة الجمركية في المعابر كافة لتجنيب الأسواق مزيداً من الاضطراب.

عياش: الرسوم الجمركية أداة فاعلة في التجارة الخارجية

أداة فاعلة

بين الخبير الاقتصادي الدكتور فادي عياش لـ ( الحرية) أن الرسوم الجمركية تعتبر أداة فاعلة في التجارة الخارجية، وتستعمل كأداة إعاقة، وتقييد للتبادل التجاري سواء لاعتبارات سياسية موجهة ضد دول محددة، أو كأسلوب لحماية الإنتاج المحلي لبلد ما.
وظهر مؤخراً استخدام الرسوم الجمركية من قبل الولايات المتحدة الأميركية للتأثير على التجارة الدولية، ومحاولة استعادة القوة الإنتاجية للاقتصاد الأميركي ولا سيما ضد المنافسين الأساسيين للاقتصاد الأميركي مثل الصين والاتحاد الأوروبي.

أهداف هامة

وقدم الدكتور عياش شرحاً عن التعرفة الجمركية التي تعدُّ إحدى الأدوات الاقتصادية الهامة والتي تعتمدها الحكومات لتحقيق عدة أهداف هامة، منها، حماية الصناعات المحلية من المنافسة الأجنبية القوية، عن طريق رفع تكاليف المنتجات المستوردة، وجعلها أكثر تكلفة بالمقارنة مع المنتجات المحلية، وتنظيم التجارة الدولية حيث تُعد الرسوم الجمركية جزءاً من السياسات التجارية الدولية التي تنظم حركة البضائع عبر الحدود، وتحدد شروط التجارة الدولية والواردات والصادرات.
وأيضاً توفر الرسوم الجمركية مصدراً هاماً للإيرادات الحكومية، حيث يتم تحصيلها عند دخول البضائع إلى البلاد، ما يساهم في تمويل الخدمات العامة والمشاريع الحكومية،كما يمكن لها أن تحفز المنافسة بين الشركات المحلية والأجنبية، ما يضطر إلى تحسين جودة المنتجات وخفض التكاليف، وتعزيز الابتكار.
إضافة إلى دورها في تعزيز الأمن الاقتصادي من خلال فرض الرسوم الجمركية حيث يمكن للدول تقييد تدفق السلع ذات الأهمية الاقتصادية أو الأمنية، وحماية القطاعات الحيوية في الاقتصاد من التهديدات الخارجية.
ووفقاً لذلك نجد أشكالاً عديدة للتعرفة الجمركية، وتصنيفاتها تعتمد على عوامل عدة مثل نوع السلعة ومصدرها والغرض من فرض الرسوم. ووفقًا للتشريعات الجمركية والسياسات التجارية في كل دولة.

عياش: حماية الصناعات المحلية من المنافسة الأجنبية القوية

من بين الأنواع الشائعة للرسوم الجمركية كما أوضح عياش ، الرسوم الجمركية الأساسية (Tariff Rate) وتفرض كنسبة مئوية من قيمة السلعة المستوردة، وتُحدد بناءً على تصنيف السلعة في جدول تعريفة الجمارك.
والرسوم الجمركية الإضافية (Additional Duties) التي تُفرض على السلع المستوردة بشكل إضافي بغرض تعزيز حماية الصناعات المحلية أو تطبيق سياسات تجارية خاصة، والرسوم الجمركية المؤقتة (Temporary Tariffs) وتُفرض لفترة زمنية محددة، عادة للتعامل مع أوضاع اقتصادية معينة مثل تعويم العملة أو الأزمات الاقتصادية، والرسوم الجمركية الاستعمالية (Consumption Duties) وتُعد هذه الرسوم أشبه بالضرائب، حيث تُفرض على السلع المستوردة بناءً على كمية الاستهلاك أو الاستخدام، والرسوم الجمركية الوقائية (Protective Duties) والتي تُفرض لحماية الصناعات المحلية من التنافس الأجنبي الضار، وتُفرض عادة في حالات الإصلاحات الهيكلية للصناعة المحلية، والرسوم الجمركية الخاصة (Specific Duties) والتي تُحدد هذه الرسوم بشكل محدد بناءً على وحدات محددة مثل الوزن أو الحجم، بدلاً من الاعتماد على نسبة مئوية من قيمة السلعة.

معايير تنموية

ويرى الدكتور عياش ضرورة استخدام أداة الرسوم الجمركية بمرونة وبمعايير تنموية تتناسب مع مستويات التنمية ونمو الاقتصاد واستقراره أي متغيرة غير ثابتة، وبالتالي يجب أن تكون الرسوم الجمركية مرتفعة على السلع الكمالية وسلع الرفاهية والسلع غير الأساسية، وأن تكون منخفضة للحد الأدنى على المواد الأولية الداخلة في الصناعة ولا سيما الصناعات التصديرية، والقدرة على تحقيق مبدأ الإحلال كبدائل للمستوردات، وكذلك يجب أن تكون متدرجة وتتناسب مع طبيعة القطاعات المتأثرة بها، ويمكن تعويض الإيرادات الناتجة عنها من خلال زيادة القدرة على الإنتاج والتصدير وتوفير القطع.

