بانتظار قطف الثمار..

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية- سامي عيسى:

خلال عقود من الزمن مرت، حملت أثقال كبيرة على اقتصادنا الوطني، وما أكبر هذه الأثقال، البعض منها موروث، والكثير منها من فعل الأزمات التي ” دوخت الخبراء، وأهل السلطة السبع دوخات” فكلما وجدوا حلاً، طار مقابله عشرات الحلول، إلى أن بقي اقتصادنا، بكل مكوناته حقل تجارب، المستفيدون قلة، والخاسرون كثُر، على امتداد الجغرافية السورية ..!
لكن المشكلة ليست هنا، بقدر ما تتعلق بقصص اصلاح القطاع الصناعي وخاصة العام منه، والتي توجت بحكاية” ألف ليلة وليلة” دون أن نصل إلى الحلقة الأخيرة منها، الأمر الذي خسرنا فيه الكثير من الخبرات، والكفاءات العلمية والفنية، وحتى الاستثمارات التي تجاوزت حدود كل معقول في وصف تدهورها، وهذه مسألة شكلت عبر سنوات طويلة، أخطر المشكلات والمعوقات التي مازالت، المعترضة الأكثر تأثيراً، في الحياة الاقتصادية في سوريا..!
رغم ما سجلته، هذه السنوات شريط من الذكريات يحتوي على مجموعة من الدراسات، والاستراتيجيات، وضعتها حكومات متعاقبة بقيت في مجملها حبراً على ورق, دون تنفيذ يذكر على الرغم من توافر بعض مقومات التنفيذ, إلا أنها لم تبصر النور لفقدان النوايا الطيبة، وإرادة التنفيذ على الأقل ..!
لكن سنوات الحرب كانت الأكثر اختلافاً، عما سبق بسبب تأثيرات الحرب، والحصار الاقتصادي، والعقوبات الظالمة التي استهدفت كل مكونات الحياة الاقتصادية والاجتماعية، والأخطر أنها زادت تعقيدات نمو الحالة الانتاجية، بشقيها الصناعي والزراعي، دون أن ننسى انتاجية الخدمات ومفرداتها.. !
وبالتالي انطلاقاً من ذلك لابد من رؤية صحيحة تعتمدها الحكومة ممثلة بوزارة الاقتصاد والصناعة، لا تفتح المجال لمزيد من التأويل, بل تحمل تفسيرات بناءة وعملية، يمكن من خلالها إعادة بناء ما دمر وفق استراتيجية تتماشى مع الامكانات المتاحة وتحديد أولويات كل مرحلة، بما يتناسب مع حاجات كل قطاع..
لكن قبل ذلك لابد من تشخيص واضح وصريح، للواقع الصناعي بجناحية” العام والخاص” وتحديد كل أمراضه، بقصد ايجاد الدواء المناسب لا أن نختبئ وراء فرضيات , تزيد من تعقيدات العمل..!
وبالتالي فإننا نجد هذا الأمر أخطر الأمراض التي عانت منها صناعة” الأمس ” إلى جانب جملة من الأمراض خلفتها” السياسات البائدة، وحرب السنوات الماضية وخروج آلاف المنشات والورش الصناعية عن الخدمة والإنتاج, وفقدان مصادر المواد الأولية , ونقص كبير في حوامل الطاقة, ناهيك عن صعوبات الموارد المالية وغيرها ..!
بالتأكيد كل ما ذكر معلوم وهو مضمون معظم تلك الاستراتيجيات والخطط, ولا تختلف كثيراً عن بعضها , لكن القاسم المشترك فيما بينها عدم الرغبة في التنفيذ وتموضعها في أدرج الطاولات، و”للأسف الشديد” الكل ينادي بتطويرالقطاع الانتاجي الصناعي بشقيه العام والخاص..!
والحكومة اليوم تعمل بصورة مختلفة، وباستراتيجية هي الأكثر وضوحاً، وبدأت خطوات جادة في هذا الاتجاه منها معالجة للواقع، ومنها باتجاه فتح الباب أمام الاستثمار، وطرح شركات متوقفة عن الإنتاج للاستثمار منها شركة كنار، على سبيل المثال، والدخول في مشاريع استراتيجية مع الاستثمار الخارجي، لاسيما الاسمنت، وقطاع النسيج، وإعادة تأهيل شركات قائمة، بتكنولوجيا حديثة، تستطيع من خلالها الدخول عالم التشغيل والتسويق العالمي، بمواصفات عالمية، وجودة تمكنها من المنافسة، بقدرات سعرية، تكون حكم البقاء فيها..
هذا الأمر ليس في القطاع الصناعي فحسب، بل في كافة القطاعات الانتاجية والخدمية الأخرى، والتي تتماشى مع التوجه الجديد لاقتصادنا الوطني نحو اقتصاد السوق الحر..
واليوم مواطنون، وحكومة وفعاليات اقتصادية وخدمية، ننتظر تغييرات جوهرية، تسمح بتحقيق عوائد اقتصادية، وقطف ثمار يستفيد منها الجميع..

Issa.samy68@gmail.com

Leave a Comment
آخر الأخبار