القاصة هند خضر: العناوين تعكس جوهر النص ومضمونه ولها دور في تحقيق شهرة الكاتب

مدة القراءة 9 دقيقة/دقائق

الحرية- هويدا محمد مصطفى:

يعد العمل الأدبي، بغض النظر عن نوعه، إنجازاً إبداعياً يبرز تميّز الكاتب. القاصة هند خضر استطاعت أن تترك بصمتها الخاصة من خلال أسلوبها القصصي الواقعي، حيث تناولت العديد من القضايا الإنسانية والاجتماعية والوطنية. تعكس كتاباتها عمق تجربتها ووعيها بالواقع، ما يمنحها رؤية فريدة في عالم الأدب. إن قدرتها على معالجة هذه القضايا بمهارة تجعل من نصوصها تجارب غنية ومؤثرة، تسهم في إثراء الساحة الأدبية.
الحرية التقت القاصة هند خضر وكان لنا معها هذا الحوار:

*- هند خضر جمعتِ بين كتابة القصة والنص الأدبي كيف تقدمين نفسك للمتلقي؟
– كي يجمع الكاتب بين كتابة القصة والنص الأدبي والرواية يجب أن يفهم الاختلافات بين هذه الأشكال الأدبية وأن يركز على كيفية توظيف كل نوع منها ليقدمه ضمن عمل أدبي متكامل، كذلك تحتل المصداقية مكاناً هاماً في طرح أي عمل أدبي.
قدمت نفسي في القصة من خلال اختياري لأسلوب الكتابة، حيث اعتمدت الأسلوب البسيط والمفردات التي يسهل فهمها وتؤثر على انطباع القارىء عن الكتاب واستخدمت تقنيات في السرد المباشر وغير المباشر والحوار وعنصر التشويق عبر عدة قصص في الكتاب الواحد وذلك لما تقدمه من تنوع واستمتاع للمتلقي، كما أنها تجذبه بسرعة وتناسب الفئة التي تفضل القراءة في فترات قصيرة. أما في النص الأدبي فقد قدمت نفسي من خلال التعبير عن المشاعر والأحاسيس عبر استخدام الصور البلاغية والاستعارات والتشابيه وأسلوب الرمزية، بينما الأمر مختلف في الرواية، فقد توسعت في وصف الشخصيات والأحداث والأماكن ما يعطي القارىء صورة واضحة ومفصلة عن العالم الذي تدور فيه الأحداث ويتيح له الاندماج مع الشخصيات والقصة لدرجة التعلق بها إضافة إلى أنني اعتمدت إجراء حوارات بين الشخصيات.

