الحرية – آلاء هشام عقدة:
شهدت الدعوات تحولاً جذرياً في ظل التطور الرقمي المتسارع، بطريقة توجيه الدعوات للمناسبات الاجتماعية، من زفاف وتخرج إلى ولادة وخطوبة، هذا التغير فرض نفسه بقوة، ليخلق جدلاً واسعاً بين مؤيد يعتبرها حلاً عملياً وجمالياً، وبين معارض يرى فيها اختزالاً لقيمة المناسبة ومكانة الضيف.
تصميم بشغف وتفاصيل
نور أحمد سخطة خريجة هندسة زراعية، قررت أن تسلك طريق الإبداع رغم بعدها عن المجال التكنولوجي، تحدثت لصحيفتنا قائلة: شغفي وحبي للتصميم دفعاني لأكون من أوائل من بدأ بتصميم الدعوات الإلكترونية بإمكانيات بسيطة، أقوم بتصميمها بطريقة راقية تعكس روح المناسبة وتفاصيلها بدقة، من الألوان والموسيقا إلى النصوص وأسلوب العرض.
وأضافت: لم يعد الاعتماد على الكروت الورقية مجدياً، ليس فقط بسبب التكلفة العالية، بل لصعوبة إيصالها، أما الدعوات الإلكترونية فهي أقل تكلفة، وأكثر عملية وتصل بسرعة عبر وسائل التواصل.
وبينت نور أن هناك إقبالاً كبيراً على إعداد البطاقات الإلكترونية، مشيرة إلى أن العمل يبدأ بسؤال الزبون عن أدق التفاصيل، لأن
أساس التصميم هو التفاصيل، أبدأ بتخيل الدعوة في ذهني، وأرسمها بخيالي قبل تنفيذها، وهذا يتطلب وقتاً وجهداً حقيقياً.
المدعوون بين القبول والاستياء
لا يخلو الأمر من تضارب الآراء بين الجمهور حول فعالية الدعوات الإلكترونية، حيث أبدى البعض تأييده لها، بينما أظهر آخرون اعتراضاً حاداً على استخدامها.
منى أم عمر سيدة خمسينية، أعربت عن امتعاضها قائلة: الدعوة الإلكترونية لا تشعرني بأنني مدعوة بصدق، بالنسبة لي، لا تكفي رسالة على واتساب أو فيديو على إنستغرام، بل يجب أن يتبعها اتصال هاتفي مباشر أو لقاء شخصي على الأقل، من دون ذلك، لا أعتبر نفسي مدعوة فعلياً، وغالباً لا أحضر.
أما أبو أحمد سمير موظف متقاعد، فقد قال بنبرة حازمة، في السابق كان تسليم بطاقة الدعوة يداً بيد يحمل نوعاً من الاحترام والتقدير للضيف، اليوم تصلني بطاقة إلكترونية لا أعرف إن كانت موجهة لي فعلاً أو مجرد نسخة جماعية، تجاهلت أكثر من دعوة من هذا النوع، ولن أغير رأيي حتى الآن.
في المقابل، رأى البعض أن الأمر لا يستحق المبالغة، كما قالت رنا، طالبة دراسات عليا، الناس تغيرت، والحياة أصبحت أسرع، ليس من المنطقي أن ننتظر اتصالاً بكل دعوة، خاصة مع وجود عشرات المدعوين، المهم أن تكون الدعوة واضحة، وتصلني في وقت مناسب.
بينما أشار يزن شاب ثلاثيني، إلى الجانب العملي للدعوات الرقمية، حيث يرى الدعوات الإلكترونية وسيلة ذكية وسريعة، وتظهر الاهتمام بالتفاصيل إن صممت بإحترافية، كما أنها توفر على العريس أو أهل المناسبة الكثير من الجهد والمال.
الطباعة الورقية مهنة تحت الضغط
رئيس جمعية المطابع في اللاذقية عمر ساعي، أكد لصحيفتنا “الحرية” أن تراجع الإقبال على الدعوات الورقية بلغ مستويات كبيرة، مبيناً أن الإقبال انخفض إلى ما بين ٥ – ١٠٪ فقط، والدعوات الإلكترونية حلت محلها بفضل التكنولوجيا وسهولة استخدامها.
وأضاف ساعي: ما زال البعض يتمسك بالدعوات الورقية كجزء من العادات والتقاليد، خاصة إذا كانت المناسبة في المنزل، هؤلاء يرون في الورق قيمة إضافية للضيف.
أما عن الأسعار، فأوضح: تتراوح تكلفة بطاقات الأفراح الورقية بين ٥٠٠٠ – ١٠٠٠٠٠ ليرة، حسب التصميم والخامات، ومع تراجع الطلب، اضطررنا للتحول إلى طباعة كروت الدعاية وتصنيع الأختام.
وتابع حديثه بنبرة استياء، رغم توفر المواد الأولية، نعاني من الضرائب المرتفعة المفروضة على المطابع، ما زاد من أعبائنا بشكل كبير.
بين التقاليد والحداثة أي دعوة تختار؟
يتضح من خلال الآراء المتباينة أن الدعوة الإلكترونية ليست مجرد وسيلة، بل أصبحت جزءاً من نقاش ثقافي اجتماعي يعكس التغيرات في أنماط التواصل والتقدير بين الناس، وبين مَن يرى فيها تطوراً وابتكاراً، وآخر يعتبرها تهميشاً للمكانة الاجتماعية، تظل الحقيقة واحدة لكل دعوة ذوقها، ولكل ضيف موقفه.