الحسميات تأكل الراتب

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية – عمران محفوض:

فُوجئ معظم العاملين في الدولة الذين قبضوا رواتبهم عن شهر آب الجاري بنسبة مرتفعة من الحسميات المقطوعة من رواتبهم، والتي تجاوزت لدى البعض 20% من الأجر المقطوع، تزيد أو تنقص قليلاً بحسب كتلة راتب الموظف وعدد الصناديق والنقابات التي ينتسب إليها.
ووفق هذا المعدل الكبير من الحسميات نستطيع القول: إن رواتب الكثير من الموظفين لم تتجاوز اليوم سقف المليون ومائة وستين ألف ليرة للعامل من الفئة الأولى؛ ما يعني أن مبلغ الحسميات بحدود أربعمائة ألف ليرة، وكأن حصة لا بأس بها من زيادة الرواتب المقررة 200% كانت من نصيب الصناديق التعاونية والاجتماعية والصحية ورسوم الاشتراك في النقابات، إضافة إلى أقساط التأمينات الاجتماعية والتأمين الصحي.. وغيرها، ناهيك عن مقدار الضريبة على الدخل المقطوع التي وصلت إلى نحو سبعين ألف ليرة، يضاف إليها مبلغ عشرة آلاف ليرة الذي تقتطعه بعض شركات الصرافة التي تم تحويل الراتب إليها من تطبيق شام كاش..
بالمحصلة فإن الراتب الصافي الذي كان قبل الزيادة بحدود أربعمائة وخمس وثلاثين ألف ليرة، وأصبح اليوم بعد الزيادة المذكورة مليوناً ومائة وستين ألف ليرة، أقل من الحد الأدنى لتوقعات الموظف بقبض راتب يقارب مليوناً وخمسمائة ألف ليرة – مع التعويضات – اي هناك خيبة أمل بحدود 20 %.
وبعد هذه العمليات الحسابية ربّ مراقب يرى أن زيادات الرواتب في السنوات الماضية كانت كلها من نصيب التجار والمنتجين وأصحاب وسائل النقل ومقدمي خدمات الاتصالات والتعليم، والغلاء الفاحش للسلع والمواد الغذائية، وبدل أن يلمس الموظف زيادة على راتبه كان يتدهور مستواه المعيشي، وهكذا دوليك حتى وصل إلى قعر مستنقع الفقر الذي رماه فيه النظام السابق.
إلا أنه ورغم ذلك يقول بعض العاملين: “لعلها فرحة لم تكتمل”، من دون إدراك أن هذا الراتب ليس الزيادة المقررة كلها بل جزء منها وبنسبة تقديرية تعادل الثلث فقط في حين الزيادة القادمة – حسب تصريحات وزارة المالية – ستكون 200% ثانية على الراتب الحالي – وليس السابق – بمعنى أن كامل الزيادة المقررة 400 % فيما لو تمت إضافتها على الراتب السابق دفعة واحدة لكان الراتب الحالي أقل من مليوني ليرة، أما بعد صدور الزيادة القادمة 200 % فمن المتوقع أن يقترب الراتب من سقف ثلاثة ملايين وخمسمائة ألف ليرة، والزيادة التالية فيما لو تحققت خلال الأشهر المقبلة بعد إعادة النظر بنسب الضريبة والرسوم واقتطاعات الصناديق النقابية وأقساط التأمينات الاجتماعية والصحية ستكون فرحة العاملين تعادل أو تفوق نسبتي الزيادتين، وربما أكثر، ما يؤكد صواب مسيرة حياتنا العمالية المقررة منذ عقود، وهي إنه “مثلما علينا أن نحصل على زيادات الراتب بالتقسيط علينا أن نفرح بالتقسيط”، وكأن أسلوب الدفعة الواحدة يجلطنا، وهذا ما يجب على العاملين تداركه قبل التفكير برسم ملامح المفاجأة على وجوههم.

Leave a Comment
آخر الأخبار