إحداث “صندوق التنمية”..أداة فعّالة لتوجيه الموارد نحو إعادة الإعمار

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية- رشا عيسى:

أصدر السيد الرئيس أحمد الشرع المرسوم رقم 112 لعام 2025 الذي يقضي بإحداث مؤسسة ذات طابع اقتصادي تُسمى “صندوق التنمية”، يتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، وترتبط برئاسة الجمهورية.

كويفي: الهدف الأساس للصندوق هو المساهمة في إعادة إعمار سوريا وترميم وتطوير البنية التحتية وتمويل المشاريع

المساهمة بإعادة الإعمار

الباحث في الشأن السياسي والاقتصادي المهندس باسل كويفي رأى في تصريح لـ( الحرية) أنّ الهدف الأساس للصندوق هو المساهمة في إعادة إعمار سوريا، وترميم وتطوير البنية التحتية، بما في ذلك الطرق، الجسور، شبكات المياه والكهرباء، المطارات، الموانئ، والاتصالات، إضافة إلى تمويل المشاريع من خلال آليات مثل القروض الحسنة (من دون فوائد).

تعزيز الاستقرار

تكمن أهمية المرسوم في إحداث صندوق التنمية أنها خطوة إستراتيجية، كما وصفها كويفي، في سياق الوضع السوري الحالي، حيث تعاني البلاد من دمار كبير في البنية التحتية نتيجة سنوات الحرب. هذا الصندوق قد يشكل أداة فعّالة لتوجيه الموارد المالية نحو إعادة الإعمار وتحسين الخدمات الأساسية، ما يسهم في تحسين ظروف المعيشة وتعزيز الاستقرار، بالتوازي مع تنفيذ مشاريع إنتاجية وتنموية والاستثمار الأمثل للموارد البشرية والمادية، بوجود إستراتيجية اقتصادية اجتماعية شاملة لضمان تكامل الأدوار، وذلك عبر عدة مجالات يوضحها كويفي كما يلي:

تحسين البنية التحتية وإعادة تأهيل المرافق الأساسية مثل الطرق، الجسور، شبكات المياه والكهرباء، المطارات، والموانئ.. هذا قد يؤدي إلى تحسين جودة الخدمات الأساسية، مثل توفير الكهرباء والمياه بشكل أكثر استقراراً، ما يعزز جودة الحياة للمواطنين، وتنشيط الحركة الاقتصادية حيث تحسين البنية التحتية سيسهل حركة النقل والتجارة، ما قد يعزز النشاط الاقتصادي، ولاسيما في المناطق التي دمرتها الحرب.
وهناك جذب الاستثمارات،لأنه إذا تمت إدارة الصندوق بشفافية وكفاءة، فقد يجذب استثمارات محلية ودولية، خاصة من دول صديقة أو منظمات دولية تدعم إعادة الإعمار. هذا قد يوفر تمويلاً إضافياً للمشاريع الكبرى، والقروض الحسنة (من دون فوائد) التي يقدمها الصندوق قد تشجع رواد الأعمال والشركات الصغيرة على إطلاق مشاريع إنتاجية، ما يدعم الاقتصاد المحلي.
كما سيوفر فرص عمل لأن مشاريع إعادة الإعمار ستتطلب عمالة كبيرة في قطاعات البناء، الهندسة، والخدمات اللوجستية، ما يسهم في تقليل البطالة، خاصة بين الشباب، وتنشيط القطاعات الاقتصادية المرتبطة بإعادة الإعمار قد يؤدي إلى خلق فرص عمل غير مباشرة في مجالات مثل النقل والخدمات.

هذا إضافة إلى تعزيز الاستقرار الاجتماعي لأن تحسين الخدمات الأساسية (مثل المياه والكهرباء) وتوفير فرص عمل، قد يقلل من السخط الاجتماعي ويعزز الثقة في الحكومة، خاصة إذا تمّ تنفيذ المشاريع بفعالية وشفافية، كما أنّ إعادة إعمار المناطق المتضررة قد تسهم في عودة النازحين واللاجئين، ما يدعم الاستقرار الديموغرافي.

التحديات

إلى جانب الإيجابيات الواردة، يسلط كويفي الضوء على التحديات التي قد تؤثر على النتائج وهي :
نقص التمويل، أي نجاح الصندوق يعتمد على توفر مصادر تمويل مستدامة. وفي ظل تدهور الاقتصاد المحلي، قد يكون من الصعب تأمين التمويل اللازم من دون دعم دولي كبير.
الشفافية والحوكمة، بمعنى أنه إذا لم تتم إدارة الصندوق بشفافية، فقد تظهر مشكلات مثل الفساد أو سوء تخصيص الموارد، ما يقلل من فعاليته.
الأولويات والتنفيذ، حيث إنّ تحديد الأولويات بشكل صحيح (مثل التركيز على المشاريع ذات الأثر المباشر) وسرعة التنفيذ سيكونان حاسمين لتحقيق نتائج ملموسة في وقت قصير.
الوضع الأمني والسياسي و استمرار عدم الاستقرار في بعض المناطق قد يعوق تنفيذ المشاريع، خاصة في المناطق التي ما زالت تشهد توترات.

سيناريوهات مستنتجة

وعليه يمكن استنتاج سيناريوهات وفقاً لكويفي، أولها السيناريو الإيجابي المرتبط بتأمين تمويل كافٍ من مصادر دولية ومحلية، وبإدارة الصندوق بشفافية وكفاءة، ما يحقق تقدماً ملحوظاً في إعادة الإعمار خلال 3-5 سنوات، مع تحسينات واضحة في البنية التحتية والاقتصاد.وثانيها، السيناريو المتوسط ، إذا واجه الصندوق تحديات تمويلية أو إدارية، فقد يحقق نتائج جزئية، مثل إعادة تأهيل مناطق معينة فقط أو مشاريع محدودة، مع تأثير أقل على الاقتصاد الكلي.

تعزيز النتائج

وقدم كويفي جملة توصيات لتعزيز النتائج تبدأ بتأمين التمويل والسعي للحصول على دعم من الدول الإقليمية والعربية والدولية والمنظمات التي تعمل من أجل تحقيق الاستقرار والتنمية، وإنشاء آليات رقابة مستقلة تنشر تقارير دورية عن أداء الصندوق وتخصيص الموارد، وإشراك القطاع الخاص وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتمويل وتنفيذ المشاريع، والتركيز على الأولويات والبدء بمشاريع ذات أثر مباشر، مثل إعادة تأهيل شبكات الكهرباء والمياه، لتحقيق نتائج ملموسة سريعاً، وبناء الأماكن لإعادة اللاجئين وسكان المخيمات إلى مناطقهم بناءً على احتياجات المواطنين الملحة، والتنسيق والاستفادة من اقتصاد (التحول الأخضر ) والطاقة المتجددة وما ينجم عنها من تعويضات الانبعاثات الكربونية لتمويل الصندوق، والمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي والمائي عبر تمويل الزراعة الذكية واستخدام التقنية لإنعاش الزراعة مع ندرة المياه.

Leave a Comment
آخر الأخبار