النحل في ريف اللاذقية بين التحديات المناخية .. والدور الاقتصادي المتنامي 

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – لوريس عمران :

يشكل العامل الحراري أحد أبرز المحددات في نشاط طوائف النحل وإنتاجيتها، حيث إن التقلبات الشديدة في درجات الحرارة، (ارتفاعاً أو انخفاضاً) تقود إلى إجهاد حراري يهدد بقاء الطوائف على قيد الحياة، ومع ذلك لم تسجل مديرية الزراعة في اللاذقية أي حالات نفوق ناجمة عن الظروف المناخية خلال الموسم الحالي،الأمر الذي يعكس فاعلية الإجراءات الوقائية المتبعة.

تأثير الحرارة على النحل

رئيس شعبة النحل والحرير في مديرية زراعة اللاذقية المهندس سمير شقير أكد أن المديرية تعمل على توجيه المربين وتزويدهم بالإرشادات الفنية الكفيلة بضمان استمرارية نشاط النحل.

وأشار شقير لصحيفتنا الحرية إلى أن هناك مجموعة من التوصيات تشمل تظليل الخلايا وطلاءها باللون الأبيض العاكس للحرارة، إضافة إلى تأمين مصادر مائية نظيفة تساعد على ضبط حرارة الخلية، فضلاً عن التشديد على عدم إجراء الفحوص خلال ساعات الذروة الحرارية تجنباً لأي خلل في التوازن الداخلي للخلايا.

وبين شقير أن شعبة النحل والحرير تؤدي دورآ محوريآ في هذا الإطار، حيث تولي أهمية لتأهيل المهندسين الزراعيين عبر برامج تدريبية متخصصة، لينقل هؤلاء بدورهم الخبرة والمعرفة التقنية إلى المربين. لافتآ إلى أن الشعبة تستقبل المراجعين من مربي النحل في دائرة الشؤون الزراعية والوقائية،وتقدم لهم الارشادات التخصصية والإجابات عن استفساراتهم.

ومن بين المحاور الأساسية التي تركّز عليها الشعبة وفق ما ذكره المهندس شقير التوجيه نحو اعتماد أساليب علاجية طبيعية بديلة عن المركبات الكيميائية، سعيا لإنتاج عسل نقي خالٍ من أي متبقيات ضارة ، لتحقيق أعلى مستويات من الجودة والقدرة التنافسية للإنتاج المحلي.

النحل ركيزة للتوازن البيئي

الدكتور الزراعي سامر ديوب أكد أن سلامة طوائف النحل في مواجهة الإجهاد الحراري ترتبط بمدى وعي المربين والتزامهم بالتوصيات الفنية، مبيناً أن الاستثمار في هذا القطاع لا يقتصر على إنتاج العسل فحسب، بل يمتد إلى الحفاظ على التوازن البيئي وضمان استمرار عمليات التلقيح الطبيعي التي تشكل أساس الإنتاج الزراعي ، موضحآ أن الاتجاه نحو البدائل الطبيعية في علاج الأمراض يشكل خطوة متقدمة لترسيخ سمعة العسل السوري في الأسواق الخارجية وفتح آفاق جديدة أمام المربين.

البعد الاقتصادي لقطاع النحل

من الناحية الاقتصادية أشار الخبير الاقتصادي في جامعة اللاذقية الدكتور علي ميا إلى أن قطاع النحل في اللاذقية يسهم بإيجاد مورد دخل أساسي لعدد واسع من الأسر الريفية، حيث يعتمد كثير من المربين على بيع العسل ومنتجات النحل الأخرى كمصدر رئيسي لمعيشتهم. مبينآ أن التقديرات النهائية تشير إلى أن الطلب المحلي على العسل في تزايد مستمر، في حين يشكل الإنتاج الفائض فرصة لتطوير مسارات التصدير نحو الأسواق الإقليمية.

وأشار الدكتور ميا إلى أن تعزيزاستقرار هذا القطاع ينعكس مباشرة على تحسين مستوى المعيشة في القرى الجبلية والساحلية على حدّ سواء، إذ يتيح فرص عمل موسمية ودائمة، بالإضافة إلى أنه يعزز الترابط بين النشاط الزراعي وتربية النحل من خلال دور النحل في التلقيح وزيادة إنتاجية المحاصيل ، كما أن جودة العسل المنتج في مناطق اللاذقية الغنية بالتنوع النباتي تمنحه قدرة تنافسية عالية في السوق.

بهذا الجهد المتكامل بين الإرشاد الفني والدعم الاقتصادي، تواصل مديرية الزراعة في اللاذقية رعاية قطاع تربية النحل باعتباره مكوناً اقتصادياً وبيئياً حيوياً، يعزز الأمن الغذائي ويؤمّن دخلاً مستداماً لشريحة واسعة من المربين في الريف.

Leave a Comment
آخر الأخبار