الحرية – دينا عبد:
يمر المراهق والمراهقة خلال فترة النضج بالكثير من التغيرات من أجل فهم ذاته، وتكوين شخصيته، لذا على الأهل أن يكونوا على قدر كافٍ من الفهم والاستيعاب.
حالات
تحكي والدة سلوى فتقول: منذ فترة لاحظت تغيرات تظهر على ابنتي البالغة من العمر ١٧ عاماً حيث بدأت تصرخ في وجهي لأقل الأسباب، وإجاباتها تكون بصوت مرتفع دائماً ما يسبب لي الإحراج أمام الأقارب والجيران وضمن المحيط الاجتماعي.
وهنا تتساءل والدة سلوى: هل هذه الحالة نفسية؟ وكم من الوقت ستستمر؟
أما طاهر فهو شاب يبلغ من العمر١٩ عاماً تشرح والدته معاناتها معه فتقول: منذ وفاة والده تغير أسلوبه معنا، فبات واضحاً أنه يُظهر رجولته فيصرخ في وجهي ويحدثني بطريقة لا تليق بي أمام الجميع، مبينة أن هذه التصرفات بدت واضحة عليه منذ عدة أشهر فهو لم يكن هكذا أبداً، على العكس، كان مطيعاً ومسالماً وطلباتي كلها عنده مجابة، ولكن لا أعلم ماذا جرى له، ولماذا تغيرت أحواله؟
تعبير عن ضغط نفسي..
من وجهة نظر أخصائية الصحة النفسية د.غنى نجاتي فإن ما يبدو للأهل هو في الحقيقة تعبير داخلي عن ضغط نفسي أو حاجة غير مفهومة لدى المراهق.
فالتغيرات الهرمونية والنفسية في هذه المرحلة تجعل المراهق سريع الانفعال، وقد يصرخ أو يرد بجرأة من دون وعي كامل بعواقب سلوكه.
وتشير إلى أن الأهل غالباً ما يفسرون هذه التصرفات على أنها متعمدة لكنها تعبير غير ناضج عن مشاعر لم تُفهم بعد، أو لم تُمنح المساحة الآمنة للتعبير عنها.
وتنصح د.نجاتي الأهل بعدم الرد بالعصبية أو بالعقاب، بل تأجيل الحوار حتى تهدأ الأجواء، وبعد ذلك يبدأ الحديث مع المراهق أو المراهقة بلغة تحترم مشاعرهما من دون التنازل عن قيمة الاحترام المتبادل.
كما تبين أن الاعتذار المتبادل، حتى من الأهل في بعض الأحيان يمكن أن يكون وسيلة فعالة لتعليم المراهق أن الاعتراف بالخطأ لا ينتقص من الكرامة، وتالياً حتى لا تتكرر التصرفات الخاطئة وخاصة مع من هم أكبر منا سناً.
فهذه المرحلة حرجة، وتتطلب احتواء المراهق حتى تستقر مشاعره وتنتظم ردود أفعاله، وهو لن ينسى لاحقاً كم كان مفهوماً من والديه في لحظات ضعفه.
وتبين نجاتي أن تصاعد ظاهرة رفع الصوت في البيوت يعود إلى عدة أسباب من بينها الفجوة التي اتسعت بين الأهل والأبناء نظراً للانشغال بالحياة اليومية من جهة، وثقافة السوشال ميديا من جهة أخرى، حيث يتأثر المراهقون بشخصيات ونماذج موجودة عبر بعض المواقع، فتعزز في داخلهم الجرأة في التعبير حتى لو كانت على حساب احترام الآخر أياً كان الأب- الأم- الجد..
إثبات الذات..
حيث إن كثيراً من المراهقين لا يملكون أدوات حوار ناضجة، لذلك يرفعون أصواتهم كوسيلة لإثبات الذات أو فرض الرأي، مبينة أن التساهل المستمر مع هذا السلوك يمكن أن يتحول إلى نمط دائم، ويخلق داخل الأسرة مناخاً مشحوناً وغير آمن للتواصل داخل الأسرة.
فالمراهقة لحظة تحدٍ تحتاج إلى أدوات جديدة، مثل الإنصات العاطفي، والمرونة، ووضع حدود واضحة ولكن غير قاسية.