الحرية – مركزان الخليل:
مساحة واسعة من فرص الاستثمار التي توفرها البيئة الاقتصادية والاستثمارية، منها يعود للطبيعة والجغرافية، والموارد المادية والبشرية، المتوافرة على امتداد هذه الجغرافية السورية، ولم تأخذ طريقها للاستثمار بالطريقة الصحيحة، وحتى الأسلوب المطلوب، الذي نستطيع من خلاله، توفير مشروعات مولدة لفرص العمل، وتزيد المداخيل، وتحسين مستويات المعيشة للمواطنين..
والجانب الآخر من فرص الاستثمار، يتعلق بإعادة إعمار وما دمرته الحرب، خلال السنوات الماضية، وما نتج عنها من تخريب للبنية التحتية، والخدمية والبيئة الانتاجية والتصنيعية، التي تحتاج لاستثمارات ضخمة، لإعادتها إلى ميدان العمل والإنتاج، وهذا ما تفعله الحكومة اليوم البحث عن استثمارات محلية وخارجية، من شأنها قيادة المرحلة الجديدة، وفق توجهات الاقتصاد الجديدة، نحو اقتصاد السوق الحر..
تساؤلات…؟
الأمر الذي يثير مجموعة من التساؤلات، تفرض نفسها بقوة على بساط البحث، تتعلق بأولويات الاستثمار في سوريا، انطلاقاً من الحاجة والمصلحة الاقتصادية والاجتماعية، وما هي إجراءات الحكومة التي من شأنها، تسهيل وتمكين بيئة الاستثمار لاستقطاب الرساميل السورية المهاجرة أولاً، إلى جانب رأس المال العربي والأجنبي ثانياً، إضافة إلى تحديد معوقات الاستثمار في سوريا، وكيف يمكن تجاوزها، والسؤال الأهم كيف على الحكومة تنظيم وتوجيه رأس المال الخارجي، القادم إلى سورية “كالسعودية مثلاً” وتوجيهه نحو الفرص التي تحتاجها سوريا لا التي يرغبها المستثمر الخارجي..؟!
معادلة ..
ما ذكرناه معادلة صعبة الحل، لكنها ليست مستحيلة، شرط توفير الأرضية المناسبة والمشجعة على استقطاب الرساميل، التي تسهم فعلياً في الاستثمار الموجه، نحو المشروعات الضرورية، والملحة لإعادة الإعمار، إلى جانب الدخول بمشروعات متوقفة سابقاً، أو قطاعات تحتاج للتمويل لتحقيق انطلاقة تنموية هدفها بالدرجة الأولى “المصلحة الوطنية” وبناء شراكة اقتصادية تحقق المنفعة التي يستفيد منها كافة الأطراف..
موارد متنوعة
الباحث الاقتصادي أكرم عفيف يرى: أنه عندما نتحدث عن اقتصاد سورية، نتحدث عن كم هائل من الموارد المتنوعة، وهذه الطبيعة هي بحد ذاتها عامل مهم جداً لتشجع الاستثمار وفي كافة الاتجاهات، إلى جانب الموقع الجغرافي الجاذب لها، والذي يفرض حالة خاصة ترتبط فاعليتها، بأرضية ثابتة ومتنوعة للاستثمار، سواء السياحي منه، أو الزراعي بشقيه “الحيواني والنباتي” والتجاري والتصنيعي، وهما أكثر القطاعات الجاذبة للاستثمار الى الجانب السياحي..
وهنا يرى” عفيف” أنه من الضروري اليوم، أمام ما يحصل من تطورات متسارعة، على المستويين الاقتصادي والسياسي، باتجاه الانفتاح نحو العالم الخارجي بصورة إيجابية، تتوافق مع توجه الحكومة، ونخص هنا الجانب “الاقتصادي” في اتخاذ جملة من الإجراءات تكفل تحول “سلس ومرن” للاقتصاد الوطني نحو اقتصاد السوق الحر، والذي يعزز هذا التوجه، هو المناخ الملائم للاستثمار، وإيجاد بيئة حاضنة، وآمنة للاستثمارات المحلية والخارجية، لتوسيع نشاطها، والمساهمة بالنهوض الاقتصادي وإعادة الإعمار، التي تلتزم الحكومة بتنفيذها، لما دمرته الحرب خلال السنوات الماضية…
تدفق الرساميل
وهذه البيئة تتطلب توفير إجراءات تسمح بتدفق الأموال نحو البيئة السورية، منها على سبيل المثال: أرضية مشجعة تتضمن تسهيل موافقات الحصول على الترخيص، واعفاءات كثيرة من الضرائب والرسوم، تأمين خدمات البنية التحتية والمصرفية، ومستلزمات أخرى تتعلق بالطاقة والمياه وغيرها، وما نراه اليوم من بيئة مشجعة للاستثمار تختلف عن البيئة السابقة في زمن النظام البائد، وخاصةً بعد رفع العقوبات الاقتصادية، الأمر الذي من شأنه المساهمة في تدفق الرساميل الكبيرة المهاجر منها والخارجي..
عفيف: عندما نتحدث عن اقتصاد سوريا نتحدث عن كم هائل من الموارد المتنوعة وهذا بحد ذاته عامل مهم جداً لتشجع الاستثمار..
قيد المعالجة
وأوضح “عفيف” حالياً معظم المعوقات قد أزيل، والباقي قيد المعالجة، ويبقى عنصر الأمان هو الأكثر حاجة في هذه الأيام، والحكومة والجهات المعنية تحاول توفيره وفرض سلطة الدولة في كافة القطاعات، واتخاذ القرارات على المستوى الوطني بعودة الانتاج، وتنفيذ المشاريع التشغيلية التي تؤمن فرص العمل، تستوعب الآلاف من الشباب الوافد الى الميدان، وخاصة ما صدر مؤخراً من توفير خمسين ألف فرصة عمل من مشروعات تشغيلية قيمتها أكثر من ستة مليارات دولار، وهذا الأمر ليس بالعادي، بل إنما إجراء إيجابي على مستوى وطن، يحمل الكثير من معاني الجدية في ترجمة الأقوال إلى أفعال..
من باب الأهمية
وهنا لا بد من إيلاء الرساميل الخارجية الاهتمام الكبير، وتوجيهها للاستثمار في القطاع الزراعي هذه الأيام بشقيه “الحيواني والنباتي” لما تمتلكه من موارد مشجعة، يتم من خلالها تشجيع إقامة المشروعات الإستراتيجية البعيدة المدى، نذكر على سبيل المثال الاستثمار في حصاد الأمطار كالسدود، ومشاريع الري الحديثة، والاهتمام بالزراعات الصناعية، والتصنيع المرافق لها، وبالتالي بهذه الطريقة يمكننا أن نأخذ الاستثمار نحو الجوانب التي نرغبها وتتلاءم أيضاً مع أهداف ورغبات المستثمر..
واليوم سوريا مساحة واسعة للاستثمار، وأرض خصبة للموارد المتنوعة، تحتاج لتسليط الضوء والاستثمار المفيد والذي يحقق المنفعة المزدوجة، والتي تهدف بالنتيجة الى تحقيق المصلحة الوطنية العليا التي تؤمن اقتصاد قوي، يؤسس لحياة أفضل للمواطن السوري.