وداعاً لأيام الانتظار.. إجراءات تيسر حياة المتقاعدين وقبض رواتبهم

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية- إلهام عثمان:

في مشهد يعكس تحولاً جذرياً في تجربة المتقاعدين مع مستحقاتهم المالية، أطلق مصرف سوريا المركزي مبادرةً نوعيةً تُعيد رسم ملامح التعامل المصرفي، بعد سنواتٍ من المعاناة، والانتظار الطويل أمام الصرافات الآلية، والرحلات المتكررة التي كانت تُرهق فئة المتقاعدين بالتزامن مع أمراضهم وما خطته سنين الخدمة من تعب، لتتحول أيام الانتظار إلى دقائق معدودة، هذه الخطوة التي تدمج البعد الاجتماعي في صميم السياسة النقدية، أتت لتجسد تقديراً حقيقياً لجهود المتقاعدين على مدى سنوات خدمتهم.

معاناة بالأمس ويسر اليوم

أكدت اختصاصية علم النفس الاجتماعي مريم المصطفى ومن خلال حوار مع صحيفتنا “الحرية” أن قبل هذه الإجراءات، كانت حياة المتقاعدين تتسم بمعاناةٍ يومية مع قبض رواتبهم، حيث كانوا يقفون في طوابير طويلة، أحياناً تحت أشعة الشمس الحارقة أو في البرد القارس بانتظار دورهم لسحب رواتبهم، ناهيك بأن بعضهم كان يعاني من أمراض مزمنة تجعل الوقوف لساعاتٍ طويلة أمراً بالغ الصعوبة، والبعض الآخر كان يأتي من أماكن بعيدة، ليجد نفسه أمام صراف آلي فارغ إن لم يكن معطلاً.
مضيفة: إن رحلة الحصول على الراتب الشهري أشبه بمعركةٍ يومية لها عتادها من الصبر إذ إنها تستهلك الوقت والجهد، وتفقد المتقاعدين جزءاً كبيراً من يومهم بل وأحياناً أخرى شهراً كاملاً من التنقل والانتظار.

شواهد من أرض المعاناة

تقول السيدة أمينة، وهي متقاعدةٌ في السبعينيات من عمرها، كان الأمر مرهقاً جداً، خاصةً مع آلام المفاصل التي أعاني منها، أما السيد أبو حسن، فيضيف: نأمل بعد صدور القرار ألا يكون هناك ازدحام كما كان في السابق، هذا إضافة للملاسنات التي كانت تحدث بسبب الوقوف الطويل ومحاولة أحدهم أخذ دور غيره، ما يؤدي لمشاحنات بين البعض، أما حنان امرأة ستينية تقول: أن أقبض راتبي دفعة واحدة، تعد فرحة وخطوة جميلة، لذا أخطط لمصروفاتي براحة من دون خوف.
هذه الشهادات تجسد التحول الكبير الذي أحدثته قرارات المصرف المركزي.

قرارات جريئة

وهنا بينت المصطفى، أن هذه التحولات لم تأتِ من فراغ، بل كانت نتيجةً لقراراتٍ مدروسةٍ من مصرف سوريا المركزي والجهات المعنية الأخرى، والتي تهدف إلى تيسير حياة المتقاعدين، والتي تمثلت بأبرز القرارات في والتي مفادها، تغذية الصرافات الآلية بالسيولة اللازمة وصرف الرواتب دون انقطاع، مع صرف الرواتب دفعةً واحدة وفي اليوم نفسه، لضمان حصول المتقاعدين على مستحقاتهم كاملةً في وقتٍ واحد، مع زيادة عدد نقاط الصرف وتخفيف الازدحام، وضمان جاهزية الصرافات الآلية وتغذيتها لأكثر من مرة يومياً كل ذلك عزز من تقدير المتقاعدين لسنوات قضوها في عملهم.

دمج ناجح

كما أوضحت المصطفى أن هذه الإجراءات تعد نموذجاً ناجحاً لدمج البعد الاجتماعي في السياسة النقدية، إذ إنها خففت الأعباء الجسدية والنفسية على المتقاعدين ومنحتهم مرونةً أكبر في إدارة دخلهم الشهري، لافتة إلى أن رفع سقف السحب اليومي لا يختصر الوقت والجهد فحسب، بل يجعل المواطن أكثر قدرةً على التعامل مع التزاماته المعيشية بكفاءة.

وأشارت المصطفى إلى الأهمية التنظيمية والخدمية الكبيرة لضمان تغذية الصرافات الآلية على مدار اليوم، حيث يمنع الانقطاعات المفاجئة ويحافظ على انسياب العمليات المالية، لافتة إلى أنه يعزز الثقة بين المواطنين والمؤسسات المصرفية، ويربط الخدمات المالية بدورها التنموي والإنساني.

الشمول المالي والاجتماعي

وختمت المصطفى: إن هذه المبادرة من مصرف سوريا المركزي تشكل خطوةً هامةً نحو تعزيز الشمول المالي والاجتماعي معاً، لاسيما أنها تظهر وعياً بأهمية تيسير حياة الفئات الأكثر حاجةً، محولة بذلك أيام الانتظار الطويلة إلى دقائق معدودة من الراحة والاطمئنان، ومجسدة رؤية اقتصادية، تضع الإنسان في صميم اهتماماتها، بثورة تقدر المجتمع لجهود المتقاعدين الذين أفنوا أعمارهم وأجسادهم في خدمة وطنهم ومجتمعهم.

Leave a Comment
آخر الأخبار