بين القمامة والربح السريع.. “النبّاشون” تحت المجهر

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية– نهلة أبو تك:

في الوقت الذي تفيض فيه حاويات القمامة في مدينة اللاذقية، يلوح مشهد آخر لا يقل قسوة، أشخاص يجوبون الشوارع بحثاً عمّا يمكن جمعه من نفايات قابلة لإعادة التدوير، في مهنة باتت تعرف بـ”النبش”، وعلى الرغم من النظرة الدونية التي تحيط بها، إلا أن هذه المهنة أصبحت مصدر دخل فعلياً لبعض الأسر الفقيرة، وبعض العاملين فيها يحققون أرباحاً قد تصل إلى 50 ألف ليرة سورية يومياً، كما أظهر تقرير مصوّر متداول محلياً.
لكن هذه الصورة لا تخلو من زوايا معتمة، فالمسألة لم تعد تقتصر على نشاط فردي عشوائي، بل تحوّلت، وفق مشاهدات ميدانية وشهادات سكان، إلى ما يشبه شبكات غير رسمية تدير عمل النبّاشين، عبر تقسيم المناطق وتنظيم جمع المواد، خصوصاً المعادن والنحاس والألمنيوم.
وما يُثير القلق أكثر هو تكرار حوادث سرقة أسلاك الكهرباء والهاتف من قبل بعض العاملين في هذا المجال، بهدف استخراج النحاس وبيعه، وهو ما اعتبرته الجهات المحلية “وجهاً تخريبياً يتستر خلف مهنة ظاهرها الحاجة، وباطنها الضرر”.

رئيس مجلس مدينة اللاذقية: عممنا بمنع بيع الخردة والمواد المستخرجة من القمامة في الأسواق والمحلات كخطوة لمحاصرة هذه المهنة تدريجياً

اليد العابثة

وأكد المهندس زين زين، مدير النظافة والبيئة النظيفة في محافظة اللاذقية لصحيفتنا “الحرية” أن مكب القمامة في منطقة القاسية يعاني من تفاقم الروائح الكريهة، نتيجة العبث المستمر من النبّاشين.
وأضاف: يقوم البعض بفتح أكياس النفايات المدفونة، ما يؤدي إلى تحللها مجدداً وانبعاث روائح مؤذية تعرقل عمل الطمر الصحي وتؤثر على صحة المحيط السكاني.
وأوضح زين أن المديرية تدرس تشديد المراقبة على المكب وإغلاقه بسياج مع إجراءات ردعية، بالتنسيق مع الجهات البلدية.

خطوات البلدية لمواجهة الظاهرة

في إطار التصدي لهذه الظاهرة، بينّ رئيس مجلس مدينة اللاذقية علي عاصي في تصريح لـ”الحرية” أن المجلس أصدر تعميماً يمنع بيع الخردة والمواد المستخرجة من القمامة في الأسواق والمحلات، كخطوة لمحاصرة هذه المهنة تدريجياً، وأضاف: نحن لا نستهدف الفقراء، بل نواجه حالة فوضى تهدد الصحة والسلامة العامة، وتستغل الأطفال والنساء ضمن شبكات غير مرخّصة.
وأكد عاصي أن المجلس سيبدأ بحملات توعية ومراقبة مشددة، إلى جانب دراسة إنشاء نقاط فرز رسمية للنفايات، قد تسمح لاحقاً باستيعاب بعض العاملين ضمن إطار قانوني وإنساني.

بين الحاجة والجريمة

النبّاشون، الذين غالباً ما يكونون ضحايا الفقر والتهميش، يجدون أنفسهم محشورين بين خيارين إما البقاء في الظل لكسب لقمة العيش، أو الانجرار إلى شبكات تُوظفهم في أعمال غير مشروعة.
وبينما يُظهر البعض تعاطفاً مع معاناتهم، يرى آخرون أن الظاهرة لم تعد مجرد مسألة فقر، بل تحدٍ بيئي وأمني يتطلب حلاً شاملاً.

Leave a Comment
آخر الأخبار