الحرية– محمد زكريا:
يبدو أن العلاقة التكاملية والتشاركية ما بين وزارة النقل من جهة، وأصحاب وسائقي الشاحنات الكبيرة من جهة أخرى، ليست على ما يرام في هذه الأيام، وما إن أعلنت الوزارة عن إحداث منصة إلكترونية لنقل البضائع، وتنشيط حرية نقل البضائع، حتى بدأت التوجسات والتخوفات تنتاب سائقي ومالكي الشاحنات، معتقدين أن حرية نقل البضائع تلحق الضرر بمصالح عملهم، وبالتالي تستحوذ شركات النقل الخاصة على الأحمال التي كانت تعرض على مكاتب نقل البضائع “مكاتب الدور”، الأمر من شأنه تقليل فرص عمل الشاحنات المسجلة في مكاتب الدور.
موضحين أن شاحنات مكتب الدور تعمل على نقل بضائع القطاع العام منذ زمن طويل
وللعلم فإن حرية نقل البضائع معمول به منذ العام 2003، لكن لعدم الدراية الكاملة، وعدم إطلاع السائقين لمفهوم حرية نقل البضائع بشكل واضح، الأمر الذي أدى إلى مشهد غير حسن
وهنا يمكن القول إنه كان بالإمكان تجاوز ذلك عبر توعية السائقين من خلال الاتحاد التعاوني للنقل، وما يبنى لمنظومة نقل البضائع من هيكل تنظيمي جديد ضمن أطر عملية، هو لصالح النفع العام ولصالحهم.
رأي أصحاب الشاحنات
وحسب ما تم ذكره لصحيفتنا “الحرية” من بعض سائقي تلك الشاحنات، فإن توجه الوزارة نحو تنشيط حرية نقل البضائع في هذا الوقت، ونحو إحداث منصة إلكترونية، أضر بعمل الكثيرين، ولم يعد بإمكانهم العمل نتيجة السيطرة لشركات النقل الخاصة على الأحمال، حيث تتحكم هذه الشركات بفرض أجور منخفضة على الشاحنات الراغبة في العمل لديها، وأشار عضو جمعية السائقين طلال هيثم علوان إلى أنه تمت مخاطبة ومناشدة الوزارة بتعديل قرارها، للتوصل إلى حل يرضي الطرفين، وتابع ليقول نفذنا الأسبوع الماضي وقفة احتجاجية وهي صرخة حق من أبناء هذا البلد ضد الفقر والبطالة ، مطالباً بالإنصاف، وتحقيق مطالب سائقي الشاحنات، ولاسيما وأن هذه المطالب بسيطة وواضحة
حلول
ولخص علوان لصحيفتنا “الحرية” بعضاً من هذه المطالب والتي تمثلت في تفعيل مكاتب الدور بالمحافظات، وعلى وجه التحديد في المرافئ والمعابر الحدودية، إضافة إلى تفعيل نظام التبادل على المعابر الحدودية إلى حين السماح لنا بالحصول على فيزا لدول الخليج، ومن المطالب أيضاً اعادة دراسة رفع رسوم الترسيم السنوي، كما أنه من الضروري إعادة النظر في التشريعات الخاصة في الأوزان والمحاور، مع تحديد سقف أعلى للحمولة دون احتساب وزن الشاحنة الفارغ، كما أيضاً محاسبة المخالفين فيما يخص الأطوال المسموحة دولياً للشاحنات.
معالجة الاستثناءات
ولفت علوان إلى ضرورة معالجة الاستثناءات لبعض الشاحنات بإضافة محاور، متمنياً من الجهات المعنية إحداث نقابة تعني بشؤون سائقين الشاحنات ويكون عملها منصب على تذليل العقبات التي تواجه قطاع النقل والشحن.
خصوصية وسرية
سائق شاحنة مسجل في مكتب الدور بحمص محمد جمعة زكريا بين أن الشاحنات المسجلة في مكاتب الدور تعمل على نقل بضائع القطاع العام منذ زمن بعيد، ولم تسجل على هذه الشاحنات أي ملاحظة من قبل المؤسسات التي تلجأ إلى استخدامها، كما أن نقل بضائع القطاع العام له خصوصية وسرية أحياناً، فمن الإجحاف بحقنا أن تعهد نقل بضائع القطاع العام لشركات خاصة، مع الإشارة إلى أن الشركات الخاصة ليس بمقدورها أن تنفذ أحمال القطاع الحكومي، وبالتالي تضطر هذا الشركات إلى الاستعانة بشاحنات مكتب الدور ولكن بأجور منخفضة، ونوه زكريا خلال حديثه لصحيفتنا “الحرية” بضرورة حفظ حقوق السائق من خلال رفع أجر السائق ، إضافة إلى تعويض السائق بتعطيله من قبل التاجر، ولفت زكريا إلى ظاهرة بدأت بالانتشار الواسع والمتمثلة في وجود سائقين لا يحملون شهادات تخولهم قيادة الشاحنة الكبيرة، وبالتالي ضرورة الانتباه إلى هذه الظاهرة ومعالجتها من خلال تفعيل الدوريات على الطرقات.
