الحرائق تزيد من مخاطر الجفاف.. خبير يوضح آثاره الكارثية على الأمن الغذائي وكيفية تجنبها

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية- رحاب الإبراهيم:
بعد حرق مساحات واسعة من الغابات على إمتداد الجغرافيا السورية، تزداد خطورة استمرار كارثة الجفاف، خلال العام القادم كنتيجة طبيعية لفقدان الغطاء الأخضر، الذي سيترك آثاراً بيئية وإقتصادية سلبية ما لم تتخذ إجراءات عاجلة لمكافحة هذه الظاهرة وتداعياتها على كافة القطاعات.
الباحث في الشؤون الزراعية المهندس إسماعيل عيسى، تحدث لصحيفتنا  “الحرية” عن الجفاف وآثاره وكيفية التخفيف من تداعياته، حيث أكد  أن الجفاف والقحط من أخطر الكوارث البشرية، فهي أخطر من  البراكين والزلازل، متهماً الإنسان بالمسؤولية في حدوث هذه الكارثة وإن كانت ظاهرة طبيعية، وذلك من خلال الإستثمار الجائر للطبيعة، ونشر أنواع التلوث كافة.

الزراعة الضحية الأولى

واعتبر المهندس عيسى  أن الزراعة بشقيها النباتي والحيواني، هي الضحية الأولى لكارثة الجفاف، فمثلاً  تقدم البادية السورية علفاً مجانياً  للثروة الحيوانية لمدة تزيد على ستة أشهر، ولو حاولنا حساب قيمة هذه الأعلاف المجانية، من خلال حساب قيمة بدائلها المستوردة، لوجدنا أنها تبلغ المليارات من الخيرات السورية، عدا عن أضرار الاستيراد من استنزاف العملة الصعبة والاحتكار وعدم توفر المصادر والاستقلال السياسي.
على صعيد آخر، يؤكد المهندس عيسى اضطرار مربي الأغنام لبيع نصف أغنامهم لإطعام النصف الآخر (الغنم تأكل بعضها)، وهذا يعني تدهوراً كبيراً في عدد القطيع السوري، يضاف إلى ذلك تدني الأسعار كما هو حال اللحوم حالياً، حيث هبطت أسعارها بما يعادل خمسين بالمئة، إضافة لكل ذلك فإن الجفاف يؤدي إلى نقص التغذية وبالتالي إصابة القطيع بالأمراض.

كارثة كبرى

كما يشدد المهندس عيسى على أن الجفاف يؤدي إلى كارثة كبرى على  المحاصيل الرئيسية، فمن المعروف أن إنتاج الحبوب يعتمد بصورة كبيرة على المساحات البعلية، وهذه المساحات تتفاوت إنتاجيتها حسب معدلات الأمطار في كل منطقة، ولكن في ظل الجفاف كانت الإنتاجية صفراً، وهذا يعني خسائر بمليارات الليرات أيضاً، وتوليد عجز عند الفلاحين عن استمرارهم  بالعمل الزراعي  والاضطرار للهجرة الداخلية والخارجية.
وفيما يخص  المساحات المروية فقد تقلصت أيضاً، لعدم توفر كميات المياه اللازمة للسقاية، وللدلالة على ذلك، نذكر أنه في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي كانت الأنهار التالية تغرق الكثير من السباحين: (بردى، الخابور، البليخ، جغجغ، الأعوج) كما جفت الكثير من الينابيع والأقنية، ولهذا يمكن القول إن الجفاف وضعنا في دائرة الكارثة الخطرة، ونقلنا مع أسباب أخرى من دولة الاكتفاء الذاتي إلى دولة الحاجة والاستقرار.
ويبين الباحث الزراعي إسماعيل عيسى أن ما ذكر عن الحبوب، وخاصة المساحات المروية ينطبق تماماً على محصول القطن، مع ملاحظة تجاوز نتائج الجفاف على القطن أثره على الحبوب، إلى أن الجفاف أدى إلى محدودية إنتاج القطن وقد كنا من الدول الأولى في إنتاجه عالمياً وتصل نتائج تدني الإنتاجية إلى ميدان الصناعات النسيجية وتدهورها وإغلاق العديد من المعامل وتسريح العمال وفقدان صناعة تميزت بها سورية عبر التاريخ.

حالة عجز

وعن الإجراءات المتخذة لتفادي آثار الجفاف أكد عيسى الوصول إلى حالة عجز عن اتخاذ خطوات حقيقية وذات تأثير على الجفاف، لأن مثل هذه الخطوات كان من الواجب اتخاذها منذ زمن بعيد، لكن يجب العمل حالياً على عقد ندوة علمية تضم أصحاب الاختصاص لمناقشة واقع الجفاف والتصحر من مهندسين جيولوجيين وري وزراعيين بهدف الوصول لقرارات علمية ودقيقة و دراسة واقع الأحواض المائية،  وتحديد مناسيب المياه فيها والكميات المتاحة وتوزيع هذه الكميات على الاحتياجات المائية، وفق جداول أفضلية مياه الشرب، الزراعة، الصناعة، والعمل على  استحصال  حقوقنا المائية من الأنهار المارة في سورية، كما هو الحال في أنهار دجلة، البليخ، الجلاب…إلخ،  ورسم خريطة زراعية مناسبة لكميات المياه المتوفرة، والابتعاد عن الزراعات التي تحتاج المياه بكثرة أو تخفيض مساحاتها والبحث عن محاصيل جديدة ذات إنتاجية جيدة ولا تحتاج للمياه.

هدر المياه

ولفت الباحث الزراعي المهندس عيسى إلى أهمية التوسع في بناء السدود على مختلف أنواعها، ومشاريع حصاد المياه، والتحول إلى زراعات أقل احتياجا للمياه، والعمل على  تحويل الري السطحي والمكشوف للري المغطى لتقليل نسب التبخر والهدر، والمتابعة الحثيثة لمواقع الهدر والسرقة وخاصة على الشبكات الحكومية، والتشدد بعدم  السماح العشوائي بحفر الآبار، وقيام الجهات الحكومية بتعزيل الأقنية المائية، وفصل مياه الشرب عن مياه الإستخدامات المنزلية والصناعية، فمن غير المعقول أن تستخدم  دولة تعاني من العطش مياه الشرب لري الحدائق وغسيل السيارات وغير ذلك، إضافة إلى  رفع أسعار مياه الشرب حسب  كميات الاستهلاك.

Leave a Comment
آخر الأخبار