الحرية – مصطفى الرستم:
فتحت أبواب المدارس أبوابها أمام طلاب العلم بعد الانتهاء من العطلة الصيفية، معلنة بدء العام الدراسي بخطواته الأولى باستقبال التلاميذ بعد طول انتظار، وإلى اليوم ما زالت أسواق القرطاسية تعجّ بالمتسوقين وجلّهم آباء ينشدون الأقلام والكتب والدفاتر والحقائب المدرسية، وسعيهم إلى ذلك توفير كل مستلزمات الدراسة للأبناء، وتحقيق كل المتطلبات اللازمة لنجاحهم.
لم تتوقف حركة الأسواق رغم الظروف الاقتصادية المتردية التي ما زالت تعيشها العائلات والأسر من ذوي الدخل المحدود وسط ارتفاع بالأسعار، وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، وكل ذلك جعل شراء الاحتياجات المدرسية أكثر صعوبة وعبئاً مالياً إضافياً مع بداية العام الدراسي.
مديرية التجارة الداخلية بحلب: تم تكثيف الجولات الرقابية وتنظيم عشرات الضبوط العدلية بحق محال تجارية لعدم الإعلان عن الأسعار
الجودة في الأسواق المحلية
في غضون ذلك يتجه الأهالي لا سيما من أصحاب الدخل المتدني أو حتى المتوسط إلى شراء الحقائب ذات الجودة المتوسطة، فأسعارها تتراوح من “75 إلى 300 ” ألف ليرة سورية تبعاً لجودتها، وهناك حقائب بأسعار مختلفة بحسب الجودة ونوعية القماش، وتتحدث السيدة أم هاشم أم لأربعة أولاد بالقول: “أحاول البحث بشتى الوسائل عن محلات تبيع الحقائب بسعر مناسب لما أملكه من مال ادخرته ليوم افتتاح المدرسة ولا بد لكي أوفر الحقائب لجميع أولادي أن أشتري حقائب متدنية السعر، وإلا لن أتمكن من شراء بقية المستلزمات كالقرطاسية والثياب وغيرها”.
تدبير منزلي
ما يزيد المشكلات تعقيداً لدى أولياء الأمور هو الكم المتزايد من الاحتياجات، منها دفاتر الرسم وأقلام الألوان والكتب وحقائب خاصة للغذاء داخل المدارس، واللباس وغيرها من الاحتياجات.
ولهذا تروي إحدى السيدات سعيها لإدارة كل ذلك بحكمة من خلال شراء كل ما هو ضروري ومحاولة الاستغناء عن كل ما هو غير ضروري ولا يشكل أولوية، وبذلك محاولة لتدبير الأمور بعد تقطع سبل الحصول على المال الكافي للأولاد خاصة أن زوجها موظف في إحدى شركات القطاع العام، ويبلغ راتبه قرابة مليون ليرة سورية أي ما يعادل نحو (100) دولار وهذا لا يكفي، ولا يوجد أي عمل إضافي يعمل به لتسديد بقية أعباء الحياة المعيشية.
وتتابع حديثها: “أعمل على تدوير الحقائب القديمة والمهترئة بعد إصلاحها من الأولاد الكبار إلى الصغار منهم، ولا يقتصر الموضوع على الحقائب فقط بل أيضاً أساهم في تجهيز الملابس القديم بالعمل على حياكتها وتصليحها من جديد على آلة خياطة منزلية لتصبح مناسبة للارتداء خلال فترة المدرسة”.
المال والبنون
في الأثناء “يضيع” الآباء في زحمة الإقبال على العام الدراسي بين سوق يعج بالكثير من الأغراض الدراسية، وجيوب شبه خاوية، ولعل محمد أصفري يلقب نفسه بـ “أبو لؤي” يروي تفاصيل البحث عن مستلزمات المدرسة وسط الغلاء، عن قرطاسية تتفاوت سعرها من حي إلى حي ومن شارع إلى شارع.