*- رسائل نازفة ومسافة أمان وأرصفة التعب مجموعات قصصية، برأيك هل اختيارك للعناوين يحقق شهرة للكاتب وماذا تحدثينا عن تلك العناوين؟
-العناوين تعكس جوهر النص ومضمونه ولها دور كبير في تحقيق شهرة الكاتب وإن لم تكن العامل الوحيد.
برأيي العنوان جذاب ومثير للاهتمام يجذب انتباه القراء ويجعلهم يرغبون في القراءة لاكتشاف ما يختبىء خلف العنوان كما أنه يعطي انطباعاً أولياً عن النص ومحتواه، ما يزيد من انتشار اسم الكاتب ويسهم في تحقيق الشهرة.
بالنسبة لعناوين مجموعاتي القصصية فقد اخترتها بدقة وعناية بحيث تتوافق مع مضمون القصص التي أردت التحدث عنها
في مجموعتي رسائل نازفة نجد أن المتلقي يستطيع اكتشاف محتوى هذا الكتاب إلى حد لا بأس به من خلال العنوان الواضح، فقد تحدثت عن الحب وقدمته كقيمة إنسانية كبرى وعن الصعوبات التي تعترض طريقه وماهية الجرح العميق الذي يصيب الغالبية العظمى من الناس نتيجة فشل تجاربهم.
في مجموعتي مسافة أمان نجد عناوين مختلفة لعدة قصص اجتماعية وعاطفية تحاكي الواقع بجدارة فيها صرخات واقعية وأحاديث عميقة في القلب والروح واختبارات القدر بالإضافة إلى وجود بعض القصص النثرية التي تخبرنا أن للزمن ثمناً باهظاً سيدفعه ذات يوم لكل متلاعب بالمشاعر.
أود التنويه إلى وجود نص ( مسافة أمان) بمثابة علامة فارقة في العنوان و كان الهدف من ذلك أننا لا نخاف من الحب بقدر ما نخشى الخذلان والانكسار ولهذا السبب نحن بحاجة لمسافة من الأمان في علاقاتنا مع البشر
وصلنا إلى مجموعتي القصصية أرصفة التعب التي توسم بالأدب الواقعي الذي يعتبر من أهم أنواع الأدب لأنه ينقل مشاكل الواقع من جهة و من جهة أخرى يحاول أن يضع لها الحلول لأن من مهام الأدب الغوص في قضايا العصر وتسليط الضوء على سلبياته وإيجابياته، كما أن المجموعة تحمل في طياتها الكثير من الوجع والكثير أيضاً من الأمل والتحدي وهي المجموعة الشاملة لمواضيع كثيرة في الحياة منها الاجتماعية والإنسانية والوطنية والعاطفية وما ميز هذا العمل الأدبي عن أعمالي السابقة هو أن أغلب قصصه انتهت إلى نهايات مفتوحة تجعل القارىء أمام عدد لا يحصى من الأسئلة.

*- من خلال تجربتك بكتابة مجموعة نصوص أدبية تحت عنوان “أنين الرمل” أين وجدت نفسك أكثر بالقصة أم بالنص الأدبي؟
: -في الحقيقة كما ذكرت سابقاً أن الكاتب يجب أن يتبع أسلوب التجريب في كتابة جميع أنواع الأدب ومن ثم اختيار النوع الذي يجد نفسه فيه وأن يصب جهده و تركيزه عليه حد الاحتراف.
في أنين الرمل لا أستطيع الإنكار أن تجربتي في كتابة النصوص الأدبية حققت لي شيئاً مختلفاً لأنني كنت بعيدة فيها عن الواقع وأقرب إلى الخيال كما لجأت إلى استخدام أسلوب الرمزية وكانت الصور شعرية والتعابير البلاغية والاستعارات والتشابيه حاضرة في جميع النصوص، كما طغى الجانب الوجداني والرومانسي والغزلي على نصوص أنين الرمل بالإضافة إلى كونها عالجت قضايا إنسانية، ولكنني وجدت نفسي أقرب إلى كتابة القصص القصيرة، فالقصة كما نعرف تتميز بالإيجاز والتركيز على حدث واحد وشخصية واحدة وخاصة التي تتسم بالأدب الواقعي وكوني كاتبة مشغولة بهموم المجتمع ومشكلاته، لهذا أجد متعتي عندما أكتب القصة القصيرة وأحاول تطوير ذاتي باستمرار من خلال القراءة والمطالعة لمختلف أنواع الكتب.

*-من أين تستمدين قصصك وكم أنت قريبة من الواقع؟
-من المعروف أن لكل شخص في هذا العالم حكاية وكل حكاية تحمل في داخلها وجعاً مختلفاً عن حكاية أخرى وقصص الناس لا تنتهي، ولهذا أستمد قصصي من الواقع المحيط بي فأكتب قصصاً عن أشخاص تربطني بهم صلة قرابة أو معرفة مع احترام جانب عدم كتابة الاسم الحقيقي حسب رغبة بطل القصة وأحياناً أكتب عن قصص سمعت عنها وهنا أحاول أن أعرف تفاصيلها بدقة كي أنقل الواقع على أكفّ الصدق. مع مرور الوقت أصبح لدي شغف غير محدود بكتابة القصة القصيرة الواقعية بامتياز.

