الحريّة- ميليا اسبر:
تحت وطأة الحياة الاقتصادية الصعبة يبحث السوريون عن مخرج لتأمين حاجاتهم اليومية، وتحقيق اكتفائهم الذاتي، لتكون المشروعات الأسرية المنقذة لهم، فخلال الفترات الماضية بدأت فكرة المشاريع المنزلية تنمو في المدن والأرياف لكن ما تزال في حدودها الدنيا.
زراعة سطح المنزل
(مازن حسن) أوضح لصحيفتنا “الحريّة” أنه بعد أن خسر وظيفته ولم يبق لديه مصدر دخل توجه إلى زراعة سطح منزله الذي يقطنه في ريف دمشق، حيث زرع عدة أنواع من الخضار بعدة صناديق من الفلين منها: (البندورة الكرزية- الخيار- الكوسا)، إضافة إلى الحشائش مثل البقدونس والنعنع، مشيراً إلى أنه بعد فترة من الزراعة بدأ يجني حبات منها، وهي كافية لاستهلاك عائلته اليومية ما وفر عليه الكثير من المصاريف حسب قوله.
بدوره أحمد ملحم أشار إلى أنه بدأ بتأسيس مشروعه الريفي الصغير في قريته بريف طرطوس، فقد اشترى عدداً من الدجاج المنزلي ورأسين من الماعز بهدف التربية بحيث يحقق اكتفاءه الذاتي من البيض والحليب، ويرى ملحم أن هذا المشروع الصغير جداً ربما يكون بداية لمشروع كبير يحقق له دخلاً يؤمن له حياة كريمة.
عفيف: اقتصاد الأسرة يدار بالوفرة لا بالقلة.. وهناك تجربة ربط احتياج المدينة بمنتج ريفي
من جهته مؤسس مبادرة المشاريع الأسرية السورية المهندس الزراعي أكرم عفيف أوضح في تصريح لـ”الحريّة” أن الزراعات الأسرية كانت تشكل سابقاً شكلاً من أشكال إنقاذ الأسرة السورية وكان هناك ما يسمى ببيت المونة، وضمن هذه الظروف الصعبة من المهم العودة لهذه التقاليد لتجاوز الحاجة المادية التي يعاني منها المواطن.
يدار بالوفرة
ولفت عفيف إلى أنه تاريخياً اقتصاد الأسرة الأسرية يدار بالوفرة لا بالقلة، مضيفاً: وقد طرحنا في مبادرة المشاريع الأسرية أن دمشق تأكل خضارها من جدران منازلها (هذه المبادرة عبارة عن الزراعات العمودية التي توضع على جدران المنازل بحيث يزرع فيها الخيار والبندورة الكرزية والكوسا.. وغيرها)، مشيراً إلى أن انتشار زراعة الأسطح في المدن أيضاً، وكذلك الزراعات المائية في المناطق التي لا تتوفر فيها مياه كثيرة، كل ذلك بهدف سد حالة العوز عند السوريين.
عفيف: مهمة المشاريع المنزلية رفع الإنتاج السوري من متوسط إلى عالمي
ربط احتياج المدينة بمنتج ريفي
وكشف عفيف عن فكرة ما تزال قيد التجربة وهي ربط احتياج أشخاص في المدينة بمنتج في الريف مثلاً أحد الاشخاص تبنى 16 مشروع بط مصري، كل أربع حبات سعرهم ١٣٠ ألف ليرة وهذا المبلغ يعادل سعر فروج مشوي، وتم إعطاؤهم لشخص من الريف على أن يأخذ صاحب المشروع بدلاً من المال لحماً وبيضاً، علماً أن البط المصري ذو إنتاجية عالية بحيث تكتفي الأسرة من اللحم والبيض لاحقاً، وهذا يؤسس لنوع من الشراكة بين الريف والمدينة، موضحاً أنّ هذا الموضوع يحتاج إلى تنظيم مجتمعي ومؤسسة مبادرة المشاريع الأسرية وفي حال تمأسست سوف تترتب هذه المواضيع بشكل جيد.
وذكر عفيف أنه من المؤسف أننا نادينا بهذه الأفكار منذ سنوات طويلة في عهد النظام السابق والجميع كان يثني عليها، لكن من حيث النتيجة لم نكن نسير خطوة واحدة في هذا الاتجاه، لذلك نأمل في العهد الجديد للدولة أن يكون هناك اهتمام بهذه المبادرة إلا أن ذلك مرهون بتحقيق الأمن والأمان، آملاً أن تُحل حالة العوز عند السوريين بكتل إنتاجية ضخمة تنزل على السوق وتعود سوريا مرة ثانية أرض الخير.
رفع الإنتاج الأسري
وذكر عفيف أن مهمة مبادرة المشاريع الأسرية السورية رفع الإنتاج الأسري من إنتاجية متوسطة إلى منتج عالمي وذلك عبر ثلاثة محركات:
المحرك الرسمي والأكاديمي، أما المحرك الثالث فهو المحرك الأهلي وهو عبارة عن المجتمع (الصناعيون والجمعية السورية للتسويق..)، لافتاً إلى أنه بهذه الطريقة يمكن ربط المشاريع الأسرية بالاقتصاد الكلي والتصدير أيضاً لاسيما أن سوريا هي البلد الوحيد في العالم الذي لديه كل عشرة أيام موسم، حيث لا تتوقف المواسم في سوريا، مؤكداً وجود إنتاج وإذا ربطناه بطاقة العمل الأسري سيكون عملاً رائعاً ومتكاملاً، منوهاً بأنّ لدى السوريين أفكاراً تجعل من منتجهم منافساً على مستوى العالم، وأنّ المشاريع الأسرية السورية الموجودة في كل بيت ممكن تقييمها بحيث يتم مثلاً أخذ مشاريع في حيز الجغرافيا (الساحل- الداخل- مشاريع المنطقة الشرقية)، كل هذه المنتجات يمكن الاشتغال على توفيرها، منوهاً بوجود ملايين الأسر المحتاجة، من هنا يجب أن تستغل حاجة السوريين لإيجاد مخارج تنموية ومشاريع كثيرة.
وفي ختام حديثه شدد عفيف على ضرورة تنظيم قطاع المشاريع المنزلية وتحديد المنتجات الأسرية وهذا الموضوع سهل في حال تنظيمه وتقييم هذه المنتجات ووضع خطة لزيادة الإنتاجية وتحسين نوعيتها وتسويقها داخلياً وخارجياً.