اكريم : المشهد الاقتصادي المحلي متجه نحو الانفتاح ما يتطلب عملاً كبيراً

أثر على الحركة التجارية

من جهته رأى رجل الأعمال والاقتصادي الدكتور ياسر اكريم أن تخفيض الرسوم الجمركية له أثر مهم على الحركة التجارية، لكن موضوع الجمارك بقي محل شك خاصة أن الحكومة لم تفرض سيطرتها وقوتها على بعض المنافذ الجمركية، وخاصة ببعض مناطق الشمال والشمال الشرقي ما أفرز دخول مواد غير مجمركة، وأدى الى اضطراب الأسواق.

و لفت اكريم إلى وجود مشكلة بين من يقدم بيانات جمركية نظامية للبضائع والبضاىع الأخرى التي تدخل دون وجود تعرفة جمركية، أي رسوم غير متساوية، تخفيض الرسوم الجمركية حل مهم ولمسناه بموضوع استيراد السيارات كما يقول اكريم لأن الرسوم كانت متساوية، في حين أن باقي المواد لم تخضع للمعيار ذاته ما أحدث الاضطراب المذكور في الأسواق ،ما أثر على المواد الغذائية والكيميائية والهندسية .
سوريا كانت تعتمد على الصناعات الهندسية المحلية، والآن تغير الحال وصارت المنافسة على أشدها.
وأرجع الاضطراب بالأسواق أيضا إلى عدم وجود دراسات إحصائية استراتيجية متكاملة تحدد الحاجات الفعلية المقرونة بدخل المواطن، وتحدد الحاجات الأساسية من الاستيراد، مطالباً الحكومة أن تشارك أصحاب الخبرات بالنقاشات والاستشارات.
ورأى اكريم أن المشهد الاقتصادي المحلي متجه نحو الانفتاح ما يتطلب عملاً كبيراً، مع عدم الاستمرار بالطريقة الحالية للعمل الاقتصادي، متمنياً إشراك عدد أكبر من التجار في الدورة التجارية، ومطالباً بوضوح الضرائب، وتحديدها بشكل سريع.

اكريم: الجمارك والضرائب الصفرية تحقق عوائد أكبر للدولة

الجمارك الصفرية

وعاد اكريم لطرح فكرة الجمارك الصفرية والضرائب الصفرية، مرجعاً ذلك لفائدتها باستقدام عوائد أكبر للدولة، وتحريك العمل التجاري بوتيرة أكثر ربحية أكبر، مُدللاً على طرحه بأن الجمارك الصفرية والضرائب الصفرية تجذب الشركات العالمية والتجار إلى سوريا، بحيث تصبح عمليات التخزين الدولية المرتبطة في المنطقة متمركزة بسوريا بمعنى أن التجار في لبنان والعراق والأردن يلجؤون لهذه المخازن انطلاقا من الجمارك الصفرية والضرائب الصفرية، ويتجاوز الأمر التجار ليصل إلى الشركات العالمية التي قد تجد في سوريا منطلقاً تخزينياً مهماً لبضائعها ومنها تشحن إلى الدول المجاورة.
ويذهب اكريم أبعد من ذلك، ليربط موضوع التخزين التجاري والمستودعات التي رأى من المهم أن تنظر الحكومة أو الفريق الاقتصادي الوطني باعتمادها لأن إقامتها تعني تنشيط حركة تجارية متعددة الجوانب، وتشغيل الفنادق وأيضا العقارات لأن بعض التجار يلجؤون لشراء عقارات وسيارات وأيضا يدخلون خط الطبابة والصحة.

تعزيز الشراكات

ورأى اكريم أنه ليس من المهم استقدام شركات خارجية للعمل في بلدنا كما هو الحال الآن، لكن الأمر المهم كما يرى استقدام آلاف الشركات العالمية وإيجاد شراكات وطنية معها، مستعرضاً تجارب الدول الخليجية كالإمارات والسعودية بهذا المجال، والذين حققوا قفزات نوعية مهمة بعد فتح أسواقهم للمتاجرة، ومنتقداً التقصير الحكومي بهذه النقطة على حد قوله.
الشراكات مع الشركات الأجنبية أمر أساسي ،حيث يوجد مشاريع متعثرة أو مشاريع شبه جاهزة متعطلة،فإن إعطاءهم الأرض والشريك الخارجي يؤدي إلى إكمال هذه المشاريع، ورأى أن القوة التجارية حالياً كأفراد وليس كشركات، مقترحاً تقوية الشراكات بوجود قوانين واضحة وشفافة مع السماح بالربح للجميع.

اقرأ أيضاً:

ملف «الحرية».. انخفاض ملموس بمعدلات أسعار سلّة المستهلك..تباينات تحت مظلة الانخفاض..

Leave a Comment
آخر الأخبار