التنازل عن الجولان أو أي أرض سورية.. نظريات مقلوبة وأوهام مرتبكة

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – دينا الحمد:

قبيل زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى نيويورك لتمثيل سوريا في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ركزت بعض الجهات المحلية والإقليمية عبر منصاتها ومواقعها الإلكترونية، وعبر خطاب تضليلي على فكرة مزيفة، وهي أن قيادة سوريا الجديدة ذاهبة للتنازل عن الجولان المحتل.
لكن حسابات بيدر هذه الجهات لم تنطبق على حسابات حقولها، فسرعان ما ظهر أن سوريا الجديدة لا يمكن أن تتنازل عن أرضها ولا عن سيادتها مهما كانت الأثمان، وظهر لهؤلاء وللعالم كله أن الرئيس الشرع وضع النقاط على الحروف، وأكد في خطابه أمام الأمم المتحدة أن سوريا لن تتنازل عن أرضها وحقوقها وسيادتها، وبناء على هذا الوضوح سقطت كل أقاويل تلك الجهات التي رُوّجت طويلاً بأن قيادة سوريا الجديدة ذهبت لتبيع الأرض أو لتسلّم الجولان مقابل البقاء في السلطة.
وكي تتوضح هذه الصورة أكثر جاءت تصريحات المبعوث الأميركي إلى سوريا توماس باراك لتؤكد هذه الحقيقة حين قال: «إن اتفاق خفض التصعيد سيكون مجرد خطوة أولى في مسار تفاوضي طويل أظهر أن الأمور ليست بهذه السهولة، وأن دمشق لا تتنازل ببساطة».
إذاً نحن أمام مرحلة طويلة من التفاوض، مرحلة تتطلب الحذر والدقة في التعامل مع إسرائيل، التي لا يمكن الوثوق بها أو الثقة بتحركاتها وسياساتها، فهي تتنكر لكل عهودها ووعودها، وهي تغتال حتى من تفاوضهم، وما حدث في الدوحة خير شاهد، مرحلة تتطلب الإعداد الجيد للمفاوضات كي تحافظ سوريا على أرضها وثوابت سيادتها.
وهنا لا بد من أن يضع المفاوضون السوريون نصب أعينهم جملة من المعطيات كي يحققوا النجاح في مهمتهم والتمسك بثوابت شعبهم وبلدهم، أولها أن سياسات «إسرائيل» التوسعية هي الخطر الأكبر على سوريا والمنطقة، وأن نتنياهو مهما تحدث عن الهدن والاتفاقيات فهو أشهر المراوغين حولها، وهذه الحقيقة تعرفها كل عواصم الإقليم، بل تدرك جيداً أن »إسرائيل» تذهب دائماً أبعد من ذلك، ولذلك فإن عواصم المنطقة تنظر بقلق بالغ إلى محاولات «تل أبيب» استغلال الأوضاع المعقدة في المنطقة لتحقيق مكاسب استراتيجية على حساب دولها وشعوبها، وتحديداً هي تحاول استغلال الوضع الدقيق الذي تمر به سوريا بعد سقوط النظام البائد لتحقق أهدافها التوسعية.
ومن يتابع تصريحات الإدارة السورية الجديدة التي أرسلت إشارات إيجابية في تعاملها مع القضايا الإقليمية، وتحديداً السلام في المنطقة، ومع ردود فعل «إسرائيل» عليها وإصرارها على ممارسة العدوان إثر العدوان على سوريا، يدرك جيداً حقيقة الأهداف والنوايا الإسرائيلية المشار إليها.
قصارى القول: إن سوريا ترسم حدود التعاطي مع «إسرائيل» حسب مصالحها العليا وحسب مرتكزات ثوابت سيادتها، وبين عيني مفاوضيها وممثليها حقيقة ثابتة وحيدة وهي أنه لا تنازل عن أي قطعة من أراضيها مهما طالت سنوات التفاوض ومهما اشتد السلوك العدواني الاسرائيلي، مع ضرورة المرونة والمناورة خلال التفاوض ولاسيما أن الرئيس الشرع كشف أن باب الحوار مفتوح على مصراعيه، وإن لم يُنجز بعد، فهناك كما أشار نقاشات جارية، بعضها معلن، وبعضها غير معلن، حول إمكانية العودة إلى اتفاق فك الاشتباك لعام 1974، أو صيغة قريبة منه، بما يعيد الأمور إلى ما كانت عليه قبل 8 كانون الأول 2024، تاريخ سقوط النظام البائد، ثم لاحقاً جاء خطابه أمام الأمم المتحدة ليؤكد تمسك سوريا بهذا الأمر وبثوابت سوريا وأرضها وسيادتها.

Leave a Comment
آخر الأخبار