الحرية – عثمان الخلف:
سجلت مبادرات المجتمع المحلي حضوراُ واسعاً في مختلف القرى والبلدات بمحافظة دير الزور ، إذ إن رأسمالها المغتربون في الخارج ، لاسيما منهم العاملين في دول الخليج العربي ، إذ أسهم هؤلاء في دعم إعادة تأهيل العديد من مرافق البنى التحتية في مناطقهم ، وقد لوحظ ذلك أكثر في مدينة البوكمال شرقاً ، لتبقى تلك المبادرات متركزة أكثر حول الخدمات الأساسية، ولم تدخل بعد إلى أبعاد استثمارية ذات مفاعيل اقتصادية تتطلبها دير الزور عموماً.
مبادرات خدميّة
كما أسلفنا فإن مبادرات دعم المجتمع المحلي والتي تُنفذ برأسمال مغتربي تلك المناطق ، تركزت على خدمات مياه الشرب والكهرباء والصحة ، بتأهيل محطات مياه ، وتمويل تركيب محولات كهرباء أو صيانة وتأهيل مراكز صحيّة وتأهيل طرقات ومداخل بلدات ، ومنها ماطال مساجد العبادة والمدارس ، كما في بلدات السّيال ، والهري ، والطواطحة ، والمصلخة…. ، ومدن القورية ، وموحسن ، وصبيخان ، وسواها ، ناهيك بما قدمه المغتربون من تجهيزات ومعدات للقطاع الصحي والبلدي.
المبادرات كما تؤكد مسؤولة مكتب الهيئة العامة للأسرة والسكان نجلا النايف في حديثها ل” الحرية ” كانت على قدر من الأهمية التي لامست بشكل مباشر احتياجات الأهالي وضرورياتهم ، بعد ما طال تلك الخدمات الدمار والخراب ، نتيجة استهدافها من آلة النظام البائد العسكرية ، وهنا لابد من الالتفات لما تملكه محافظة ديرالزور من رأسمال اغترابي قادر على أن يسهم في مشاريع تنموية أكبر وأشمل في المحافظة، لاسيما في الريف الذي يملك مقومات لهكذا مشاريع، مع وجود نهر الفرات والأراضي الزراعيّة ، إضافة للثروة الحيوانيّة ، وما يّشكله ذلك من تكامل اقتصادي يوفر إمكانيات النهوض بالواقع المعيشي لأبناء المحافظة.
وتشير النايف إلى الحاجة لبيئة تشريعية ترعى أي حالة استثمارية ودعمها بقوانين مُشجعة ، فما يمتلكه ريف دير الزور من مقومات يُشجع على الاستثمار الناجح و الرابح أيضاً ، مع ضرورة توفير كل مقومات الأمن و الاستقرار بما يجذب الرأسمال الاغترابي ، لاسيما من أبناء المحافظة.
الجسور ضرورة
وتلفت النايف إلى أن جسور دير الزور التي تربط مابين منطقتي الجزيرة والشاميّة هما شريان حياة للمحافظة وسكانها ، وإعادة تأهيل تلك الجسور يُعيد حركة الحياة في مختلف أشكالها ، اجتماعياً واقتصادياً ، وهي من الضرورات التي لايمكن تأجيلها في عملية إعادة الإعمار والتعافي ، حيث تصل أعداد تلك الجسور لأكثر من 14 مابين تلك الممتدة على نهر الفرات ، أو على الأودية السيليّة ، فوجودها يعني تأمين لحركة البضائع والتنقل البشري ، مع الإشارة إلى أن بقاء منطقة الجزيرة خارج سلطة الدولة السورية لايخدم عملية البناء والاستقرار ، وما يتبع ذلك من إعمار ، مُتمنيةً أن يعي قادة ” قوات سوريّة الديمقراطيّة ” ذلك ، وأهمية تفاهمها مع القيادة في دمشق للوصول إلى المحافظة على وحدة سوريا وما يعكسه ذلك من تعافٍ لكل الجغرافيا في البلد الذي تعرض لدمارٍ وخرابٍ كبيرين.
حاضرة .. غائبة
تُشكل الزراعة عصب الاقتصاد في دير الزور ، وتُعد الأخيرة إحدى أهم سلال الغذاء السوري ، حيث زراعة المحاصيل الاستراتيجية من قطن وقمح وذرة ، وسواها من زراعات صيفيّة وشتوية ، كما يوضح الدكتور في كلية الزراعة إبراهيم الشتيوي ، فمع إعادة تشغيل قطاعات الري الثالث والسابع والخامس ، دخلت آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية للاستثمار ، ويُنتظر استكمال مابقي منها ، سواء في منطقة الجزيرة أو الشاميّة.
كما أن وجود نهر الفرات – والكلام للدكتور الشتيوي – يفتح آفاقاً استثمارية واسعة على طريق السياحة ، حيث توفر هذه البيئة مقومات مُشجعة تحتاج للفت النظر لها عبر الإعلام بمختلف وسائله ، فبيئة الفرات تملك المناظر الجميلة على الشريط النهري ، ناهيك بوجود الجزر ( ما تُسمى محلياً بالحوايج ) وسطها ، تحتاج دير الزور وريفها مثلاً معملاً متكاملاً لصناعة الألبان ومشتقاتها ومقومات ذلك متوافرة ، كذلك معمل للكونسروه ، وآخر للجرارات …. إلخ ما يندرج في هذا الإطار الاستثماري لبيئة دير الزور وتخديمها .
وأشار الشتيوي للإمكانيات التي توفرها بادية دير الزور من فرص استثمارية وتنفيذ مشاريع ري وزراعة وتربية الماشيّة وما يقوم عليها من صناعات.