الحرية- حسام قره باش:
تكاد تخلو غالبية أسواق دمشق من أي معروض سمكي من إنتاج محلي، بينما تغص بالأسماك المجمدة (الأرجنتيني) الداخلة للقطر إما تهريباً أو استيراداً، ويباع الكيلو منه بـ 35 ألف ليرة.
واللافت في الموضوع أن تسويق وبيع الأسماك المتنوعة متوفر عبر الإنترنت، بحيث أصبح عابراً للمحافظات من خلال الطلب من أحد المسامك في أماكن الإنتاج كاللاذقية وطرطوس وإرسالها إلى الزبون في محافظته، ما يرفع الأسعار كثيراً كالسكمبري مثلاً سعره في اللاذقية 25 ألف ليرة ويصل إلى دمشق بسعر 40 ألف ليرة، والقجاج الكيلو منه بـ80 ألف ليرة ويصل إلى دمشق بسعر 100 ألف ليرة.
التجربة المصرية
رغم أهمية قطاع الثروة السمكية في سوريا كركيزة أساسية في الأمن الغذائي ومساهمته في توفر فرص العمل بالتوازي مع التوجه نحو الاستزراع السمكي وإدراك أهمية تربية واستهلاك الأسماك ودعم المزارع الأسرية خاصة مع توفر المسطحات المائية البحرية والعذبة، غير أن القطاع تراجع كثيراً في السنوات الأخيرة ومن غير الممكن الوصول إلى الاكتفاء الذاتي ورفع نصيب الفرد السوري من الأسماك الذي لا يتجاوز1 كغ علماً أن متوسط استهلاك الفرد عالمياً من الأسماك 20 كغ سنوياً.
لقد استطاعت مصر في عام 2024 أن تحقق زيادة كبيرة في إنتاج الأسماك بإنتاج 2,7 مليون طن، لتحتل المرتبة العاشرة عالمياً والأولى عربياً وإفريقياً وتصبح من الدول الرائدة في الاستزراع السمكي، فلماذا لا نستفيد من التجربة المصرية كباقي الدول ونستغني عن المستورد الذي لا يروق للمستهلك ويجهل مصدره وأساليب تربيته؟
الإنتاج والاستزراع
بلغت كميات الإنتاج من الأسماك البحرية والنهرية في سوريا في 2024 بإجمالي 19185 طناً، حسب توضيح مدير الحماية والاستثمار في المؤسسة العامة للأسماك الدكتور هيثم ديب في تصريحه لصحيفتنا “الحرية”، مشيراً إلى إنتاج أسماك المياه العذبة بكميات 16181 طناً منها 11365 طن أسماك مزارع، في حين بلغت كميات الأسماك المنتجة من المياه البحرية 2955 طناً منها 168 طن أسماك مزارع.
ولفت إلى أن أكثر الأنواع استزراعاً من المياه العذبة (الكارب بأنواعه والمشط والسلور والترويت) أما في المياه البحرية فهي (القجاج والقريدس).
وأكمل ديب: أما بالنسبة لتوزيع الإصبعيات من المؤسسة، فقد تم توزيع كمية منها على المربين في عدد من المحافظات، وتم إعداد خطة إنتاجية للعام القادم، ستلبي جزءاً من احتياجات السوق من الإصبعيات والعمل جارٍ حالياً لزيادة عدد مفرخات الأسماك لتغطية حاجة السوق منها، إضافة للقيام بعمليات استزراع السدود والمسطحات المائية وفق برامج مدروسة.
لا عرض ولا طلب
كما يرى ديب أن الإنتاج السمكي في سوريا يتميز بموسميته وتركزه في مناطق دون أخرى، خاصة في ظل الأزمة المائية الحالية وتعرض بلدنا لمواسم جفاف ينتج عنها خروج العديد من المزارع عن الخدمة، ما يؤدي إلى قلة المعروض السمكي في بعض المحافظات غير المنتجة، وبالتالي ارتفاع أسعاره بشكل كبير إضافة إلى صعوبات نقله بين المحافظات وعدم توفر وسائل حفظه المناسبة.
وتشهد أسعار الأسماك أحياناً هبوطاً حاداً بسبب دخول كميات كبيرة من الأسماك إلى الأسواق في مواسم معينة مثل موسم أسماك (البلميدا والسردين والسكمبري) البحرية وكذلك بعض أنواع أسماك المياه العذبة، ما يؤكد أن سعر الأسماك مرتبط بميزان العرض والطلب.
ديب: 754 مزرعة أسماك في سوريا
التراخيص
في هذا السياق، بيَّن ديب للحرية في مجال ترخيص مزارع الأسماك، أن عدد المزارع السمكية في سوريا بلغ 754 مزرعة منها 314 مزرعة مرخصة، وتعمل المؤسسة العامة للأسماك على استقطاب أكبر عدد من المستثمرين لإقامة المزارع السمكية البحرية والعذبة والاستغلال الأمثل للموارد المائية دون الإضرار باستعمالات المياه الأخرى.
خطة مركزة
تسعى المؤسسة في خطتها القادمة على التركيز في التوسع بإنتاج أصبعيات أسماك المياه العذبة من خلال زيادة المفرخات واستكمال تأهيل المزارع التابعة للمؤسسة للنهوض بالعملية الإنتاجية مثل مزرعة (مركز أبحاث السن شطحة- الهرج- عين الطاقة- قلعة المضيق- سعلو) حسب ديب.
وأضاف أيضاً إنه سيتم التوجه نحو الاستزراع المكثف للأسماك في الأقفاص العائمة وتقديم التسهيلات اللازمة لإقامة مزارع سمكية ترابية وتشجيع الصيد البحري خارج المياه الإقليمية، منوهاً بأن المؤسسة ستعيد تأهيل نقاط الحماية التابعة لها، بما يسهم في التخفيف من التعديات كالصيد الجائر والمخالف، عدا عن زيادة المحميات البحرية والمسطحات المائية التي يمكن استثمارها من قبل المؤسسة من خلال التنسيق مع الموارد المائية.
وبالنسبة للأسماك المجمدة، أكد ديب بدوره إعطاء موافقات فنية من قبل المؤسسة لاستيراد الأسماك المجمدة التي تخضع لضوابط محددة وفق القوانين والأنظمة النافذة، متابعاً بقيام المؤسسة بتكليف عدد من الموظفين للرقابة على أسواق ومحلات بيع الأسماك بالتعاون مع الجهات المختصة لضمان وصول المنتج السمكي بشكل سليم للمستهلك.