الحرية – لوريس عمران :
على سفوح جبال ريف جبلة، كما في مناطق مرتفعة أخرى في آسيا وأفريقيا وأمريكا، ينمو نبات فريد من نوعه لا يحتاج إلى التربة ليستمر بالحياة. يتطفل على جذوع الأشجار، ويعرف علمياً باسم الهدال، وهو الاسم الذي بات يتردد في أوساط مستخدمي الطب البديل، رغم أن البعض لا يزال يطلق عليه اسم “الدبق”، نسبةً إلى ثماره اللزجة التي تلتصق بأرجل الطيور، فتساعد في نقل بذوره من شجرة إلى أخرى.
يشهد هذا النبات إقبالًا متزايداً من قبل مستخدمي الطب البديل، الذين يرون فيه علاجاً طبيعياً لتعزيز المناعة والتخفيف من أعراض أمراض مزمنة، بل ويُستخدم أحياناً كعنصر مساعد في علاج الأورام، على الرغم من التحذيرات المتكررة من خطورة استخدامه دون إشراف طبي.
نبتة فعالة
يقول محمد الخطيب موظف في الخمسين من عمره لصحيفتنا “الحرية” : كنت أعاني من ارتفاع في ضغط الدم، فنصحني أحد العطارين باستخدام خلطة عشبية يدخل الهدال (الدبق) في مكوناتها. بعد فترة من الاستعمال، شعرت بتحسّن ملحوظ، وإن لم يكن علاجاً نهائياً.
في تجربة أخرى، تشير سناء عبد الرحمن وهي معلمة متقاعدة، إلى أن استخدام مستخلص الهدال جاء بتوصية من صديقة مقيمة في ألمانيا، كانت تتلقى علاجاً تكميلياً للسرطان وتقول: “استخدمت المستخلص الألماني لعدة أشهر، ولاحظت تحسناً في طاقتي العامة وقدرتي المناعية.
ويصف الدكتور كمال السيد المتخصص في طب الأعشاب، بأن نبات الهدال من أكثر النباتات إثارة للاهتمام من الناحية الطبية، موضحاً أنه يحتوي على مركبات فعالة مثل الليكتينات والفلافونويدات، التي أظهرت دوراً في دعم الجهاز المناعي، وتُستخدم مستخلصاته فعلًا في الطب التكميلي الأوروبي.
لكنه يحذّر من استخدام النبات الخام دون معرفة دقيقة بنوعه وتركيز مكوناته، مؤكدًا أن بعض أنواعه قد تحتوي على مواد سامة تؤثر على الجهازين العصبي والهضمي. مضيفآ أن الاسم المتداول واحد، لكن الأنواع متعددة، وقد يسبب الاستخدام غير المنضبط آثارً سلبية خطيرة.
تدخل في أدوية داعمة
من جهته أشار الصيدلي أحمد ياسين إلى أن نبتة الهدال لا تُستخدم في الصيدليات العربية كعلاج دوائي مباشر، لكنها تدخل ضمن تركيبات دوائية داعمة في أوروبا، مثل مستحضري Iscador وHelixor المستخدمين في ألمانيا وسويسرا تحت إشراف طبي دقيق ، لافتاً إلى أن الاستخدام العشوائي لهذه النبتة، خصوصاً من قبل النساء الحوامل أو مرضى القلب، قد يكون خطيراً، مؤكداً أنه يجب على مستخدمي الأعشاب استشارة مختص دائماً قبل تناول أي مستخلص نباتي.
الطلب مرتفع
في أحد محال الأعشاب في سوق العطارين باللاذقية أشار العطار المعروف بأبي عدنان إلى أن الزبائن يعرفونه باسم الدبق، و يطلبونه كثيراً، خاصة بعد أن شاع استخدامه لتقوية المناعة والمساعدة في تخفيف أعراض السرطان .
وأكد أبو عدنان أنه يحرص على تنبيه زبائنه أهمية التقيد بالكميات والمدة، قائلاً: إن الأعشاب الطبيعية لا تقل خطورة عن الأدوية عند سوء الاستخدام.
بين الأمل والمخاطر
ويبقى نبات الهدال رمزاً للطبيعة المتناقضة، يحمل في طياته صفات الطفيل وآمال العلاج، يجمع بين الأذى والشفاء، وبين التطفل والحكمة. إنه تذكرة بأن في عالم النبات أسراراً لم تُكتشف بعد، وأن لكل كائن، مهما بدا غريباً، دور في لوحة الحياة المتكاملة.