*- عم تتحدث روايتك (المنتظر)، ماذا حقق لك النشر الإلكتروني؟
-روايتي التي تحمل عنوان المنتظر بدأت بكتابتها منذ ثلاث سنوات والآن وصلت إلى مراحلها النهائية وستكون قيد الطباعة خلال فترة زمنية قصيرة جداً. تم تقسيم الرواية إلى عدة أجزاء لجعل عملية الكتابة منظمة. تروي قصة فتاة من بيئتي الساحلية تنحدر من عائلة فقيرة جداً وكان الفقر هو العدو الذي أشهر سيفه في وجه أحلامها الدراسية في الجامعة فدرست المعهد الفندقي ثم عملت في فندق لتساعد والدها في النفقات التي باتت ترهقه، وهنا تظهر شخصية تكون السبب في تركها العمل وتبدأ رحلة معاناتها وصراعها مع الحياة .
بالنسبة للنشر الإلكتروني فقد نشرت في العديد من الجرائد المهمة منها النهار اللبنانية وحصاد الحبر اللبنانية والرأي اليوم ووالوسط اليوم الفلسطينية و عالم الثقافة وأوبينيا تايمز وأمد الثقافي وغيرها وكان لهذا النشر العديد من المزايا منها سهولة الوصول وانخفاض التكاليف وزيادة التفاعل وإمكانية التحديث والتعديل المستمر، كما أتاح لي الوصول إلى جمهور أوسع بالإضافة إلى ضمانة استمرارية العمل الأدبي ووصوله إلى الأجيال القادمة كما أن توثيقه في جرائد يضمن حمايته من السرقة.

*- هل برأيك كتابة الرواية أسهل من كتابة النص الأدبي؟
-بشكل عام كتابة الرواية أسهل من كتابة النص الأدبي فالرواية رغم طولها و تعقيدها إلا أنها تتبع هيكلية واضحة وتعتمد على (مقدمة عقدة حل)، كما يرافقها تطور بالشخصيات والأحداث وهذا ما يمنح الكاتب مساحة أكبر للتعبير، أما النص الأدبي فهو الأصعب، لأنه يحتاج إلى دقة عالية في اختيار الكلمات والتراكيب، كما أنه يحتاج إلى التركيز على إيصال المعنى بأقل عدد ممكن من الكلمات وهذا يتطلب مهارة في اللغة و الأسلوب، فإذا كان القارىء يبحث عن مساحة للتعبير عن أفكاره وتفاصيله، فالرواية هي الخيار الأنسب له وإذا كان يفضل التركيز على اللغة والأداء اللغوي فعليه باختيار النص الأدبي القصير.

*- هل تناولت أعمالك النقد وما هو دور النقد بالنسبة للكاتب؟
**-مفهوم النقد هو دراسة العمل الأدبي و تفسيره و تحليله من حيث المضمون واللغة والمعنى واللفظ وإظهار المشاعر وليس الهدف منه إظهار العيوب بطريق جارحة. فقد تناولت جميع أعمالي الأدبية النقد البناء الذي لا يخلو من توجيه الملاحظات التي أخذتها على محمل الجد و عملت على تفاديها و كان هدفها يصب في مصلحة مسيرتي الأدبية من قبل نقاد عرب عدة . يمثل النقد مرآة تعكس جوانب عمل الكاتب وتساعد على تطوره، فالنقد البناء يسهم في تحسين الأسلوب واللغة وتوسيع آفاق الكاتب وتحديد نقاط القوة والضعف في النص. آراء النقاد مهمة جداً ويمكن أن تؤثر بشكل مباشر في تقييم القراء للعمل، لأن النقد هو أداة لتطور الكاتب وتساعده على تحسين أدائه في أعماله القادمة وزيادة تأثيره في جمهور القراء.

Leave a Comment
آخر الأخبار