النيران تلتهم والقلوب تحترق.. وأيدي الإطفاء تتحدى النيران في جبال اللاذقية

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية – أمين سليم الدريوسي:

في مشهد يدمي القلوب، تحولت جبال كسب في محافظة اللاذقية إلى ساحة حرب مع الطبيعة، ‏حيث ‌‏التهمت النيران غاباتها الخضراء، وأشعلت شرارة أزمة بيئية وإنسانية تتجاوز حدود ‏الحرائق العادية.‏
في اللاذقية، حيث تعانق جبال كسب السماء، وتزين الأشجار الخضراء السفوح، اشتعلت ‏النيران، ‌‏فاجتاحت ألسنة اللهب “الأخضر واليابس”، والتهمت غابات عتيقة، عمرها آلاف ‏السنين.‏
منذ أيام ‏والعالم يتابع بقلق، بينما تتصاعد أعمدة الدخان، لتُخيّم على سماء سوريا بأكملها، ‏مُعلنةً عن مأساة ‏بيئية ‏وإنسانية تتكشف فصولها تباعاً، هذه ليست مجرد حرائق، بل هي صرخة ‏ألم من قلب الطبيعة، ‏ونداء ‏استغاثة من أرض الأجداد.‏
لم تكن هذه الحرائق مجرد حريق عابر، بل كانت زحفاً شرساً، اجتاح غابات كسب، تلك الرئة ‏الخضراء ‌‏التي لطالما تغنّت بها سوريا عامة واللاذقية بشكل خاص. التهمت النيران أشجار ‏الأرز والصنوبر ‌‏والشيح، وغيرها من الأشجار المعمرة، التي كانت شاهدة على عصور ‏وحضارات، هذه الأشجار التي ‌‏كانت ملاذاً للطيور والحيوانات، تحولت إلى رماد، تاركةً خلفها ‏حزناً عميقاً في قلوب السوريين.‏
في مواجهة هذه الكارثة، لم تهدأ جهود فرق الإطفاء، التي عملت ليل نهار، في محاولة يائسة ‏للسيطرة ‌‏على النيران، تحت قيادة وزير الطوارئ رائد الصالح، ومحافظ اللاذقية، انطلقت الفرق ‏في مهمة ‏بطولية، ‏مدعومة بالطيران الحربي في الجيش العربي السوري، والطيران التركي، ‏وحتى بمساعدة من ‏الجانب ‏الأردني، في صورة تضامن إقليمي تعكس الأمل في مواجهة هذا ‏التحدي، حيث يخاطر رجال ‏الإطفاء ‏بحياتهم لمواجهة ألسنة اللهب بشجاعة، في محاولة لإنقاذ ‏ما يمكن إنقاذه، بينما يقف إلى جانبهم ‏الطيران ‏السوري، ليمد يد العون من السماء، من خلال ‏إلقاء المياه والمواد الكيميائية، في محاولة لإخماد ‏النيران، ‏فيما تأتي من الأردن وتركيا رسالات ‏أمل للتضامن، إذ أرسلت كل منهما طائرات ومعدات ‏للمساعدة في ‏إخماد الحرائق، ما عكس ‏روح التعاون الإقليمي في مواجهة الكوارث.‏
حتى الحيوانات لم تسلم من ألسنة اللهب.. هربت الطيور من أعشاشها، وفرّت الحيوانات البرية ‏في حالة ‌‏من الذعر، خسائر فادحة في التنوع البيولوجي، إضافة إلى الأضرار البيئية الجسيمة، ‏التي ستترك ‌‏بصماتها على المنطقة لسنوات قادمة.‏
في ظل هذه المأساة، تتصاعد الدعوات لتقديم الدعم والمساعدة للمتضررين، فيما يطرح السؤال ‏الأهم: ما ‌‏هي أسباب هذه الحرائق؟ وهل يمكن تفاديها في المستقبل؟ وما هي خطط إعادة تأهيل ‏الغابات ‌‏المتضررة؟
حرائق الغابات في جبال كسب في اللاذقية ليست مجرد كارثة طبيعية، بل هي جرس إنذار يدق ‏ناقوس ‏الخطر، إنها دعوة إلى التفكير في العلاقة بين الإنسان والطبيعة، وإلى ضرورة حماية ‏البيئة، وضمان ‏مستقبل مستدام، إذا يجب أن نتعلم من هذه المأساة، وأن نعمل معاً، من أجل ‏إعادة بناء ما دمرته النيران، ‏ومن أجل مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة.‏

Leave a Comment
آخر الأخبار