كيف نحمي الكوادر البشرية العاملة في إطفاء الحرائق؟

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية – دينا عبد:

حرائق الغابات من الظواهر التي باتت تتكرر للأسف، حيث بات تأثيرها لا يقتصر على الطبيعة والممتلكات فقط، بل أصبح يهدد سلامة الكوادر البشرية العاملة في إخمادها، وخاصة رجال الإطفاء والدفاع المدني.
ومن واجبنا أن نوضح المخاطر وطرق الوقاية والعلاج، خاصة عند الحديث عن الحروق، والتي تعتبر من أخطر الإصابات التي من الممكن التعرض لها.

د.علي: عدم الاستهانة بأي إصابة مهما كانت بسيطة.. الوقاية أهم خطوة وأفضل من العلاج

أنواع الحروق

د.علي يوسف علي اختصاص جراحة تجميلية بين خلال حديثه لصحيفتنا “الحرية” أنواع الحروق التي تصيب الكوادر البشرية المشاركة في عمليات إطفاء الحرائق، حيث بين أن الكوادر العاملة في إطفاء الحرائق معرّضة بشكل أساسي لثلاثة أنواع من الحروق، النوع الأول الحروق الحرارية (Thermal Burns) الاكثر شيوعاً وهي ناتجة عن التلامس المباشر مع اللهب أو الأسطح الساخنة أو الانفجارات، والنوع الثاني وهي الحروق الكيميائية (Chemical Burns) وتحدث في حال استخدام مواد كيميائية في الإطفاء أو في حال تعرض الإطفائي لمواد محترقة تحتوي على مركبات خطرة، أما النوع الثالث فهي  الحروق الكهربائية (Electrical Burns) وتحدث نتيجة ملامسة أسلاك أو معدات كهربائية تالفة أثناء عمليات الإخماد.
وهذه الحروق بحسب د.علي تنقسم لثلاث درجات رئيسية بحسب شدتها، حروق من الدرجة الأولى تؤثر على الطبقة السطحية من الجلد، وتسبب إحمراراً وألماً بسيطين مثل حروق الشمس، وحروق من الدرجة الثانية ويكون تأثيرها على طبقتين من الجلد، وتسبب ألماً شديداً، واحمراراً وفقاعات مائية، وحروق من الدرجة الثالثة وهي الأخطر، حيث تدمر كل طبقات الجلد، ويمكن أن تصل للأعصاب، والعضلات وحتى العظام، وغالباً ما يكون الألم فيها أقل من المتوقع بسبب تلف الأعصاب.
وفيما يخص أصعب أنواع الحروق التي يمكن أن تصيب رجال الإطفاء بين د.علي أن في مقدمتها الحروق العميقة من الدرجة الثالثة أو الرابعة، وهي التي تخترق طبقات الجلد وتصل أحياناً إلى العضلات أو العظام، وهذه الحروق تسبب أذية نسيجية كبيرة، مثل فقدان الإحساس، وأحياناً تشوهات دائمة في حال لم يتم علاجها بشكل سريع ومناسب، وهذا النوع من الحروق يتطلب علاجاً طويلاً وتأهيلاً، وأحياناً عمليات ترميم جراحية معقدة، وكذلك هناك حروق تصيب مجرى التنفس إذا تعرض الشخص للدخان الساخن أو الهواء الملوث.

الأسباب

وأشار د. علي إلى أن التلامس المباشر مع اللهب هو السبب الأول التي تسببها الحروق لكن هناك عوامل أخرى خطيرة مثل الحرارة الشديدة من الجو المحيط والبخار الساخن أو الغازات السامة والتعرض للأسطح المعدنية الساخنة داخل الأبنية المحترقة، إضافة للشرارات أو المواد الكيماوية المستخدمة في الإطفاء أحياناً، ومن الممكن أن تكون الانفجارات الصغيرة التي تحدث داخل مناطق الاحتراق.

