الحرية- وليد الزعبي:
لا يقل قطاع النظافة أهمية عن قطاعات حيوية أخرى، لأنه مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمدى سلامة البيئة المحيطة بالإنسان، وكلما كان مستوى النظافة جيداً، كانت صحة هذا الإنسان بمأمن من المنعكسات السلبية للنفايات.
وبالنظر للواقع، يلاحظ الجميع الحال المتردية جداً للنظافة سواءً في المدن أو الأرياف، حيث تتراكم النفايات أحياناً لأيام عديدة من دون أن تجد من يرحلها، ما يتسبب، وخاصة في أيام الصيف اللاهبة، بروائح مقززة لا تطاق، وانتشار كثيف للحشرات الضارة من ذباب وبعوض، إضافة إلى القوارض من جرذان وفئران.
كما تعد القمامة المتناثرة حول الحاويات بشكل بغيض نتيجة عدم التزام بعض الأهالي بالرمي ضمنها، مصدر جذب للكلاب الشاردة التي تجوب مع حلول الليل الأحياء السكنية متجهة للحاويات، ما يبعث على الإزعاج لنباحها العالي الذي لا ينقطع، ويبعث أيضاً على الخوف أثناء حركة الناس، إذ قد تباغتهم بالهجوم وتتسبب لهم بأذيات من جراء عضاتها، وخطورتها الأكبر تبرز في حال كانت مسعورة، وسجلات مراكز معالجة داء الكلب حاضرة وتوثق العديد من الحالات التي تعرضت لعضات الكلاب المسعورة.
وليس أقل سلبية عملية قيام البعض بحرق النفايات، سواء داخل الحاويات أو في محيطها، بهدف التقليل من التراكمات وظناً منهم أنهم بذلك يحيدون بعض مضارها، لكنهم لا يدركون أن عملهم هذا يتسبب بانبعاث أدخنة خانقة وضارة بالسكان، وخاصةً ممن يعانون أمراضاً تنفسية.
بالطبع المسؤولية بتحسين واقع النظافة تقع بالأساس على عاتق البلديات، لكن لا يمكن لأحد اتهامها بالتقصير حيال ذلك، بيد أنها لا تمتلك الإمكانات الكافية من آليات وعمال نظافة لتغطية حجم العمل الكبير المطلوب منها، حيث إن آليات النظافة لديها قليلة ومعظمها قديمة ومتهالكة وكثيرة الأعطال، ولم يتم رفدها بأي آليات حديثة في عهد النظام البائد، كما تسرب العديد من عمال النظافة، ولم يعد يقبل على هذا العمل الشاق إلا قلة قليلة جداً نتيجة الرواتب الهزيلة في السنوات الفائتة.
من هنا تطفو على السطح وبشكل ملح الحاجة لتدعيم إمكانات قطاع النظافة في الوحدات الإدارية، عبر رفدها بآليات حديثة وكافية، وزيادة عدد العمال للقدر المناسب الذي يغطي جميع الأحياء، بعد تحفيزهم على الإقبال من خلال دفع أجور عادلة لهم عن أداء هذا العمل المضني، وبالمقابل ينبغي التشدد بقمع مخالفات عدم الالتزام بأماكن ومواعيد رمي القمامة.