وأبدى استغرابه من هذا التفاوت، فأسعار القرطاسية مرتفعة إلى أن وجد حلاً لتلك المعضلة بالذهاب وزيارة منطقة في مدينة حلب القديمة تسمى “باب النصر” حيث تتركز محلات متخصصة بالقرطاسية والاحتياجات المدرسية بشكل دائم.
وتساءل أصفري عن دور الرقابة على تلك المحلات التي تبيع القرطاسية في الأحياء السكنية أو في مركز المدينة، مضيفاً إنه وبعد مشاهدته لهذا الغلاء استمع لنصيحة أحد أصدقائه بالاتجاه إلى (باب النصر) وهناك وجد الفرق في الأسعار واضحاً، الفرق في الحقائب بنفس الجودة حيث يصل الفرق بين 5 إلى 10 آلاف ليرة سورية، أما علبة أقلام الرصاص يتجاوز الفرق 5 آلاف ليرة سورية وهذه الفروقات تتراوح أيضاً بما يخص الدفاتر وغيرها”.
ملاحقة الأسعار
وبالاتجاه إلى مديرية التجارة للاطلاع حول الإجراءات المتخذة من قبلهم لضبط الأسعار بالأسواق تحدث لصحيفتنا “الحرية” مدير المكتب الإعلامي في مديرية التجارة الداخلية بلال الأخرس مشيراً إلى باقة من الإجراءات اتخذتها مديرية التجارة الداخلية في نهاية الشهر الثامن آب وبداية الشهر الحالي أيلول وبتوجيهات وزارية.
وأضاف “توجهت دوريات حماية المستهلك بمحافظة حلب إلى الفعاليات التجارية الخاصة بالقرطاسية وتم سحب أكثر من 7 ضبوط عينية للتأكد من المواصفات كما تم تنظيم عشرات الضبوط العدلية بحق محال تجارية بسبب عدم الإعلان عن الأسعار”.
ونوه المدير الإعلامي في مستهل حديثه: “تم التأكيد على تداول الفواتير بيع الجملة والمفرق وتم تنظيم أكثر من عشرين ضبطاً عدلياً بسبب عدم حيازة فواتير شراء، كما تم توجيه شعبة الأسعار لسبر أسعار مواد القرطاسية قبل بدء العام الدراسي، وشملت الرقابة أيضاً سحب عينات منذ الشهر التاسع وكتابة ضبوط وصلت إلى تشميع محلات ممن لم يظهر فواتير بحسب توجيهات الوزارة”.
حلول التخفيضات
بالمقابل أبدت أوساط تجارية مرونة في الأسعار لاسيما من تجار (الجملة) عبر طرح أسعار مخفضة، بالتزامن مع افتتاح معارض متخصصة ببيع المستلزمات المدرسية وباتت منصة للترويج لمنتجاتهم بالوقت ذاته مكاناً مناسباً للآباء يجدون فيه كل الاحتياجات المناسبة لأولادهم المقبلين على مقاعد الدراسة.
ويتحدث أحمد جاويش، تاجر مشارك في معرض للمستلزمات الدراسية: “نحاول تقديم خدمة مميزة بالبيع بسعر الجملة لكل العائلات وهذه الأسعار التي نضعها على تلك المواد تباع بأسعار مضاعفة في الأسواق المحلية، ونعمل بطرح المنتج إلى المستهلك مباشرة وبالتالي كسر الحلقات التجارية الوسيطة”.
إلى ذلك تبقى المستلزمات الدراسية وإن كانت في بداية كل عام دراسي هي الأكثر طلباً، لكن الطالب والتلميذ على مقاعد الدراسية يبقى طوال فترة دراسته يطلب المزيد من الأقلام والدفاتر، وهي أعباء تضاف إلى مصروف المنزل، ومع هذا الغلاء الفاحش يطلب الآباء من أصحاب الدخول المحدودة الانتباه إلى الأسعار من قبل الجهات الرقابية ليس فقط مع بداية العام الدراسي بل طوال فترة الدراسة، ويطلبون من التجار المفرق والجملة الرأفة ووضع أسعار مناسبة.