في الأسبوع العالمي للرضاعة الوالدي.. دعوة مفتوحة لحماية الأطفال وتمكين الأمهات

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – باسمة اسماعيل:

يحتفي العالم سنوياً بالأسبوع العالمي للرضاعة الوالدي، في الأسبوع الأول من آب، وهي مناسبة طبية وإنسانية تهدف إلى رفع الوعي بفوائد الرضاعة الطبيعية، وتعزيز ثقافة دعم الأمهات لممارستها في ظروف صحية ونفسية ملائمة.
بعيداً عن الشعارات، هذا الأسبوع يمثل فرصة حقيقية لإعادة الاعتبار لحليب الأم بوصفه غذاء فريداً لا يعادله أي بديل صناعي، وغذاء يحمل في طياته حماية بيولوجية متقدمة وارتباطاً نفسياً عميقاً بين الطفل وأمه.

لا يُصنَع في المختبرات

أكدت الدكتورة هلا بدر، أخصائية أطفال ومسؤولة الإرضاع الوالدي بمشفى الأطفال والتوليد أن الرضاعة الطبيعية ليست مجرد خيار بل ضرورة صحية وغذائية، وأحد أهم أسس بناء جهاز مناعي قوي لدى الطفل.
وأوضحت في تصريحها لصحيفتنا “الحرية” أن حليب الأم متكامل، يحتوي على سكر اللاكتوز، وبروتينات سهلة الهضم، ودهون أساسية لا تتوفر بجودتها نفسها في الحليب الصناعي، كما أنه يتغير حسب عمر الرضيع، ويمنحه مركبات مناعية وهرمونية تحميه من الأمراض.

راحة نفسية وشعور بالأمان

سماح أم لطفلة عمرها 5 أشهر، بينت أنها لم تتردد لحظة في إرضاع طفلتها، وبأنها شعرت أن الرابط العاطفي بينها وبين طفلتها أصبح أقوى مع كل جلسة رضاعة، ولاحظت أنها لا تعاني من مغص أو إمساك مثل أطفال قريباتها اللواتي يرضعن صناعياً.
أما منى أم حديثة الولادة فتقول: سمعت كثيراً أن الرضاعة تغير شكل الجسم وتؤثر على الثدي، وكنت خائفة من هذا التغير، ومع ذلك أشعر بالذنب حين أرى طفلي ينظر إليّ أثناء الرضاعة بالحليب الصناعي، وربما أغير قراري قريباً.
أليسار موظفة وأم لطفلين، ذكرت أنها في البداية كانت ترضع طبيعياً، لكن بعد عودتها للعمل، وجدت صعوبة في الاستمرار، خاصة أن مكان عملها لا يوفر بيئة مناسبة لشفط الحليب أو التخزين، فاضطرت للانتقال إلى الحليب الصناعي.
وعند سؤال الدكتوره هلا بدر عن هذه الحالات، علقت قائلة: تجارب الأمهات مفهومة، لكن يجب علينا كمجتمع أن نخلق بيئة داعمة للأم، سواء في المنزل أو العمل أو المشفى، كي تستمر في هذا الخيار الحيوي، ومن حقها أن تتلقى التوعية والدعم النفسي والطبي دون أحكام أو ضغوط.

صحة وذكاء

وأوضحت د. هلا أن الأبحاث الطبية تشير إلى أن الرضاعة الطبيعية، تقلل من خطر السمنة والسكري والربو، وتحسن من التطور العقلي والذهني، وتقي الأم من سرطان الثدي والمبيض، تسرع من خسارة الوزن بعد الولادة، تفرز هرمونات مهدئة تحارب الاكتئاب ما بعد الولادة.

فوائد اقتصادية مستدامة

وبينت إذا ما تمت مقارنته مع الحليب الصناعي بعد ذكر فوائده، فإن الرضاعة الطبيعية، لا تحتاج لعبوات، حلمات، تعقيمات، توفر نفقات العلاج الناتجة عن مشاكل الهضم والمناعة، تخفف العبء البيئي الناتج عن مخلفات الحليب الصناعي.

الجمال لا يتناقض مع الرضاعة

ونوهت بأن من أكثر المفاهيم المغلوطة شيوعاً أن الرضاعة تفسد شكل الجسم أو الصدر، الحقيقة أن التغيرات الجسدية تحدث بسبب الحمل وليس بسبب الرضاعة، بل إن الرضاعة تساعد الجسم على التعافي.
ولفتت د. هلا إلى أن مشفى الأطفال والتوليد باللاذقية يطبق سياسة واضحة وصارمة قائمة على دعم الرضاعة الطبيعية، حيث يتم.. حتى للأطفال في الحواضن.. تأمين حليب أمهاتهم بشفطه بطرق صحية وتقديمه بوسائل طبية مناسبة، وإن أمكن، يسمح للأمهات بالدخول لإرضاع أطفالهن داخل الحاضنات.

فعاليات الأسبوع

وأضافت: ضمن فعاليات هذا الأسبوع، تقيم مديرية الصحة ومشفى الأطفال والتوليد، محاضرات علمية وتوعوية للأمهات، ورشات عملية للكوادر الطبية حول تقنيات الدعم والرضاعة، لقاءات فردية للأمهات الجدد مع طبيبات وممرضات متخصصات، توزيع كتيبات ونشرات توعوية بأكثر من صيغة.
وأشارت إلى أنه في زمن تحكمه السرعة والتكنولوجيا، يبقى حليب الأم الخيار الأكثر إنسانية وطبيعية وتكاملاً، ليس مجرد غذاء، بل هدية حياة تصنع من جسد الأم وقلبها، وتمنح الطفل البداية التي يستحقها.

Leave a Comment
آخر الأخبار