الحرية – بشرى سمير:
أجمل الأوقات التي يمكن أن يقضيها المسافر أو السائح خلال رحلته هي الوصول إلى الاستراحات الطرقية أو الحدودية والتي غالباً ما تكون مجهزة بكافة الخدمات الني يحتاجها المسافر إضافة إلى أنها تعدّ مركز تسوق مصغراً لشراء كل ما يلزم وتعدّ سياحة الاستراحات الحدودية أو الطرقية أحد الأنماط السياحية الواعدة التي يمكن أن تسهم بشكل كبير في إنعاش الاقتصاد السوري، خاصة في الظروف الراهنة التي تشهد فيها سوريا تحولات كبيرة بعد رفع العقوبات الدولية. تمثل هذه الاستراحات نقطة التقاء أولى للزوار القادمين من الدول المجاورة، ما يجعلها عامل جذب مهماً وفرصة اقتصادية تستحق الدراسة والاستثمار.
الدكتور ماجد الدقر صاحب منشأة سياحية وخبير اقتصادي بيّن أن سياحة الاستراحات الطرفية أو الحدودية هي ذلك النوع من السياحة الذي يرتبط بمنشآت الاستراحة والتوقف الموجودة عند المعابر الحدودية سواء الخارجية أو الداخلية البرية، والتي تخدم المسافرين والقادمين من محافظات أخرى أو من الدول المجاورة قبل دخولهم إلى العمق السوري أو عند مغادرتهم.
خبير اقتصادي : يمكن أن تسهم بنسبة 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030
الانطباع الأول
ولفت إلى أنّ السياحة الحدودية وهي من أهم المشاريع التي عملت عليها وزارة السياحة و تكتسب هذه السياحة أهمية خاصة في المرحلة الحالية لكونها البوابة الأولى لانطباعات السياح و تمثل الانطباع الأول للزائرين عن البلاد، ما يؤثر بشكل مباشر في تجربتهم السياحية الشاملة.
وأشار الدقر إلى أنها تستهدف السياح العابرين والزائرين لرحلات قصيرة من الدول المجاورة الذين لا ينوون بالضرورة التوجه إلى المناطق السياحية البعيدة.
وتالياً من المهم أن توفر هذه الاستراحات خدمات أساسية للمسافرين مثل المطاعم، المقاهي، محلات لبيع المنتجات المحلية، وخدمات الصرافة.
رافد اقتصادي
وبين الدقر أن هذا النوع من السياحة يعدّ رافداً اقتصادياً مهماً يمكن أن يسهم في معالجة العديد من التحديات الاقتصادية التي تواجهها سوريا وتكمن هذه الأهمية في مساهمتها في زيادة الدخل القومي ولفت إلى أن التقديرات تشير إلى أنّ قطاع السياحة بشكل عام يمكن أن يسهم بنسبة 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، ويمكن لسياحة الاستراحات الحدودية أن تشكل جزءاً مهماً من هذه المساهمة خاصة مع تزايد أعداد السياح الوافدين من الدول المجاورة الذي بلغ 704 آلاف سائح عربي حتى منتصف عام 2024 وأضاف الدقر أن السياحة الحدودية يمكن أن تسهم في توفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، حيث من المتوقع أن يخلق القطاع السياحي بشكل عام حوالى 100,000 فرصة عمل خلال السنوات الخمس المقبلة، ويمكن لسياحة الاستراحات الحدودية أن تستوعب نسبة كبيرة من هذه الفرص، ومن الناحية التجارية يمكن أن تعمل على تنشيط التجارة البينية بين دول الجوار وتكون قنوات لتسويق المنتجات والسلع السورية للسياح القادمين من الدول المجاورة، ما ينعش حركة التبادل التجاري ويعزز الصادرات السورية خاصة المنتجات الزراعية واليدوية. إضافة إلى دورها في جذب الاستثمارات حيث تمثل مشاريع الاستراحات الحدودية فرصاً استثمارية جاذبة للمستثمرين المحليين والأجانب، خاصة في ظل الحاجة إلى استثمارات تقارب 2 مليار دولار لإعادة تأهيل القطاع السياحي في سوريا
تحديات اقتصادية
ولم ينف الدقر وجود تحديات كبيرة تواجه السياحة الحدودية منها تحديات اقتصادية بسبب ارتفاع التكاليف مايشكل عائقاً كبيراً، حيث تكلفة الإقامة لليلة واحدة تتراوح بين 1.5 إلى 3.5 ملايين ليرة سورية، ما يجعل السياحة غير متاحة للكثير من السياح من ذوي الدخل المحدود .
وهناك نقص في الكوادر المؤهلة في مجالات الإرشاد السياحي، الفنادق، وخدمة الزبائن، ما يؤثر سلباً على خدمة السياح في المناطق الحدودية ولابد من آليات تطوير سياحة الاستراحات الحدودية من خلال تحسين البنية التحتية و•تطوير طرق الوصول إلى المعابر الحدودية وتأهيل الطرق الدولية والعمل على إنشاء استراحات حديثة مجهزة بكافة الخدمات الأساسية والترفيهية و• تحسين خدمات الاتصالات والإنترنت near المناطق الحدودية.
تطوير الإطار التشريعي
وختم الدكتور الدقر بالقول ولا ننسى أهمية تبسيط إجراءات الدخول عبر المعابر الحدودية وتسهيل منح التأشيرات و• تقديم حوافز استثمارية للشركات السياحية العاملة في المناطق الحدودية و• وضع معايير واضحة لتصنيف وتقييم الاستراحات الحدودية.
ولتنمية الموارد البشرية لابدّ من العمل على إطلاق برامج تدريب للكوادر السياحية بالتعاون مع جامعات وكليات متخصصة و• تأهيل المرشدين السياحيين المتخصصين في المنطقة الحدودية. و• تدريب العاملين على اللغات المستخدمة في الدول المجاورة.وأخيراً تعزيز التسويق والترويج و إنشاء مراكز معلومات سياحية عند المعابر الحدودية وتوزيع كتيبات وخرائط مجانية للسياح عند الدخول و تعميق التعاون مع شركات السياحة في الدول المجاورة لتسويق الوجهة السورية
أرقام ومؤشرات
وتجدر الاشارة إلى أنّ سوريا تشهد حالياً نمواً أولياً بنسبة 15% في أعداد السياح في النصف الأول من الحالي و معظمهم من دول الجوار (لبنان، العراق، الأردن)، ما يخلق بيئة مناسبة لتنمية سياحة الاستراحات الحدودية . كما تشير البيانات إلى وصول أعداد القادمين إلى سورية حتى نهاية الشهر الخامس من عام 2024 إلى 780 ألف شخص، منهم 704 آلاف عربي، ما يؤكد أهمية التركيز على تلبية احتياجات هذه الشريحة الكبيرة من خلال تطوير الاستراحات الحدودية .