السعي لإيجاد حلول
المهم أن وزير النقل الدكتور يعرب بدر على دراية وعلم بكل قضايا وخفايا ومشكلات نقل البضائع، وبالتأكيد لن يبخل عن إيجاد حلول شاملة لتنظيم العمل وتحسين الأوضاع في هذا القطاع، وبالفعل تكللت أولى خطوات الحل لمشكلات هذا القطاع، والتي تمثلت في الاستماع المباشر لمشاكل سائقي ومالكي الشاحنات، وذلك خلال الاجتماع الذي جرى معهم الأسبوع الماضي، حيث تلخصت المطالب في تفعيل وتعزيز مكاتب الدور ودعمها، باعتبارها الجهة التنظيمية الوحيدة القادرة على توزيع العمل بعدالة وشفافية، ورفع طلب بإلغاء حرية النقل التي تساهم في الفوضى وتعرقل التنظيم، وضرورة تفعيل وتحسين نقابات السائقين لتكون أكثر فاعلية في حل المشكلات اليومية للسائقين وتنظيم القطاع بشكل أكثر انضباطاً، كما تم تأكيد حصر الحمولات وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، ومناقشة أهمية حصر جميع الحمولات عبر مكاتب الدور لتحقيق العدالة بين الشاحنات ومنع الاحتكار، إضافة إلى تشكيل لجنة لتحديد أسعار الحمولات، كما تمت مناقشة استبعاد السماسرة والتجار، لاسيما في نقل الفوسفات، وتوزيع هذه الحمولات عبر الشاحنات المسجلة في مكتب الدور بحمص، مع تأكيد ضرورة تفعيل ساحات التبادل التجاري في المعابر السورية وتحقيق معاملة عادلة مع شاحنات دول الجوار، بحيث تكون المعاملة بالمثل، كما تم الطلب لإلغاء نظام الشركات الذي لا يخدم مصلحة الجميع، والتركيز على دور الاتحاد التعاوني للنقل والمشاركة الفعالة لجميع المعنيين، كما تم التطرق إلى فكرة إنشاء صندوق تعاوني لتعويض المتضررين من مالكي الشاحنات المتضررين جراء الظروف الاقتصادية الحالية.
وأشار وزير النقل الدكتور يعرب بدر إلى أن بعض المطالب التي طرحها المجتمعون، قد تم التوصل إلى حلول لها، بينما لا تزال بعض المطالب الأخرى قيد التنسيق مع الجهات المعنية، موضحاً أن الوزارة بصدد عقد اجتماع رفيع المستوى مع هيئة المنافذ والمعابر ووزارة الاقتصاد، وغرف للصناعة والتجارة بالإضافة إلى ممثلين من الاتحاد التعاوني للنقل والجمعيات التعاونية للنقل، لإعادة تفعيل مكاتب الدور بشكل كامل، بما يضمن تسهيل العمل وتحقيق العدالة في القطاع.
منصة إلكترونية
يذكر أن الوزارة تسعى ومنذ أشهر إلى إعادة ترتيب البيت الداخلي لنقل البضائع وترميم حالات الفوضى التي تشوب مكاتب نقل البضائع بالمحافظات، من خلال إحداث برامج تطويرية لعملية النقل في سوريا، وهذا ما أكده الدكتور بدر في أكثر من مناسبة ولقاء، حيث أشار بوضوح إلى أن الوزارة بصدد إحداث وإنشاء منصة إلكترونية لتنظيم نقل البضائع في سوريا، وأنه من خلال هذه المنصة أصبح بإمكان التاجر الراغب في الحصول على سيارة لنقل بضائعه، الدخول إلى المنصة الإلكترونية، ويحدد خياراته المختلفة، وبالأسعار المختلفة، وبالأزمنة المختلفة، لنقل البضاعة من مكان إلى آخر.