الحرية – مها سلطان:
.. ولا لحظة واحدة يمكنها أن تفلت من ملاحقة السوريين لكل تفاصيل زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (الأسبوع الدبلوماسي رفيع المستوى ما بين 23-27 أيلول الجاري). ووصل الرئيس الشرع إلى نيويورك/الولايات المتحدة الأميركية مساء أمس الأحد وكانت أول نشاطاته لقاء الجالية السورية التي احتفت به بودٍ شديد وبآمال كبيرة بإمكانية أن تحقق زيارته النتائج المرجوة وبما ينعكس استقراراً وأمناً، وعودة سوريا إلى مكانتها ودورها في المنطقة وعلى المستوى الدولي.
مع ذلك، ورغم أن زيارة الرئيس الشرع لأميركا تحظى باهتمام طاغٍ بين السوريين، إلّا أن انتخابات مجلس الشعب ما زالت تحجز لها مكاناً بارزاً، خصوصاً مع إعلان وصولها إلى محطتها النهائية في 5 تشرين الأول المقبل. وكان يفترض أن تكون هذه المحطة منتصف هذا الشهر (15-20 أيلول الجاري) ولكن تمّ التأجيل بضعة أيام لاستكمال الترتيبات اللوجستية ولضمان عملية انتخابية مضمونة وموثوقة في شفافيتها ومصداقيتها، وفق اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب.
بين التأجيل والتأكيد
هذا التأجيل كان متوقعاً إلى حدّ كبير. اللجنة العليا للانتخابات لم تكن قد حسمت بشكل نهائي – منتصف هذا الشهر- كموعد للانتخابات، وإنما حددته كموعد مبدئي، لذلك لم يكن للتأجيل تداعيات سلبية في الشارع السوري، لناحية تقليص التفاؤل. وفعلياً لم تتأخر اللجنة في إعلان الموعد النهائي للانتخابات، وهو ما ساعد في احتواء أي تداعيات سلبية لمسألة التأجيل.
ووُصف الإقبال على الترشح لعضوية الهيئات الناخبة بالكبير، ما أدى إلى «زيادة العبء» على اللجان الفرعية في دراسة الطلبات والتحقق من استيفاء الشروط المعيارية للمرشحين، مروراً بتشكيل اللجان القانونية والبت في الطعون، وصولاً إلى عمل اللجنة العليا واللجان الفرعية التي استغرقت وقتاً في تشكيلها ومباشرة مهامها.. وبالتالي كانت هناك حاجة لوقت إضافي لضمان الدقة والشفافية، وفق لجنة الانتخابات.
ووفقاً للإعلان الدستوري، سيكون مجلس الشعب الجديد – الذي ستستمر ولايته لـ30 شهراً قابلة للتمديد – السلطة التشريعية حتى اعتماد دستور دائم وانتخابات جديدة. ويُعد الإقبال الكبير على الترشح، مؤشراً إيجابياً على الرغبة في المشاركة والثقة بأن المرحلة المقبلة لا بدّ أن تكون أفضل وأشد رسوخاً، وتأسيساً لدولة المؤسسات.
وكانت اللجنة العليا نشرت الخميس الماضي قرارات تتضمن القوائم الأولية لأعضاء الهيئات الانتخابية، ودعت المواطنين إلى مراجعتها، مؤكّدة أنَّ باب الطعون على الأسماء المدرجة في القوائم الأولية مفتوح لمدة 3 أيام من تاريخ نشر القرار، وذلك أمام لجنة الطعون المختصة في كل مدينة سورية.
ويُعَدّ نشر القوائم الأولية للهيئات الناخبة خطوة أساسية في مسار العملية الانتخابية، تمهيداً لاستقبال الترشيحات والتصويت، وسط اهتمام رسمي بإجراء الانتخابات في موعدها المقرر.
مسار الانتخابات
وكان المسار الانتخابي بدأ في 13 حزيران الماضي مع تشكيل اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب وفق المرسوم رقم 66 الذي أصدره الرئيس الشرع، ونص أيضاً على تشكيل المجلس الجديد خلال 60 إلى 90 يوماً، باعتماد نظام انتخابي مؤقت وغير مباشر، على أن يتكون المجلس من 210 أعضاء، يُعين ثلثهم مباشرة من الرئيس، بينما يُنتخب الباقون عبر هيئات ناخبة تشكلها اللجان الفرعية.
وفي 27 آب الماضي أصدر الرئيس الشرع مرسوماً بالتصديق على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب. وحدد المرسوم الشروط المتعلقة بالعملية الانتخابية، اللازم توفرها في أعضاء مجلس الشعب، واللجان المرتبطة به، وشروط العضوية في الهيئة الناخبة ولجان الانتخابات.
وفي 9 أيلول الجاري تم إعلان الجدول التفصيلي لمسار الانتخابات بانتهاء استقبال طلبات الترشح في 11 أيلول الحالي، وإرسال القوائم المبدئية في 12 من الشهر نفسه، مع فتح باب الطعون من 14 إلى 16 من الشهر ذاته، وإعلان القوائم النهائية في 18 أيلول الجاري.. لكن وقبل انتهاء فترة الموعد المحدد مبدئياً لإجراء الانتخابات (ما بين 15-20 أيلول الجاري) تم تأجيل الموعد إلى 5 تشرين الأول المقبل لاستكمال الترتيبات اللوجستية، كما ذكر آنفاً.
آلية توزيع المقاعد
هنا لا بدّ من التذكير بالتوضيح الذي قدمته اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب حول آلية توزيع المقاعد بين المحافظات والأساس القانوني الذي اعتمدت عليه، وذلك بعد توجيه انتقادات لهذه الآلية. وقالت اللجنة في توضيحها: إن القرار رقم 1378 الصادر عن وزارة الإدارة المحلية بتاريخ 27 تشرين الأول عام 2011 يشكّل القاعدة القانونية التي استندت إليها اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب في توزيع المقاعد المخصّصة للهيئات الناخبة في المحافظات، والبالغ عددها 140 مقعداً.
وحسب القرار، حصلت محافظة حلب على 32 مقعداً، تلتها دمشق وريفها 22 مقعداً (10 لدمشق و12 للريف)، في حين نالت حمص وحماة 12 مقعداً لكل منهما، كما خُصصت 10 مقاعد لكل من محافظتي الحسكة ودير الزور، و6 مقاعد لكل من درعا والرقة، و7 مقاعد لمحافظة اللاذقية، و5 لطرطوس، و3 مقاعد لكل من السويداء والقنيطرة، أما إدلب فحازت على 12 مقعداً موزعة على مدنها ومناطقها.
وبعد أن كان من المقرر استبعاد محافظات الرقة ودير الزور والسويداء من العملية الانتخابية بسبب التحديات الأمنية التي تفرضها الميليشيات الانفصالية بقيادة «قسد» والشيخ حكمت الهجري، تم توسيع العملية باتجاه عدد من المناطق في الرقة ودير الزور بعد احتجاجات من أهلها وتأكيدهم إن الاستبعاد يحرمهم من المشاركة في بناء مستقبل سوريا، عدا عن أنهم ضمن المناطق الحكومية غير الخاضعة لهذه الميليشيات الانفصالية، فيما لا يبدو أن السويداء ستكون ضمن هذه العملية مع حلول موعد الانتخابات.