الاحتياطات

وفيما يخص الاحتياطات التي من الممكن اتباعها قال د.علي: الوقاية دائماً هي أهم خطوة وأفضل من العلاج، أما الإجراءات الوقائية فهي  استخدام خوذ مزوّدة بقناع واقٍ من الحرارة والدخان، واستخدام قناع خاص للتنفس لتجنب استنشاق الأبخرة السامة مع ارتداء قفازات مقاومة للحرارة وارتداء ملابس خاصة عازلة للنار، والتأكد من سلامة المعدات وارتدائها بشكل صحيح قبل الدخول لأي موقع خطر.

العلاج

وأكد د.علي أن العلاج للحروق الناتجة عن التماس المباشر مع وهج النيران يتوقف على نوع الحرق، فيجب أولاً تبريد المنطقة بالماء الفاتر فوراً وليس( البارد جدآ) لتخفيف الضرر، وفي حالة الحروق الخفيفة، نستعمل كريمات مرطبة، مضادات حيوية موضعية، وتغطية بسيطة.
أما في حالة الحروق المتوسطة إلى الشديدة فإننا نحتاج لتبريد المنطقة فوراً بالماء الفاتر ثم تقييم طبي سريع مع إعطاء سوائل عن طريق الوريد ومضادات حيوية ومسكنات للألم.
وذكر د.علي أن هناك حالات تتطلب التدخل الجراحي مثل الترقيع الجلدي أو الجراحة الترميمية، وفي حال كانت هناك أذية تنفسية ناتجة عن استنشاق البخار أو الغازات، نحتاج لإدخال فوري للعناية المشددة للمشفى.
وبحسب د.علي فإن المدة التي نحتاجها للتعافي تعتمد على شدة الحرق ومساحته ومكانه بالجسم وكذلك الحروق السطحية يمكن أن تلتئم خلال أسبوع إلى 10 أيام، أما الحروق الأعمق فيمكن أن تأخد أسابيع أو أشهر والحروق الشديدة، خاصة إذا احتاجت لجراحة، وقد تمتد فترة الشفاء لعدة أشهر، وأحياناً تتطلب جلسات ترميمية وتأهيلية طويلة الأمد، إضافة لدعم نفسي وجسدي.

الأخطار

وفيما يتعلق بالأخطار الأخرى التي يتعرض لها رجل الإطفاء إلى جانب الحروق، أوضح د.علي أنه من الممكن أن  يتعرض رجال الإطفاء لاستنشاق الدخان الذي يسبب الاختناق أو التسمم بغاز أول أكسيد الكربون، وجفاف وضربات الشمس نتيجة التعرض الطويل للحرارة، والتعرض لإنهاك حراري أو ما يُعرف بالإجهاد الحراري نتيجة العمل لفترات طويلة بظروف قاسية، والتعرض لإصابات عضلية وهيكلية جراء سقوط أجزاء محترقة أو انهيار الجدران، ويمكن حدوث صدمة نفسية بسبب مشاهد الدمار أو الحوادث الصعبة.

نصائح

وبخصوص التعليمات التي يجب اتباعها من قبل رجال الإطفاء عند الإصابة بالحروق، يقول د.علي : يجب الخروج من مصدر الخطر فوراً، ثم تبريد مكان الحرق بماء نظيف فاتر مع تغطية الحرق بشاش معقم أو قماش نظيف وغير لاصق، وعدم وضع أي مواد شعبية (مثل معجون أو زيت)، كما يجب طلب المساعدة الطبية فوراً، ويفضل نقل المصاب لمركز مختص بالحروق.
ووجه د.علي رسالة لكل أبطال الدفاع المدني والكوادر المشاركة بإخماد الحرائق، فقال: نحن نقدّر تضحياتكم أكثر مما تتصوروا، حافظوا على سلامتكم، واعتنوا بأنفسكم مثلما تعتنون بالآخرين، الوقاية والتجهيز الجيد هو أول طرق الحماية، ولاتستهينوا بأي إصابة مهما كانت بسيطة.. اهتموا بارتداء السترات الواقية حتى في المهمات القصيرة، مع ضرورة الإخبار عن أي أعراض غريبة يمكن حدوثها خلال العمل والتواصل مع الفريق الطبي المختص بمثل هذه الظروف.

Leave a Comment
آخر الأخبار