الحرية – بشرى سمير:
تعد حرائق الغابات التي اندلعت في ريف اللاذقية من أكبر الكوارث البيئية التي شهدتها سوريا خلال عقود حيث التهمت النيران آلاف الهكتارات من الغابات الطبيعية بما في ذلك محميات ذات تنوع بيولوجي فريد مثل غابات الفرنلق، هذه الحرائق التي وصفت بأنها “غير مسبوقة”، تسببت بأضرار جسيمة على الصحة العامة القطاع السياحي والغطاء النباتي مع تداعيات طويلة الأمد على البيئة والمجتمعات المحلية.
حرائق الغابات في اللاذقية أنتجت كميات هائلة من الدخان السام ما أثر سلباً على صحة السكان المحليين والمجتمعات المجاورة.
خبير زراعي: استعادتها قد تستغرق 5 – 10 أعوام لتعود إلى حالتها الطبيعية
مشاكل تنفسية
يقول الدكتور محمد العلي اختصاصي أمراض تنفسية: للدخان المتصاعد من الحرائق أضرار كبيرة ويسبب مشاكل تنفسية فالدخان الناتج عن احتراق الأشجار خاصة الصنوبر التي تحتوي على مواد زيتية قابلة للاشتعال بسرعة يحتوي على جزيئات دقيقة وغازات سامة مثل أول أكسيد الكربون ومركبات عضوية متطايرة هذه المواد تسبب تهيج الرئتين وتفاقم أمراض الربو والتهابات الجهاز التنفسي الحادة للأطفال وكبار السن، بسبب تراكم الجزيئات السامة في الرئتين، ما قد يؤدي إلى أمراض مزمنة مثل الانسداد الرئوي المزمن، إضافة إلى الأضرار على العيون.
مرشد سياحي: سيؤثر على الاقتصاد المحلي بما في ذلك الفنادق المطاعم والأنشطة السياحية
صدمة نفسية
من جانبها مها أبو راشد باحثة اجتماعية لفتت إلى الآثار النفسية والاجتماعية للحرائق والتي تسببت بنزوح مئات العائلات من قرى الريف الشمالي لاقتراب النيران من المناطق السكنية نتجت عنها صدمات نفسية وقلق بين السكان خاصة مع غياب خطط إنقاذ واضحة، كما وصفت مصادر محلية الوضع بأنه مأسوي بشكل كبير ما يعكس الضغط النفسي على المجتمعات المتضررة.
تدهور السياحة
من جانبه محمود القاضي مرشد سياحي أشار إلى أنّ الأضرار على القطاع السياحي كبيرة إذ تُعد غابات اللاذقية بما فيها مناطق مثل كسب والفرنلق وأم الطيور وجهاتٍ سياحيةً رئيسية في سوريا بفضل جمالها الطبيعي وتنوعها البيولوجي، تسببت الحرائق في أضرار كارثية على هذا القطاع ومنطقة كسب السياحية الحدودية التي تُعد مقصداً للسياح المحليين والدوليين تضررت بشدة بسبب اقتراب النيران منها وغابات الفرنلق التي تشكل 36-37% من إجمالي الغابات في سوريا تعرضت لأضرار جسيمة ما يهدد جاذبيتها السياحية.
باحثة اجتماعية: شكلت ضغطاً نفسياً على المجتمعات المتضررة
وأضاف القاضي أنّ السياحة في اللاذقية تعتمد بشكل كبير على المناظر الطبيعية والمحميات الطبيعية وتدمير هذه المناطق سيؤثر على الاقتصاد المحلي بما في ذلك الفنادق المطاعم والأنشطة السياحية، ولفت إلى أن تدمير المناطق السياحية مثل غابات الفرنلق وكسب سيؤدي إلى خسارة طويلة الأمد في السياحة البيئية التي تُعد مصدر دخل رئيسياً للمجتمعات المحلية. وأشار إلى أن استعادة هذه المناطق قد تستغرق عقوداً وخاصة مع الأضرار التي لحقت بالغطاء النباتي والتنوع البيولوجي، فغابات اللاذقية تمثل 31% من إجمالي الغابات في سوريا وتتميز بتنوعها البيولوجي الفريد حيث تضم أشجاراً نادرة مثل السرو، الصنوبر، السنديان، البلوط والتفاح البري، كما أنّ الحرائق دمرت موائل طبيعية ما يهدد بانقراض أنواع محلية ويؤثر على التوازن البيئي.
عودة الغابات
بدوره,توقع المهندس الزراعي إبراهيم إبراهيم أنّ استعادة الغابات المحترقة خاصة غابات الفرنلق قد تستغرق 5 – 10 أعوامً على الأكثر وقد لتعود الغابات إلى حالتها الطبيعية ونأمل عدم فقدان الأنواع النادرة أوتدهور التربة، وثمة عوامل مثل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة الناجمة عن التغير المناخي تزيد من تعقيد عمليات إعادة التشجير.
وأكد أنّ خسارة الأشجار المعمرة مثل الصنوبر والسرو سيكون لها تأثير سلبي على النظام البيئي بما في ذلك تدهور جودة التربة وزيادة التصحر وأن الحرائق تهدد المستقبل البيئي والاقتصادي للمنطقة مع تحديات كبيرة في استعادة التوازن البيئي ولفت إلى وجود حاجة ماسة إلى تدخل دولي وعمليات إعادة تشجير طويلة الأمد للتخفيف من هذه الأضرار بعد الانتهاء من إخماد الحرائق بكل المناطق.