الحرية- لوريس عمران :
يُعدّ التين الهبول واحداً من أبرز الحلويات الشعبية التي تجسد مزيجاً بين الفن الزراعي و الحرفي في ريف اللاذقية حيث تتناغم تقاليد الأجداد مع براعة أهل القرى ليُنتجوا منتجاً لا يقتصر على كونه طعاماً لذيذاً، بل يحمل في طياته هوية المنطقة وتراثها. صناعة التين الهبول التي ارتبطت بالأرض والتقاليد العريقة، لا تقتصر على كونها حرفة، بل تمثل وسيلة للحفاظ على التراث الثقافي ودعماً للاقتصاد المحلي.
حرفة تسرد قصة الأرض والمناخ
تتميز صناعة التين الهبول بجودتها العالية التي تعود أساساً إلى المناخ الخاص الذي تتمتع به المنطقة، حيث تساعد الظروف الجوية في إنتاج تين مثالي لهذه الحرفة.
تقوم العملية على تجفيف الثمار أولاً تحت أشعة الشمس، ثم طهوها بالبخار بطريقة دقيقة، ما يمنحها طعماً مميزاً وفوائد صحية عديدة. هذا المنتج الفريد لا يعكس فقط حرفية أهل المنطقة بل يسهم في ترويج أحد أرقى التقاليد الزراعية والحرفية.
العملية بين الأيدي الخبيرة
يصف أهل قرية بشراغي بريف جبلة تفاصيل صناعة التين الهبول بكل فخر، حيث تؤكد فاطمة وهي واحدة من العديد من النساء اللاتي تكرسن جزءاً كبيراً من حياتهن لهذه الحرفة، أن التجفيف بالطريقة التقليدية له تأثير كبير على جودة المنتج.
وأشارت فاطمة لصحيفتنا “الحرية” إلى أن التين المجفف بالنسبة لهم ليس مجرد طعام بل هو جزء من تاريخ وتراث القرية الذي لا يزال مستمراً لافتة إلى أن اختيار الثمار الجيدة وعملية التجفيف تحت أشعة الشمس تمنح التين الهبول نكهته الغنية.
من جهته بيّن حسين أحد أبناء قرية عين التينة بريف اللاذقية أن دقة العمل أثناء صناعة التين الهبول هي التي تميزها عن غيرها مبيناً أن العمل يتطلب اهتماماً بكل مرحلة، ابتداءً من اختيار الثمار حتى تجفيفها وطهوها لافتاً إلى أنّ صناعتهم للتين الهبول ليس مجرد مأكول، بل هو جزء من هويتهم الثقافية.
الفوائد الصحية للتين المجفف
من الناحية الصحية يعدّ التين المجفف من الأطعمة التي تحمل قيمة غذائية عالية بفضل احتوائه على الألياف والفيتامينات والمعادن. حيث أكد الدكتور سامر العلي اختصاصي التغذية أنّ التين المجفف يساعد على تحسين عملية الهضم وتقوية جهاز المناعة وغني بالألياف التي تسهم في تسهيل عملية الهضم، أيضاً هو مفيد للأشخاص الذين يعانون من الإمساك أو آلام المفاصل لافتاً إلى أنّ التين المجفف المغلي يُعدّ علاجاً طبيعياً فعّالاً للتخفيف من جميع المشاكل الصحية.
فرصة لتطوير الصناعة
الخبير الاقتصادي في جامعة اللاذقية الدكتور علي ميا أشار إلى أن صناعة التين الهبول تعدّ مصدر دخل مهماً للعديد من الأسر في محافظة اللاذقية وريفها.
وأوضح الدكتور ميا” للحرية” أنّ هذه الحرفة تسهم في توفير فرص عمل للعديد من أبناء القرى خاصة في موسم التين الذي يمتد بين الصيف والخريف مبيناً أن تطوير هذه الصناعة يتطلب تسويقاً أكبر وتوفير أسواق لتصدير المنتج إلى الخارج، ما يمكن أن يسهم في تحسين الوضع الاقتصادي للمنطقة.
الحفاظ على التراث وفتح آفاق المستقبل
في النهاية تُعدّ صناعة التين الهبول رمزاً عميقاً للصلة الوثيقة بين الإنسان والطبيعة في ريف اللاذقية. فهي لا تمثل مجرد وسيلة للرزق، بل تجسد الهوية الثقافية الفريدة للمنطقة. وإذا تم دعم هذه الحرفة بشكل أكبر من خلال تطوير أساليب الإنتاج والتسويق، فإنها قد تتحول إلى منتج عالمي يعكس التراث السوري و يُسهم في فتح آفاق اقتصادية جديدة.